الحب والقتل في مجتمعاتنا العربية

womviolهنا في مجتمعاتنا المتخلفة يرتبط شرف الرجل بشرف أخته أو زوجته,أي أن شرف الرجل مرتبطٌ بشرف المرأة فيقتل الرجل أخته دفاعا عن شرفه ومن الملفت للانتباه أنه يقتلها من أجل قبلة أو من أجل رسالة غرامية, ولكن شرف المرأة لا يرتبط بشرف الرجل فلا يسمح الناس للمرأة أن تقتل أخوها دفاعا عن شرفها , ومهما فعل الرجل لا (تُعير) المرأة بأخيها أو زوجها ولكن المجتمع يعير الرجل بأخته وزوجته فيقال له: يا زوج القحبة أو العاهرة, ولا يقولون للمرأة: يا زوجة العاهر, في المجتمع الذي أعيش فيه هنالك الكثير من العجائب ومن المُفارقات, فمن الطبيعي جدا أن يضرب الرجل زوجته في فراش الزوجية وأن تلعن الملائكة زوجته من أول الليل إلى أول الصباح إذا دعاها للفراش وأبت عليه إن كانت متعبة أو إن كان مزاجها لا يسمح لها بذلك, ومن الطبيعي أن يضرب الرجل زوجته في الشارع وأمام كل الناس وعلى مرأى من أهلها ومن أمها وأبيها وإذا اعترض أي أحدٍ على هذا التصرف وعلى هذا السلوك المزري الكل يطالبه بالسكوت لأن ضرب المرأة واجب وآية قرآنية يجب عدم مخالفتها , ولكن من غير الطبيعي أن يمسك الرجل في مجتمعنا امرأته من خصرها أمام الناس ليراقصها أو ليعلمها الرقص أو ليعلمها الحب والرومانسية, ومن غير اللائق في مجتمعنا أن يمسك الرجل زوجته من شفتيها بفمه ويديه ويقبلها قبلة طويلة أطول من سفينة نوح.

ومن الطبيعي في مجتمعنا الذي أعيش فيه أن يغازل الرجل البنات في الشوارع ويلاحقهن ومن الطبيعي أن يدخل بيوت العاهرات ويشتري الجنس بماله,ولكنه سيرتكب بعد قليل جريمة كبرى إذا اكتشف بأن لأخته عشيقا أو صديقا يحبها وتحبه أو أن يرتكب رجلٌ آخر جريمة نكراء بحق أخته أو ابنته إذا وجد في خزانتها رسالة غرامية.

ومن الطبيعي جدا أن يموت زوج المرأة وتبقى الزوجة طوال العمر أرملاً محرومة من الجنس ومن الحب والغرام والهوى, ومن غير الطبيعي أن يعيش الرجل بدون زوجة فالكل يطالبه بالزواج فلا يجوز في أعرافنا أن يعيش الرجل بدون جنس وبدون امرأة.

ومن الطبيعي في مجتمعنا أن يخرج الرجل في سهرة ليلية طويلة مع أصحابه وأصدقائه وأن يجلس على أبواب الدكاكين والمقاهي, ولكن المرأة عندنا محرومة من هذا النوع من التفريغ عن النفس والتفريج عنها فلا يسمح لأخته أو لزوجته بأن تقضي سهرة مع أصدقائها, ربما يكون السبب أو ربما يقول لي قائل بأن المرأة أسيرة البيت والعمل في البيت ورعاية الأطفال وهذا يؤثر على حريتها لأن البيت والأولاد هما من يقيدان حرية المرأة وليس الزوج, وربما أيضا أن المرأة الأرمل لا تستطيع عاطفتها ولا تسمح لها العاطفة والأمومة أن تترك أولادها لتترك بيتها وتذهب لترتمي في أحضان رجلٍ جديد بعيدا عن الأسرة والعائلة النواتية, وأنا أقول ربما هذا الكلام صحيح ولكن يجب أن تتغير نظرة العالم العربي للمرأة ويجب أن نعترف بالأب الاجتماعي الذي يأتي دوره بعد ذهاب الأب البيولوجي, وذلك لكي يتقبل الأولاد وجود رجل آخر في البيت لكي يشبع أمهم من الجنس حتى لا تعيش كل حياتها محرومة منه , فكما تضحي الأم من أجل أولادها وعادات وتقاليد المجتمع يجب أيضا أن يضحي الأولاد أيضا من أجل أمهم ويجب أن يتغير المجتمع من أجل المرأة.

من الطبيعي في مجتمعنا أن يقبل الناس بالعنف وبالإرهاب وبقطع الرؤوس وغرز الفأس في أعلى الجمجمة , من الطبيعي أن يتقبل الناس العنف ولكن من غير الطبيعي أن يتقبل الناس الحياة الرومانسية ولا يمكن أن يحتمل الآباء منظر بناتهم وهن في أحضان عشاقهن , ويقبل الناس بأن يرو منظر الدماء وهي تسيل في غزة ويسمونه صمودا وبمنظر الدم في سوريا والعراق ويسمونه دماء الشهداء الذي رائحته في السماء مثل رائحة المسك ولكنهم لا يحتملون رؤية بناتهم وهن يلبسن الملابس البحرية على الشواطئ ولا يقبلون بالحب وبالرومانسية, هنا أهلنا يعادوننا ويعاتبونني على قصيدة رومانسية ويطالبونني بأن أكون مجرما مثل قاطعي الرؤوس من أجل تطبيق شريعة الصحراء البدوية.

هنا الناس يقبلون بي ويرحبون بي لو صعدت على المنبر في المسجد وشتمت الحياة العصرية والمدنية واحتقرت ملابس النساء العصرية, ويرحبون بي لو شتمت نجوم السينما ونجوم الأفلام الرومانتيكية, ولكنهم هم من يسبني ويلعنني إذا قرؤوا لي مقالة أحرضهم فيها على التفكير وعلى طرائق التفكير وعلى استفزاز العقل من أجل التفكير, نحن نعيش في مجتمع يقدس العنف ويقدس الإرهاب, ويحتقر الحياة العاطفية والمرح والسرور والانبساط, لذلك نحن شعوب معاصرة هزمتها الحياة التقليدية, نحن نعاني من إرهاب التربية والمجتمع والدولة والكل متفقٌ علينا بأن نبقى نعيش في دوامة من العنف, ونقبل بأن نعامل الرجل معاملة غير تلك التي نعامل فيها المرأة, نسمي الرومانسية رجسٌ من عمل الشيطان غير أن القتل والعنف هو من عمل الشيطان وليس للشيطان عملٌ غير القتل والذبح والسلخ وقطع الرؤوس والأيادي والأرجل وجلد النساء ورجمهن, وهذا كله تسميه الناس شريعة الله الرحمان الرحيم, ويسمون الحب واللبس على الموضة والقبلات في الشوارع العامة أعمالا شيطانية محتقرة وبذيئة.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.