الحرب 2

jihadalawnaمن ناحية الكم شعر وأدب الحب أكثر وأكبر من شعر وأدب الحرب, ومن ناحية الكيف شعر وأدب الحب والغزل والرومانسيات أفضل من الشعر والأدب الذي قيل في المعارك ووصف الحروب, وهذا يدل دلالة واضحة أن الإنسان البدائي وحتى عصر النهضة كان أكثر ميلا للسلم منه إلى الحرب, ويدل ذلك على أن الشعراء كان لديهم الحماس للحب أكثر من حماسهم للحرب, حتى ظهر العصر الحديث وتطورت صناعة المعادن,إن غياب الحرب ورغبة البشر في تطوير الأسلحة الحربية منذ فجر التاريخ إلى بداية عصر النهضة كانت هي السبب في عدم تقدم العلوم وخصوصا في مجال صهر المعادن وتطوير المدافع, فأغلب المخترعات البشرية وضعت في البداية لأغراض عسكرية وليست مدنية وهذه مسألة جدلية ومن الممكن أن نقول أن أغلب المخترعات كانت مخترعات حربية والباقي كانت سلمية زراعية ومن أدوات الصيد, فمن أدوات الصيد اخترع الإنسان الرمح والقوس ومن ثم من الأدوات الزراعية اخترع باقي المخترعات لأهداف زراعية ومن ثم استعملها لأغراض عسكرية وتبقى هذه المسألة مسألة ديالكتيكية جدلية على أنني نأخذ بالحسبان من أن الإنسان الذي نقول عنه اليوم كان متخلفا كان في حقيقة الأمر أكثر إنسانية منا ولم يكن ليقبل أن يقتل مليون مواطن برمية واحدة.

وما زلنا حتى اليوم نلاحظ وبشكل دقيق أن المخترعات يتم استعمالها أولا عسكريا ومن ثم يتم تطويرها وتطويعها في مجال الخدمة المدنية وهنالك مخترعات مدنية يتم شحذها أولا لأغراض مدنية ومن ثم يتم شحذ الهمم لاستعمالها عسكريا وأكبر دليل الإنترنت الذي نستعمله حاليا, لم تكن لدى البشر رغبة عارمة في تطوير أسلحة فتاكة ومدمرة كانت أخلاقهم وهي أخلاق الفرسان تمنعهم من ذلك ولكن هذا ساهم في تخلف البشرية وعدم التقدم في مجالات العلوم المدنية أو العسكرية أولا ومن ثم المدنية وبقيت شعوب الأرض متخلفة صناعيا وحضاريا إلى بداية انتشار سباق التسلح على المدافع والبنادق والمسدسات والبواريد, وفي أغلب الدول تتقدم المنشئات العسكرية على المدنية ونجدها متطورة عن المدنية أي أكثر منها وما زالت في الدول العربية تعتبر المؤسسات العسكرية صروحا قوية أقوى من الصروح المدنية وخصوصا في مجال الطب وبناء الجامعات وحشوها بالطلاب من أبناء العسكريين,وكذلك كان الخوف من العبودية والخوف من الشتات ومن ترميل الناس ظاهرة يصعب تفسيرها أو لنقل أنها ظاهرة أوقفت العلم دون الرغبة في التقدم العسكري ومن ثم المدني, إن العبودية والخوف منها لم تصنعها الحضارات القديمة ,لقد ذهل العالم(نابير) مكتشف اللوغاريتمات وصاحب المخترعات الحربية الكثيرة من نتيجة ما اخترعه حينما شاهد كل ذلك على أرض الواقع وهذا قبل أن يأتي(نوبل) ويندم على اختراعه للديناميت الذي تسبب بقتل الملايين من الأبرياء والمساكين أولئك الجنود الذين يقتلون جنودا لا يعرفونهم وليس بينهم أي خلاف لصالح قادة عسكريين يعرفون بعض حق المعرفة والضحية هو المواطن العادي الذي يرضى لأي سبب ويزعل ويغضب لأتفه سبب, كان بحق الإنسان الحجري الأعلى والإنسان الحجري الأدنى(35000-7000) فبل الميلاد أكثر طيبة ورحمة من الإنسان المتحضر هذا اليوم, صحيح أن الإنسان تقدم صناعيا وحربيا ولكنه دفع ثمن كل ذلك من أجساد الأبرياء ودمائهم ومن صراخ وعويل الحزانى والثكلى من الأرامل, لقد طورت الحروب الصناعات ولكنها أفسدت براءة الإنسان, وخصوصا أبشع أنواع الحروب التي قامت لأسباب دينية, إن الذين يموتون سنويا بالسرطان أقل بكثير من الذين يموتون بالحروب الدينية ومع ذلك يسعى الإنسان جاهدا لعلاج السرطان ولا يسعى جاهدا لعلاج الدين.

في سنة 1615 نشر دي كاوس بحثه العلمي عن تمدد البخار مما يعزي إليه كثير من العلماء اختراعه للمحرك البخاري,لقد أصبح الخراب الذي يسببه السلاح الجديد وهو المدفعية في عصر النهضة في تدمير البشرية لا تفيد معه أساليب التضميد القديمة كما أصبحت الأسلحة القديمة أيضا لا تفيد في الدفاع عن الدول والمدن والقرى, فلم يعد الفأس ينفع في الوقوف أمام المدفع ولا السهام قادرة على صد هجوم البنادق والمسدسات, ولصد الهجوم تم بناء الحصون الجديدة والقوية على المبدأ القائل: الهجوم أفضل وسيلة للدفاع, وتم بناء الحصون لوضع المدافع عليها وازداد الطلب على المعادن والباروود بشكل ملحوظ وظهرت في منتصف القرن السادس عشر ظاهرة سباق التسلح لأول مرة في التاريخ وكانت تعتبر فرنسا وهولندا أفضل الدول التي طورت بناء الحصون لصد هجوم المدفعية ولرمي العدو من عليها بالمدفعية ويعتبر العالم(جان فيرار-1555-1610) المؤسس الأول لمدرسة الدفاع الفرنسية.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.