كان للأنباط شريعة يسمونها “خليقة” وردت في بعض نقوشهم المتعلقة بالميراث.. وقد تحدث عنها بعض المؤرخين الذين عاصروهم وعايشوهم وبعض أركانها تحريم الخنزير، و الاغتسال بعد الجماع، وعدم طهارة الحائض.. ولدينا دليل على أن التدمريين وهم أنباط بشكل أو بآخر كان لديهم قانون للذبح الحلال.
الخليقة هي الشريعة والفطرة الإلهية وهي كناية عن القانون والناموس والشريعة الإلهية التي كان الأنباط يعتقدون بها.
في القرآن الكريم: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً. وقرئ في الشاذ: « إني جاعل في الأرض خليقة » حكاه الزمخشري وغيره ونقلها القرطبي عن زيد بن علي.
لو أننا قارنا بين القراءة المتفق عليها (خليفة)، وبين الشاذ (خليقة) لوجدنا أن الخليقة هنا أفضل من الخليفة.. يفسر ذلك الآية التي تتلوها وهي قول الملائكة: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ.
فالخليقة تعني الشريعة والشريعة تتضمن الثواب والعقاب، وهذا يفترض وجود خاطئين ومجانبين للصواب. ولذلك يمكن فهم تساؤل الملائكة.. أما كلمة خليفة.. فلا تحتمل أي وجه سلبي، ولذلك يبدو كلام الملائكة خارج السياق.. وغير مفهوم.. رغم محاولة المفسرين وضعه في سياق منطقي.
ترجيحي الشخصي أن تغليب قراءة خليفة على قراءة خليقة.. تمت في العصر العباسي حين اخترع العباسيون فكرة الخلافة لتثبيت شرعيتهم في الحكم المشكوك فيها.