جهاد علاونة
ولم يكن صدق الرسالة الإسلامية سببا في انهزام الفرس الأكاسرة أمام جيوش المسلمين بل لأسباب أخرى يعلمها المؤرخون سنرويها هنا ….كان من رأي القائد العسكري الفارسي (رستم) أن لا يواجه جيش المسلمين في القادسية وحاول إقناع كسرى يزدجرد بأن هذا الجيش لديه حماس قوي لأنه مُنظم لأول مرة ومدفوع هذا الجيش بحماس من الجوع والفقر وهذه بداية المسألة وليست نهايتها أي أن رأي رستم يقول بأن هذا الجيش مخدوع ومكذوب عليه بحياة أخرى كلها حوريات ونساء وأنهار من خمر للذي يموت شهيدا هذا عدى النزاعات الداخلية في المدائن عاصمة الأكاسرة على عرش كسرى,ولكن كسرى يزدجرد لم يقبل بنصيحة رستم وحث رستم على التحرك فتحرك جيش رستم بعد مكوث جيش المسلمين أربعة أشهر وهم ينتظرون بداية المعركة ,هذا غير عدم استقرار الوضع السياسي على عرش الأكاسرة والخلافات الداخلية بين القادة لعبت دورا مهما في تثبيط الهمة والعزيمة وتدني مستواها وكانت معنويات القادة في المدائن هابطة جدا وغير عالية.
أما بخصوص دخول(طُليحة) وهجومه وحده على جيش كسرى حتى وصل خيمة رستم وقطع حبالها وأخذ خيل رستم دون أن يصاب بجرحٍ واحد,فهذا مبالغ به وليس حقيقيا وهي قصص خيالية,والذي نصر المسلمين في القادسية على الفرس هو الصراعات الداخلية بين قادة الفرس أنفسهم وكان آخر الصراعات القصة الغرامية بين (بوران) ورستم كبير القادة العسكريين وعدم الإخلاص للأكاسرة بسبب الفوضى السياسية والخلافات ومطامع القادة العسكريين الفرس في عرش كسرى,أي أن الإمبراطورية الفارسية كانت بالأصل آيلة للسقوط وكانت النزاعات السياسية تأخذ حيزا كبيرا وكان الكل مهتم بها بسبب الخلافات الداخلية والدليل على ذلك مكوث جيش سعد ما يقرب من أربعة أشهر حتى أتم الفرس استعداداتهم للمواجهة في القادسية فلم يكونوا مستعدين تمام الاستعداد وكانوا يواجهون كثيرا من المشاكل العالقة وكان أبناء الأكاسرة يختبئون في ضواحي المدن والقرى الفارسية خوفا على أنفسهم من القتل,وكانت بلاد الفرس( وعاصمتهم المدائن ترضخ لكثيرٍ من الضغوطات وتعمها الفوضى وهذه الظاهرة استفاد منها المسلمون بشكل مباشر واستغلوها أفضل استغلال ولو كان النظام السياسي مستقرا لقام الفرس على الفور بتجهيزاتهم للحرب في خلال أيام معدودة,ولو حاول المسلمون أو لو ظهر الإسلام قبل هذا التاريخ ب100عام فإنهم لن يستطيعوا دخول المدائن ومحاربة الأكاسرة ولكن لعب الحظ مع الإسلام دورا كبيرا أكثر وأكبر من المهارة في القتال وقوة الإيمان,حتى أن الحروب التي خاضها خالد بن الوليد مع الأكاسرة في الأبلة والولجة ونهر الدم والحيرة كانت أيضا تلعبُ فيها الحظوظ دورا كبيرا ولم يقاتل الفرس فيها كما يجب أو كما وصفهم المؤرخون المسلمون بل كانوا يتعمدون هزيمة قواتهم نكالا ببعضهم البعض,وكان قادة الفرس أنفسهم يتآمرون على أنفسهم ويضعفون جيوشهم عن عمد وعن قصدٍ منهم وكانوا يتأخرون بالإمدادات بدليل أن كسرى يزدجرد نفسه لم يرسل قواته الخاصة مع رستم لقتال المسلمين خوفا على نفسه في المدائن من الطامعين به وبملكه,وكان رستم يعشق(بوران) عمة يزدجرد تلك المرأة التي تولت العرش فترة من الزمن وهي نفسها التي قال فيها محمد بعد أن وصله خبر توليها عرش كسرى(لا أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وكانت تجلس إلى جانب يزدجرد على العرش وتشاركه حكمه وكان لها تأثير كبير عليه,أما رستم العاشق ل(بوران) كان يعلم أن بوران لن تتزوجه وكان يقول لها قُبيل وداعه لها للالتحاق بالحرب:أنا لن أعود..أنا أحبك..,كان رستم يطمح بعد الانتصار على المسلمين من ان تقبل به بوران زوجا ولكنها صرحت له بأنها لن تقبل به زوجا لأنه ليس من سلالة الأكاسرة,لذلك رستم لم يخلص في حربه ضد المسلمين ل يزدجرد والحظ لعب مع المسلمين دورا كبيرا.