الدكتورة عداله جرادات ، لن نغادر

شاعرة الفكر الثوري والإحساس الأرضي والعشق المكاني
عدم مغادرة الثوابت المكانية يجسد الانصهار بين الإنسان والأرض
كلمات تصرخ تحت أمواج الاحتلال
عصمت شاهين دوسكي

مفهوم الفكر الثوري يجسد صورة الثوابت التي لا يمكن مراهنتها وتغيرها بأي شكل كان ، خاصة حينما يتعلق الأطر الشعري بالأرض عبر تاريخ عميق لمسيرة شعب ما زال يعاني بين الوجود الحقيقي والوجود الفرضي ، الأديبة الشاعرة الفلسطينية الدكتورة عداله جرادات غنية عن التعريف فهي بصورها الشعرية تناغم بين مفهوم فكر الثورة وثورة الفكر العصري الذي يعبر الأول عن تغيير المنظومة المؤسساتية ويدل المفهوم الثاني على تغيير بعض مبادئ وأسس المنظومة الثقافية والفكرية للمجتمع، فعلاقة الإنسان بالمكان جذري ولا يمكن قلعه بسهولة ومغادرته لأي سبب فالإصرار على عدم مغادرة الثوابت المكانية ، النفسية والروحية والفكرية يجسد الانصهار بين الإنسان والأرض ” لن نغادر سماء. الوطن ، مادام الجليل والبحر بأمواجه يسامر ” تجسد تجديد الفكر واتخاذ منهج جديد ومفاهيم جديدة ، فالمكان له الأثر الأقوى والأرسخ في المجتمعات ، ثورات الربيع العربي لم تأتي بالربيع في أغلب الأماكن بل ربما دمرت مجتمعات وخلفت حروبا ودمارا وجهلا وانهيارا وفسادا لا تقوم له قائمة من تشريد وتهجير وقتل واغتصاب وبيع نساء وأطفال تارة باسم الدين وتارة باسم الحرية وحقوق الإنسان التي لا تقارن بين ثورات التاريخية بل تعيد نفسها ، ففي التاريخ المعاصر تبرز مثلا الثورات الفرنسية في 1789، والبلشفية 1917، والصينية 1949. وهذه الثورات كان الهدف منها ليس فقط تغيير الحكم وأدواته، واستبداله بأفراد ومؤسسات مختلفة، ولكن الهدف منها كان تغيير خريطة المجتمع ومعتقداته الفكرية والسياسية، الفرق بين تلك الثورات والثورات الربيع العربي ، الأولى نهضت والثانية مازالت خامدة ، ورغم كل هذا يبقى المكان ” الوطن ” النور الذي لا بد منه الذي تجسده الشاعرة عداله ، بقولها ” باقون نحن للدهر ، كأشجار السنديان ،والزيتون لها نجاور ” هذا الإصرار ليس غريبا فالشاعرة عداله جرادات ابنة فلسطين من مدينة الناصرة خالها الأديب مطلق عبد الخالق يزبك وهو من الأدباء المعروفين في سنوات الثورة بفلسطين شهيد الوطن ، الجذور عميقة لا تقلعها أي ريح عاصفة . ترسخ هذا المفهوم في قصيدتها ” لن نغادر ” وهي كلمات تصرخ تحت أمواج الاحتلال.


(( لن نغادر
سماء. الوطن
مادام الجليل والبحر
بأمواجه يسامر
لن نغادر
موانئ العشق
وشبابيك الانتظار
لها أزهر اللوز
وحكايات للهوى تغامر
باقون نحن
للدهر
كأشجار السنديان
والزيتون لها نجاور ))

نلاحظ الارتباط بين لن نغادر رغم الألم والغربة الروحية والمنفى النفسي من خلال الدلالة المضمونة للفعل ” نغادر ” والذي يوحي مدى لحظة المغادرة واللحظة التأكيدية ” لن ” بعدم المغادرة لاستعادة المكان ” الوطن ” إذا القيمة الجوهرية لعدم المغادرة تظهر من خلال تصور المغادرة تعني الإنسان يكون بلا ” سماء ، وطن ” على اعتبار إن المغادرة تعني حركة بين ثابت وتحرك مجهول ، الذي يغير أشكالا وتعتبر أحد آلام الإنسان الفلسطيني ، وفي تجليات الأواصر الثابتة بين المكان والإنسان يطرأ هذا التجانس الشعوري القوي ، الحب ، الحب الذي يمتزج مع ذرات التراب ويذوي مع أوردة العشب وتغدو الأحلام كأحلام الرياح التي تكون بحجم الكون ، فالبيئة التي نعيش فيها قد تكافئنا أو تعاقبنا بقدر محبتنا لها ، فهي تتمكن من امتصاص الطاقة الايجابية الحيوية المحيطة بنا وكذلك الطاقة السلبية ، فإن توافقت الأحاسيس البصرية و السمعية و الفكرية و اللمس والإحساس ساهم ذلك في تكوين انطباعاتنا ومداركنا لفهم العالم الطبيعي بالإضافة إلى الظروف الثقافية و الاجتماعية فهي تساهم أيضا في تكوين مداركنا و مفاهيمنا عن المكان المحيط بنا ويزيد هذا المفهوم الضمني إلى مدى إدراكنا للحب الذي نحمله للمكان ،
(( نحبك
ترابٌا ، عشبٌا
كأحلام الرياح
بحجم الكون
مع الوجد
باقون
لن نغادر
بين وطن ومهجر ))
إنها ملحمة أرض ، أسطورة بقاء ، مهما كانت الرياح صاخبة ، نضال وجودي فكري ثقافي مهما كان النزف عائما ، فالإحساس بالمكان شبيه بديمومة الحياة ، بصلة الجسم مع عظامه فلا يمكن فصلهما وحتمية أكون أو لا أكون تعبر حدود الوجود المكاني لتكون أكثر شمولية إنسانية ثورية ، ومن خلال الأبحاث الحديثة يتبين أن الإنسان الذي يعيش حياة غير مستقرة ، غير متوازنة ، مضطربة ، يغلب عليها الفوضى والضبابية والبعثرة يكون السبب بضعف أو نقصان الطاقة الحيوية التي بدونها يحصل الجمود وعدم التوازن ، فكيف إذا كان بوطن ومكان غير مستقر ؟
الشاعرة عداله جرادات تعتبر شاعرة الفكر الثوري والإحساس الأرضي والعشق المكاني تصر على الوجود وعلى التكوين الذاتي والفكري مهما كانت الأطر الإنسانية صعبة في قصيدتها ” ملحمة أرض ” التي تتجلى عوالم ” شعبي ينزف – برج الإصلاح ” و جدل ” تكونون – لا تكونون ” صور مرتبطة بين النزيف الداخلي والإصلاح الداخلي التي تجسد من خلالهما ” تكونون ” التكوين السليم أو ” لا تكونون ” التيه والنفي والغربة ، نقاط وصور متقابلة متساوية ولكن من حيث الدلالة غير متساوية إذ كلاهما ينتمي إلى عالمين متضادين بعيد عن الآخر .
(( رياح صاخبة
كل النضال
فصول تمضي وشعبي ينزف قدر
الوشاح
قلت.. تكونون
أو لا تكونون
للغد نبني برج الصلاح )) .
كل العناصر التي حولنا لها تأثيرها الخاص بنا مثل النار ، الماء التراب ، المعدن ، الخشب ، ايجابيا وسلبيا والتحول إلى التأثير الإيجابي مهم لأنه يولد طاقة فكرية ، حيوية ، إبداعية ، فمن يهدم ويقتل ويقلع ويحرق ويسرق ويغتصب تؤثر في هذه العناصر المذكورة وبالتالي تعكس على وجودنا ومشاعرنا وضمائرنا ، فإن سلب المكان بكل جزئياته ترتفع مشاعر القلق والارتباك والحيرة وتذوي الطاقة الايجابية الإنسانية ، إن الأبحاث العلمية أكدت على أن المفاهيم حول طاقات الإنسان الدماغية أيضا لها دور فعال في الانسجام أو عدمه مع محتويات المكان فالبدائل لا تكون أبدا مثل المكان الأصلي ، وحينما تجسد الشاعرة عداله صور الجنود تؤكد على وجود المآسي والتخريب والتدمير التي تؤثر على طاقات الإنسان الإيجابية .

(( قالوا جنود
نحن نهدم صرح الولاء
فجر يلوح قبيل الصباح
نقتل ..نقلع.. نحرق.. طفولة
نسرق منكم بيوت الله
لنا تباح )) .

إن وجودك في المكان يعطي انطباعا خاصا للمكان مثلا وجود أحواض الورود والأزهار يعطي انطباعا جميلا للنظر ووجود مكتبة يعطي انطباعا للمطالعة والثقافة وهكذا باقي الأشياء المنظمة المنسقة ولكن عندما يكون حدود المكان مقيدا ، سجنا ، يحتاج إلى تحرر انطلاق من السجن والقتل والغدر ، عشقا ، وثورة للحياة .
(( حدود أمامك قيود ..سجن اكبر
تقدم للبيت …كن نسر الصباح .
جمعوا العظام ..
سجنوا الشهيد.
قتلوا الرضيع غدروا الرياح
فلسطين أمي عشقك بدمي
رياحك ثوره كوني
اليوم وعد الكفاح )) .
الشاعرة عداله جرادات بأسلوبها المميز وتوجهها الخاص نحو إدراك فعل المكان الذي يكون خلاقا وبين التكوين المتجدد المعاصر من مفاهيم فكر ثورة روحية وفكرية تنطلق ببعديها النظري والعملي لتجدد بأسلوب راقي أبجدية النضال والإصرار والحب والجمال الروحي ، تستوحي من خلال الصور الشعرية ديمومة الوجود وديمومة المكان مهما كانت العوالم المضادة .
**********************
عداله أحمد يزبك جرادات
من فلسطين /مدينه الناصره
تاريخ الميلاد 11/ 8 / 1953
المهنه محاضره في علم التربية وعلم النفس لقب أول من حيفا لقب ثاني تل أبيب لقب ثالث تل أبيب _ بوسطن أمريكا تخصص معالجه. العلاج الإبداعي التعبيري
Expiration therapy
عملت مفتشه بوزارة التربية والتعليم لواء الشمال 34 عام متقاعدة أقوم بأعمال إنسانيه وتطوعيه بمخيمات العودة ، كاتبه وأديبه إصداراتي. . الأول ;عطر التراب الثاني; دموع العداله الثالث العلاج بالإبداع والتعبير الرابع; شعر ونثر عطش الياسمين الخامس ;المخيمات مفتاح الأمن والسلام السادس ;تورد السحاب بالعربية وترجم للانجليزيه السابع ; صوتي والسماء .
عضو اتحاد أدباء الكرمل _حيفا مشاركات في عشرات الندوات على مستوى الوطن وخارجه سفيره السلام للأجل السلام والأمان مشاركه في معارض الكتب دوليا … وغيرها من أعمال متعددة .

About عصمت شاهين دو سكي

- مواليد 3 / 2 / 1963 دهوك كردستان العراق - بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر ، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية . - عمل في جريدة العراق ، في القسم الثقافي الكردي نشر خلال هذه الفترة قصائد باللغة الكردية في صحيفة هاو كارى ،وملحق جريدة العراق وغيرها . - أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل - حاصل على شهادة المعهد التقني ، قسم المحاسبة - الموصل - شارك في مهرجانات شعرية عديدة في العراق - حصل على عدة شهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية ومنها شهادة تقدير وإبداع من صحيفة الفكر للثقافة والإعلام ، وشهادة إبداع من مصر في المسابقة الدولية لمؤسسة القلم الحر التي اشترك فيها (5445) لفوزه بالمرتبة الثانية في شعر الفصحى ، وصحيفة جنة الإبداع ، ومن مهرجان اليوم العالمي للمرأة المقام في فلسطين " أيتها السمراء " وغيرها . - حصلت قصيدته ( الظمأ الكبير ) على المرتبة الأولى في المسابقة السنوية التي أقامتها إدارة المعهد التقني بإشراف أساتذة كبار في الشأن الأدبي . - فاز بالمرتبة الثانية لشعر الفصحى في المهرجان الدولي " القلم الحر – المسابقة الخامسة " المقامة في مصر " . - حصل على درع السلام من منظمة أثر للحقوق الإنسانية ، للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان .في أربيل 2017 م - حصل على شهادة تقديرية من سفير السلام وحقوق الإنسان الدكتور عيسى الجراح للمواقف النبيلة والسعي لترسيخ مبادئ المجتمع المدني في مجال السلام وحقوق الإنسان أربيل 2017 م - حصل على درع السلام من اللجنة الدولية للعلاقات الدبلوماسية وحقوق الإنسان للجهود الإنسانية من أجل السلام وحقوق الإنسان . أربيل 2017 م . - عدة لقاءات ثقافية مع سفيرة الإعلام فداء خوجة في راديو وار 2017 م . - أقامت له مديرية الثقافة والإعلام في دهوك أمسية أدبية عن روايته " الإرهاب ودمار الحدباء " في قاعة كاليري 2017 م - تنشر مقالاته وقصائده في الصحف والمجلات المحلية والعربية والعالمية . - غنت المطربة الأكاديمية المغربية الأصيلة " سلوى الشودري " إحدى قصائده " أحلام حيارى " . وصور فيديو كليب باشتراك فني عراقي ومغربي وأمريكي ،وعرض على عدة قنوات مرئية وسمعية وصحفية . - كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء الأدب الكردي - كتب مقالات عديدة عن شعراء وأدباء المغرب - كتب مقالات عديدة عن شعراء نمسا ، (( تنتظر من يتبنى هذا الأثر الأدبي الكردي والمغربي والنمساوي للطبع . )) . - كتب الكثير من الأدباء والنقاد حول تجربته الشعرية ومنهم الدكتور أمين موسى ، الدكتورة نوى حسن من مصر الأديب محمد بدري، الأديب والصحفي والمذيع جمال برواري الأديب شعبان مزيري الأستاذة المغربية وفاء المرابط الأستاذة التونسية هندة العكرمي والأستاذة المغربية وفاء الحيس وغيرهم . - عضو إتحاد الأدباء والكتاب في العراق . - مستشار الأمين العام لشبكة الأخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية . - صدر للشاعر • مجموعة شعرية بعنوان ( وستبقى العيون تسافر ) عام 1989 بغداد . • ديوان شعر بعنوان ( بحر الغربة ) بإشراف من الأستاذة المغربية وفاء المرابط عام 1999 في القطر المغربي ، طنجة ، مطبعة سيليكي أخوان . • كتاب (عيون من الأدب الكردي المعاصر) ، مجموعة مقالات أدبية نقدية ،عن دار الثقافة والنشر الكردية عام 2000 بغداد . • كتاب ( نوارس الوفاء ) مجموعة مقالات أدبية نقدية عن روائع الأدب الكردي المعاصر – دار الثقافة والنشر الكردية عام 2002 م . • ديوان شعر بعنوان ( حياة في عيون مغتربة ) بإشراف خاص من الأستاذة التونسية هندة العكرمي – مطبعة المتن – الإيداع 782 لسنة 2017 م بغداد . • رواية " الإرهاب ودمار الحدباء " مطبعة محافظة دهوك ، الإيداع العام في مكتبة البدرخانيين العام 2184 لسنة 2017 م . • كتب أدبية نقدية معدة للطبع : • اغتراب واقتراب – عن الأدب الكردي المعاصر . • فرحة السلام – عن الشعر الكلاسيكي الكردي . • سندباد القصيدة الكورية في المهجر ، بدل رفو • إيقاعات وألوان – عن الأدب والفن المغربي . • جزيرة العشق – عن الشعر النمساوي . • جمال الرؤيا – عن الشعر النمساوي . • الرؤيا الإبراهيمية – شاعر القضية الآشورية إبراهيم يلدا. • كتب شعرية معدة للطبع : • ديوان شعر – أجمل النساء • ديوان شعر - حورية البحر • ديوان شعر – أحلام حيارى • وكتب أخرى تحتاج إلى المؤسسات الثقافية المعنية ومن يهتم بالأدب والشعر لترى هذه الكتب النور في حياتي .
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.