الحركة التكفيرية الاسلامية – 2 –

safielyaseriلا اقصد في ما اورد من جرائم ضد الانسانية بسبب تكفير الاخر ادانة مرتكب الجريمة قبل ادانة الجريمة نفسها ودوافعها وذرائعها ،لذا ارجوا لا يفسر ذكري بعض الشخصيات الاسلامية بانه بحث عن ادانتها لاي سبب يمكن ان اتهم به غير التسجيل التاريخي لبيان جذر الحركة التكفيرية الاسلامية راهنا ،والتكفيريون اليوم هم الذين اتخذوا تقديس التكفيريين الاوائل نبراسا لهم ،نفي القداسة عن هؤلاء واولئك هي الخطوة الاولى في تجريم التكفير والتكفيرية والتكفيريين .
حفلت حروب خالد بن الوليد التي تجاوزت المائة معركة لم يهزم في واحدة منها بشتى ضروب الوحشية واللاانسانية في قمع الاخر بتهمة الارتداد والكفر ومخالفة سلطة الدولة الاسلامية وفي معارك الفتوحات ،وابرز ما حفظه لنا التاريخ عن تلك الوحشية ما جرى في معارك حرب الرده فبعد وفاة الرسول، انتفضت معظم القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف والقبائل المجاورة لمكة والمدينة والطائف على سلطان أبي بكر الخليفة المنتخب للمسلمين. اختلفت أسباب الانتقاض، فمنهم من ارتد عن الدين الإسلامي، ومنهم من ظل على دين الإسلام مع رفضهم أداء فريضة الزكاة، ومنهم من التف حول مدعي النبوة في القبائل العربية.
وقداستغل مانعو الزكاة من قبائل عبس وذبيان وغطفان خروج بعث ( جيش ) أسامة بن زيد الذي كان قد أوصى به الرسول قبل وفاته، وحاولوا مهاجمة المدينة. وبعد أن استطاع الخليفة صد الهجوم، وإرساله من يطارد فلول المنهزمين. عقد أبو بكر أحد عشر لواءً، لمحاربة المرتدين ومانعي الزكاة في جميع أرجاء جزيرة العرب ،وقد أمّر أبو بكر خالد بن الوليد على أحد تلك الجيوش بما قوامه 4,000 مقاتل، ووجهه إلى إخضاع طيئ ثم محاربة مدعي النبوة طليحة بن خويلد وقبيلته بني أسد، ثم التوجه لإخضاع بني تميم. إلا أنه وقبل أن يتحرك الجيش، وصل عدي بن حاتم الطائي بأموال زكاة طيئ، لتنضم بذلك طئ لجيش خالد.
اجتمعت قبائل أسد وفزارة وسليم وفلول عبس وذبيان وبكر حول طليحة بن خويلد الذي ادعى النبوة، فتوجه إليهم خالد بجيشه، واشتبك معهم في بُزاخة، وهزمهم وفرّ طليحة إلى الشام.
أمر خالد بعد ذلك بمطاردة فلول المنهزمين، ثم ((أمر بإحراق الأسرى بالنيران ونكّل بهم،)) وتلك كانت واحدة من ابشع جرائم خالد بن الوليد ، وهو اجراء مخالف صريح لتعاليم التبي محمد بوجوب حسن معاملة الاسير ،لكنه استند الى تكفير هؤلاء ليبيح لنفسه معاملتهم بتلك الوحشية المرعبة ،والتكفيريون بطبيعتهم وحشيون يجدون في تكفير الاخر ما يمنحهم الحرية في التعامل معه كما يريدون دون رادع من ضمير او انسانية ، واحراق البشر احياء بذريعة الردة او الكفر كما فعل خالد بن الوليد، تفعله داعش اليوم بابناء المناطق التي تحتلها بعد اتهامهم بالارتداد وتكفيرهم كما فعل بن الوليد.
بعد ذلك ارتكب بن الوليد غلطته التي اثارت العديد من المسلمين ضده حيث قتل مالك بن نويره بعد تكفيره وفي نفس ليلة مقتله، تزوج من أم تميم ليلى بنت المنهال زوجة مالك، وهو ما أنكره العديد من الصحابة، حتى أن أبو قتادة ترك الجيش وعاد إلى المدينة مقسمًا ألا يجمعه لواء مع خالد بن الوليد.
واستنكر الصحابة في المدينة فعل خالد، وأرسل أبو بكر في طلبه .
كان عمر بن الخطاب ممن أغضبه فعل خالد، حتى أنه طلب من الخليفة أن يعزل خالدا، إلا أن أبو بكر رفض ذلك، قائلاً: “ما كنت لأشيم سيفًا سلّه الله على الكافرين”ويعد البعض حماية خالد نوعا من القبول بما ارتكبه ،مع ان ابو بكر عنّف خالدًا على فعله، ثم صرفه إلى جيشه، وودي مالكًا وردّ سبي بني يربوع.
والهاجس الجنسي ليس بجديد على التكفيريين فعلى خطى خالد في سبي نساء المرتدين والدخول بهن بذريغة سقوط عقد نكاح المرتد ،يسير تكفيروا داعش وقريناتها من التنظيمات التكفيرية التي اباحت الاستمتاع بالمسبيات ،كما فتحت باب جهاد النكاح ،وهو ما لم يفعله المسلمون على اختلاف مذاهبهم .
وقبل خوضه معارك اليمامه قاتل بن الوليد بني حنيفة واوقع به مجزرة في حديقة الرحمن التي سميت بعد ذلك حديقة الموت ،ولكنه ادراكا منه لانهاك جيشه صالح حصون اليمامه بوساطة اسيره مجاعة بن مراره الذي حمى زوجة خالد ام تميم حين وصل بنو حنيفة فسطاطها بداية المعركة فحفظها له خالد وامضى صلحه مع اهل اليمامة لكنه طالبه بالثمن – ان يزوجه ابنته – فوافق مجاعة ،وقد اثبت خالد بهذه الزيجة انه لا يحترم دماء رجاله الذين قاتلوا معه ، وان هاجسه الجنسي اقوى من كل الاعتبارات ،واذا كان تكفيريوا اليوم يقدمون على الانتحار للحصول على جوائز الاخرة من الحور العين فان خالدا فضل الجائزة في الدنيا بل وحتى في ساحة المعركة ودون انتظار العودة الى الديار ،وهو ما اغضب الجميع وبضمنهم عمر وابو بكر وكبار الصحابه ، لأنه لم يختر الوقت المناسب لذلك، فقد كانت المدينة في حالة حزن على فقدانها لألف ومائتي شهيد من اهلها بينهم 39 من حفظة القرآن الكريم،وهو ما استدعى جمعهم للقرآن.
وقد أرسل أبو بكر لخالد فعنّفه أشد مما عنفه يوم زواجه من أم تميم.
وفي معارك فتح العراق ارتكب خالد جريمة دموية بشعة اخرى.
وكانت أول معارك خالد في العراق أمام جيش فارسي بقيادة “هرمز” في معركة ذات السلاسل. في بداية المعركة، طالب هرمز أن يبارز خالد، وكان قد دبّر مكيدة بأن يتكاتل عليه جنده فيقتلوه، فيفتّ ذلك في عضد المسلمين فينهزمون. لم يعط هرمز خالد حق قدره، فقد قتله خالد قبل أن تكتمل المكيدة، وأدرك القعقاع جند الفرس قبل أن يغدروا بخالد، ليثبت بذلك للمسلمين صحة وجهة نظر الخليفة فيه. بعد ذلك، شدّ المسلمون على الفرس وهزموهم، وأمر خالد المثنى بمطاردة الفلول استمر المثنى يطارد الفلول، إلى أن ترامى إلى أذنه زحف جيش آخر بقيادة “قارن بن قريانس”، فأرسل إلى خالد، فلحقه خالد بالجيش، والتحم الجيشان وللمرة الثانية يهزم جيش خالد جيشًا فارسيًا ويقتل قادته في معركة عرفت بمعركة المذار.
أدرك الفرس صعوبة موقفهم، فقرروا أن يستعينوا بأوليائهم من العرب من بني بكر بن وائل، والتقى الجيشان في معركة الولجة والتي استخدم فيها خالد نسخة مطورة من تكتيك الكماشة، حيث استخدم مجموعتين من الجند ليكمنوا للفرس. استثارت الهزيمة غضب الفرس وأولياءهم من العرب، فاجتمعوا في أُلّيس بجيش عظيم، واشتبك معهم جيش المسلمين في معركة عظيمة تأرجحت وطالت بين الفريقين، فتوجه خالد بالدعاء إلى ربه، ونذر أن يجري النهر بدماء أعدائه إن انتصر المسلمون. في النهاية، انتصر المسلمون وفر الفرس والعرب، وأمر خالد بأسرهم، ليبرّ بنذره. ثم أمر بحبس النهر، وضرب رقاب الأسرى ثم أجرى النهر فتحوّل دمًا.

About صافي الياسري

كاتب عراقي في الشأن الإيراني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.