لا زال الصراع محتدما بين المؤمنين بالخلق الالهي للكون والحياة ، وبين انصار داروين والملحدين ناكري وجود الخالق المؤمنون برب جديد هو داروين ورسوله في القرن العشرين ريتشارد دوكنز .
لو افترضنا ان الكائن الحي قد يتطور تحت تأثير صراع البقاء وتأثيرات البيئة والحاجة الى مقاومة الطبيعة لأستمرارية الحياة ، وان التطور يحدث بيولوجيا للجسد فينتصب العمود الفقري ويسير الحيوان على قدمين بدلا من اربعة نظرا لحاجته الى الركض على ارض منبسطة ولا يحتاج في حياته العملية الى تسلق الاشجار ، فهل يتطور العقل ايضا ويصبح قادرا على التفكير بذكاء ويتحول الصراخ الى لغة ناطقة بحروف واضحة ثم يبتكر الكتابة والقراءة ، ويبني المساكن والمدن ويشرع القوانين ؟
لو صح ان الحياة والعقل من سمات الكون الأساسية و وِلدا من رحم الطبيعة ، يمكننا ان نتوقع انتشارهما في ارجاء الكون تماما مثلما تنتشر الكيانات الاخرى كالمجرات والنجوم والكواكب . وعلى النقيض ، لو كانت الحياة على الارض هي نتاج تفاعل كيميائي عرضي ، لا ينبع من أي مبدا عميق ، بل ليس الا نتيجة صدفة عابرة ، فمن المرجح ان لا تكون الحياة مقتصر وجودها على نظامنا الشمسي وحده .
فإن ثبت للعلماء وجود حياة باي صيغة – حتى لو ميكروبية – خارج المجموعة الشمسية فسيعني هذا ان الحياة سمة أصلية متغلغلة في الكون وانها حتمية كونية .
وإن كان ظهور الحياة على الأرض بسبب تفاعل كيميائي عشوائي ، فلابد من العثور على ادلة تشير الى ان الحياة ظهرت على الأرض أكثر من مرة واحدة.
فهل الخلية الأولى التي نشأت على الأرض كان لها ضمان البقاء والتكاثر بنسبة 100% لتستمر الحياة وتتطور الى كائنات بأنواع مختلفة الاشكال والالوان والصفات برية وبحرية وطائرة تصل الى الملايين دون ان يصيبها الفناء في بداية التكوين او اثناءه ؟
الم تتعرض تلك الخلية الأولى اللقيطة عبر ملايين السنين التي نشأت في المياه الى اسباب الفناء الطبيعية قبل ان تصبح لها القدرة على التكاثر ومن ثم تصبح كائنا كبيرا واسباب الفناء على الارض كثيرة من اختلاف درجات الحرارة بين ارتفاعها الكبير وانخفاضها الشديد ، او التعرض لفقدان الغذاء ، او الموت تسمما بالملوثات الطبيعية والاشعاعية القادمة من الفضاء قبل تكون طبقة الاوزون ؟ فهل كان لتلك الخلية مناعة لمقاومة الضروف الطبيعية ؟
ما هو الضمان لبقاء الحياة في تلك الخلية اليتيمة او مجموعة الخلايا التي تطورت منها فيما بعد ؟
الضمان لبقاء الحياة واستمرارها هو حماية خالق الحياة لها فقط وليس الطبيعة .
الطبيعة وحدها لا تحمي استمرار الحياة ان لم يحميها خالقها ، بل الطبيعة تعمل على قتل الحياة ان لم يتوفر لها من يحميها .
لقد تعرضت الارض كما يخبرنا علم الجيولوجيا والكتب السماوية الى ضروف قاسية كالطوفان العالمي وزلازل وبراكين وعصور جليدية قاتلة للحياة ونيازك مدمرة قتلت ملايين الدينصورات الضخمة وتقلبات مناخية مرعبة ، وحروب مدمرة ابادت شعوبا كثيرة ومسحت امبراطوريات من الوجود ، الا ان الحياة استمرت وتكاثرت . ورغم كل ذلك
لازالت الارض عامرة بالمخلوقات الحيوانية بمختلف انواعها تجد غذائها ، تتكاثر وتتناسل بملايين الاعداد ، وكذلك البشر فقد كانوا ثمانية افراد بعد طوفان نوح واصبحوا اكثر من سبعة مليارات انسان يعيشون الان على سطح الأرض رغم الحروب والامراض ووسائل منع الحمل . فمن المسؤول عن استمرار البقاء واستمرا الحياة بكل اشكالها ، الخالق وحده من يحميها ويحرص على بقاء الحياة الى يوم يقرره هو وحده وبأرادته .
هل الحياة هي قوانين فيزيائية أو نتيجة لها ؟
هل يمكن لظهور الحياة من المادة الغير حية ان يشبّه بعملية فيزيائية مثل بلورة حبيبات الملح او تكوين الشكل الهندسي لحبة الثلج اوتحول الماء الى بخار او ذوبان الجليد وتحوله الى سائل وهي عمليات تنتجها الطبيعة فيزيائيا ؟
الخلية الحية هي عالم عجيب للمادة ذات المحتوى المعلوماتي العالي التعقيد .
ان جينوم اصغر انواع البكتريا المعروفة يحتوي على ملايين المعلومات ، معلومات ليست مشفرة وفق قوانين الفيزياء ، فكيف دخلت تلك المعلومات الى الخلية وحفظت في نظام معقد ؟ هل الفيزياء والطبيعة هي من رتبت كل ذلك العالم العجيب ، ام هي قدرة الله الخالق للحياة ؟
هل الصدفة هي من صنعت التصميم الرائع والمعقد للعين والاذن ورتبت خلايا الدماغ ووضعت الاحاسيس والمشاعر والامومة والحنان ورعاية الصغار فيه ؟
ان المخلوقات المتشابهه في جوهر تصميمها تدل على وحدانية المصمم والصانع ، نلاحظ ان كل الفواكه لها قشرة خارجية تحمي اللب ، والانسان والحيوانات لها جلود وفراء وريش تحمي الخلايا الداخلية للجسد ، هل هذا كله ناتج الصدفة ام وحدانية الصانع والخالق ووحدانية التصميم الجوهري للمخلوقات ؟ الخالق واحد والتصميم مبني على اسس واحدة مع اختلاف الشكل. كما المهندس يصمم ويبني مختلف العمارات والابنية من قاعات وغرف ومداخل وسلالم ولكن باشكال هندسية مختلفة .
ان كانت الخلية الاولى تطورت الى خلايا اعقد واصبحت كائنات حية واسماك وطيور وزواحف و حيوانات ثديية وانسان ، فلماذا بقت الخلية الوحيدة بعد ملايين السنوات لحد الان لم تتغير او تتطور كالبكتريا او خلية الفيروس مثلا ؟