إثر إنطلاق ثورة الكرامة السورية المباركة رسميا في مظاهرة 1نيسان 2011 في بنش الغراء نبض الثورة … تم إستدعاؤنا للتحقيق في اليوم التالي … وحدث بتاريخ 2 نيسان 2011 وبعد ساعات من التحقيق معي والإستجواب في فرع الأمن العسكري – إدلب … مع رئيس اللجنة الخاصة … ثم رئيس الفرع … ثم مع اللجنة مجتمعة ُثم مع المحقق لتسجيل المحضر … حيث كنت على رأس المطلوبين والمتهمين .
العقيد رئيس اللجنة الأمنية والمسؤول المباشر عن التحقيقات – وكان تقية يكني نفسه بأبي عمر – … بوجهه الأصفر كثعبان نصيري صفوي في حالة رعب وذعر وإرتباك وبعصبية شديدة وتوتر يحاول تغطيته ويتصنع إبتسامة ثقة ومحاولة التلطف والكياسة … وضبط نفسه … وأنا منتشي بالنصر … وأستمتع بهزيمتهم في عقر دارهم … داخل فرع الأمن العسكري – إدلب … دار الحديث التالي :
هو : تفضل وقع إستاذ نبيه …
أنا : على ماذا أوقع …؟
هو : على إفادتك وأقوالك … نسخة التحقيق والتعهد … إجراءات … شكليات لا تشغل بالك … وإقرأه هذا حقك …
أنا : ليست القضية المحضر والأقوال والإفادة والتعهد …
هو : أين المشكلة إذن …!!!؟
أنا : المشكلة في جلد الإضبارة … المصنف …!
هو : ما به …!!!؟
أنا : الجلد مكتوب عليه ” إدارة مكافحة الإرهاب ” …!!!
هو : شكليات لا تؤثر وغير مهمة …
أنا : هذه ليست شكليات … كيف لا تؤثر … إضبارة مكافحة الإرهاب ليست شكلية … نحن لسنا إرهابيين … هؤلاء الشباب … أحرار … وطنيين … أصحاب شهامة ومروءة وكرامة … إرهابين …!!!؟
صمت هنيهة وهو ينظر الى الأسفل … وبلؤم يقطر سما زعافا وحقدا أسودا دفينا … وشيئ من الفكاهة والسخرية … قال لي مجاوبا …:
أستاذ نبيه … لديك أضابير كثيرة وهذه واحدة إضافية … لن تشكل فرقا … ولا أظن أن لديك مشكلة في ذلك …!
وأشعل سيجارة من السيجارة وهو ليس مدخنا … حسبما قال لي سابقا … ونفث دخانها على جنب …
توترت للحظة وحضر في ذهني عشرات الشباب الذين لحقوا بي إلى الفرع وأصبحوا داخل وكر الأفاعي وجاري التحقيق معهم … حيث أنني كنت قد قررت يومها أن أكون كبش فداء وأذهب أولا لإستطلاع الأمر أمامهم لأن عددا كبيرا منهم سألني ما العمل وكيف نتصرف … فتناقشنا في الأمر وقلبناه وفي الختام قلت لهم أذهب أنا أولا وأخبركم … فإن أصابني سوء أو مكروه لا تأتون وتفرون … وجلهم جاء بناءا على ذلك … ولكنني كنت واثقا مؤمنا يقينا أن الله تعالى لن يخذلنا .. و أنها إشارة وعلامة بداية النهاية للنظام وقد بدأت …
فسحبت نفسا بهدوء من السيجارة ونفثته … منتشيا أحلم بيوم الإحتفال بالنصر … فالنظام قد هزم وقضي الأمر … وأعلم يقينا أنه زائل لا محالة بإذن الله وساعته قد أزفت … ورحيله قادم بإذن الله تعالى … ولكن تصور لي صعوبة وقساوة ما نحن مقبلين عليه .
أنا : بثقة تبسمت إبتسامة سخرية … وقلت له هذا نوع جديد إذا من الأضابير … وعلى رأيك زيادة إضبارة واحدة لا تشكل فرقا كبير …
وقعت … نعم وقعت على أقوالي وأنا أقول في نفسى … لن تبقى عصابتكم حتى تستخدم هذه الأضابير … وقريبا ستكونون في قفص الإتهام … وقعت … وقد تكون تلك الإضبارة من أضبابير الإرهاب الأولى التي نظمت في المنطقة زمن الثورة إن لم يكن في المحافظة … لم يفته أن يعلق على توقيعي محاولا التخفيف من حدة الأجواء المشحونة بقوله … ” شو هالتوقيع … والله محافظ آبيوقع هيك توقيع “… وإنتقلت إلى الردهة وجلست في مطتب مدير مكتبه أراقب وإنتظر حتى يخرج جميع من دخل ذلك اليوم قبيل منتصف الليل بقليل …!
وهنا ألفت مذكرا أن معظم من كان يخرج من الفرع ليلتها كان ينتظر خارج أسواره إخوانه ورفاقه من كان لا زال بداخله تضامنا … حتى بدا الأمر يشبه حشد لمظاهرة خارج أبواب الفرع …مما شكل أزمة لهؤلاء الأوغاد وأرعبهم وأرهبهم … وكثر عدد المتجمهرين في تلك الساعات المتأخرة مساءا قرب باب الفرع … فجائني رئيس اللجنة العقيد حيث أجلس أنتظر خروج آخر متظاهر في مكتب مدير مكتبه … وهو يرتعد وطلب إلي أن أخرج لهم وأتحدث إليهم كي ينفضوا … وبعد محاورة قصير إستمتعت بها وأنا منتشي بالنصر … خرجت الى الشباب … وطلبت منهم أن ينصرفوا ويتفرقوا على أن يبقى بضعة منهم على مقربة يراقبون بحذر… وعدت أنتظر حتى خروج آخر متظاهر من الفرع في ساعة متأخرة من الليل .
جلد الإضبارة الجديد ” إدارة مكافحة الإهاب ” في حينه أعطاني مؤشرات كثيرة وكان له دلالاته … فهل النظام كان يعد العدة مبكرا ويعلم مسبقا عن قرار مجلس الأمن الأخير حول الإرهاب في المنطقة … هل سيشمل الثوار الأحرار المجاهدين الذين خرجوا ضد الظلم والإستبداد وهتفوا للحرية والكرامة أو من بقي منهم حيا …!!!
#أنا_ثائر_أنا_مجاهد_أنا_حر_أنا_إرهابي
من أرشيف #راعي_الغنم.