منذ انطلاق ثورة الكرامة السورية المباركة التي ارعبت العالم وخلطت اوراقه وأرقت مضجعه لم يركن العالم ولم ييأس في سعيه الحثيث لوأدها والقضاء عليها والمحافظة على النظام الذي تبناه ورعاه على مدى عقود … وأطلق يد النظام المستبد المستعمر وغض النظر عن أعوانة وداعميه ليستبيح البلاد ويدمرها ويعيد الشعب السوري الى حظيرة الإستعباد من جديد آملين ان يبقى هذا النظام وينجح في مهمته التي كلف بها من قبل اسياده الصهاينة ويتابع تنفيذها … وتغاضى العالم عن ما يقوم به النظام الفاشي الأسدي ثم أمهلة المهلة تلو الأخرى وراهن على الزمن وقدم له الدعم المباشر وغير المباشر على جميع الأصعدة … أملا أن ينجح النظام كما حدث منذ ثلاثة عقود بالقضاء على الثورة بأساليبه القديمة التي أثبتت عقمها وفشلها أما شعب طلب الحياة بالموت … وبالتوازي مع ذلك عمل على عدة محاور موازية لمجابهة خطر زوال النظام المغتصب للسلطة بالتعاون والتنسيق ما بين المنظومة العالمية والنظام … ووضع خطط بديله وشرع في تنفيذها بالتوازي وبتزامن منذ البداية …
– المحور الاول : الطابور الخامس
هو دعم مشروع اجهاض الثورة من الداخل من خلال زرع الطابور الخامس مبكرا في الثورة وزرع ازلام النظام في كل مكونات الثورة واختراقها وأفسادها في الداخل والخارج .
– المحور الثاني : الثورة المضادة
تجسدت الثورة المضادة وتوجت بشكل رئيسي في ما سمي المجلس الوطني السوري الذي نصب وصيا على الثورة وأصبح اداءه يشهد عليه ولم يعد خافيا على ذي عقل … ابتدءا من نشأته المشبوهة وآلية تسويقة وإستيلائه على شرعية مشروطة والمحاولات الدائمة لإنقاذه من السقوط مرورا بمكوناته المشكوك في امرها وأجنداتها الغير متوافقة مع أهداف الثورة وانتهاءا باصلاحاته ومسرحيات اعادة الهيكلة الشكلية الهزلية المستمرة مع أحترامنا لكثير من الاحرار المنتسبين اليه المغلوبين على أمرهم والذين لا حول لهم ولا قوة ولم يعد مبررا وجودهم فيه .
– المحور الثالث : التدمير الممنهج
يتلخص في تدمير البنى التحتية في الوطن من خلال خطة التدمير الممنهج التي بدأت مبكرا وإتضحت معالمها في حمص العدية ولا زالت مستمرة مدينة تلو الاخرى وفق جدول زمني وخارطة طريق واضحة المعالم تنتهي بالقضاء التام على عتاد الجيش السوري الذي … وتحويل الثورة الى نكبة طبيعية يحتاج الوطن الى عقود للخروج منها ومعالجة اثارها والنهوض من جديد .
– المحور الرابع : موارد الثورة
تم السيطرة والاستحواذ على موارد الثورة وتبذيرها وحجبها عن مستحقيها واستخدامها كأداة ضغط على الثوار لتطويعهم وإرضاخهم وفرض أجندات عليهم وتوظيفها لشراء الذمم والولاءات وافساد الثوار وشق صفوفهم وبث الفرقة بينهم .
– المحور الخامس : الإعلام
وظف الاعلام ظاهريا في خدمة الثورة ولكن في الحقيقة أستثمر للسيطرة على الشارع الثوري لمحاولة ضبطه وتوجيهه باتجاه اجندات معينة وتمرير بعض القضايا والسموم في الجسم الثوري وتجسد ذلك في فرض شخصات بعينها وتسويق مكونات سياسية وتبني أجندات وافكار وتشويش الرؤية الثورية والتعمية على كثير من الحقائق والسيطرة على كم المعلومات ووالتحكم والتلاعب بها وفق تغطية اعلامية انتقائية حيث اصبح الاعلام فعلا مؤثرا رئيسيا في صنع الحدث وليس ناقلا للخبر .
بالرغم من كل ذلك لا زالت الثورة تتقدم بفضل الله تعالى ومن سخر لها من الثوار الأحرار المخلصين الصادقين الأوفياء المؤمنيين الصابرين المرابطين حقا … ولم تنجح خطة التآمر على الثورة عبر كل هذه المحاور والخطط البديلة في القضاء على الثورة أو ايقاف تقدمها بإتجاه تحقيق أهدافها …
أعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تغيرا في الخطة والإنتقال إلى التخلي عن واجهات النظام والعمل على إعادة انتاج النظام نفسه وتجديده … بالتوازي والتزامن مع ذلك يتم العمل على إنتاج نظام بديل قد يختلف بالصبغة عن النظام الجديد والمكونات ولكن مع المحافظة على عدم انجاز الثورة إستحقاقاتها ووصولها الى أهدافها بنيل الشعب حريته الكاملة وكرامته الغير منقوصة وتحرير حقيقي للتراب الوطني من المستعمر الداخلي وإستقلال القرار الوطني .
على الثوار الاحرار العمل على اسقاط النظام المجدد وإفشال مخطط النظام البديل … لأن إسقاط النظام الاساس البائد لا يكتمل إلا بذلك .