تُبرز وسائل الاعلام العالمية في السنة الرابعة من الحرب الاهلية في سورياانجازا آخر لنظام الاسد، وهو النظام الذي كان يفترض أن ينهي منذ زمن دوره التاريخي بحسب تقديرات الاستخبارات في الغرب.
يحدث في البلدة الحدودية يبرود شمالي دمشق بالقرب من حدود لبنان تقدم منهجي لقوات الجيش السوري التي تستعين برجال حزب الله في صراعها مع منظمات المتمردين. ويضاف النجاح النسبي لموالي الاسد بالقرب من الحدود اللبنانية الى انتصارات سابقة والى احتلال مدينة القصير في الصيف الماضي والمعارك في جبال القلمون في الاشهر الاخيرة. فاذا ما تم احتلال يبرود فسيُبعد آخر حكم للمتمردين في هذه المنطقة وتتحسن قدرة النظام على الدفاع عن خطوط امداده المتعوجة من شمال سوريا الى دمشق.
لكن يجدر الى الآن ألا نبالغ في أهمية الانجاز التكتيكي في أساسه في يبرود، فقد تم التحول الرئيس في سوريا في العام الماضي حينما نجح الطاغية السوري في صد هجمات المتمردين في أجزاء مركزية من الدولة، أما تزايد قوة فصائل موالية للقاعدة بين منظمات المعارضة فصد اوروبا والولايات المتحدة عن تعزيز مساعدة المتمردين.
يبدو أن بقاء الاسد تم احرازه في الأساس بفضل مساعدة من الخارج: من روسيا وايران وحزب الله. فقد ساعدته على البقاء مقادير كبيرة من الوسائل القتالية ومساعدة مالية ملحوظة مع مستشارين ومتطوعين جاءوا ليساعدوا النظام. فاذا تم اسقاط النظام آخر الامر في السنة الرابعة للحرب فيبدو أن ذلك سيكون اذا نجح المتمردون في تصفية الرئيس جسديا.
كلما مر الوقت تبين مبلغ أهمية دعم روسيا للاسد. فبعد سنة المعارك الاولى حينما كان يبدو أن الاسد يواجه هزيمة أفادت وسائل اعلامية في موسكو أن روسيا استقر رأيها على اخراج جميع مستشاريها وخبرائها من داخل سوريا. ولم يتحقق هذا الاعلان كاملا قط وعادت روسيا في الاشهر الاخيرة الى الصورة بكامل القوة.
تم دمج مستشارون روس الآن في جميع مستويات نظام الحكم وقوات الامن من مساعدة ملاصقة لرئيس الاركان السوري حتى توجيه القوات في الميدان. وعن طريق المدينة الساحلية طرطوس في شمال سوريا حيث تحتفظ روسيا بميناء مستقل تسيطر عليه، تتدفق طول الوقت شحنات سلاح مرسلة وذخائر الى نظام الاسد يُهرب بعضها في النهاية الى حزب الله في لبنان. وتحافظ اسرائيل التي عادت واتهمت ايران وبحق قبل اسبوع فقط بالمساعدة على المذبحة التي يقوم بها الاسد على السنيين، تحافظ على صمت في كل ما يتعلق بالتدخل الروسي فيما يجري.
يقول رئيس روسيا فلادمير بوتين إن بلده بخلاف قوة عظمى اخرى كان بوتين يستطيع أن يذكر اسمها لو أراد لا تتخلى عن اصدقاء قدماء، هذا الى أن تثبيت أسس سلطة اسلامية متطرفة على نهج القاعدة في سوريا من المؤكد أنه ليس مصلحة روسية. وحينما كان يبدو للحظة واحدة أن الاسد تورط حقا بقتله 1500 مواطن بسلاح كيميائي في ريف دمشق في آب في العام الماضي، كانت روسيا هي التي خلصته من الازمة. وأبقت التسوية والاتفاق على تجريد سوريا من مخزونات السلاح الكيميائي العظيمة والذي صيغ بين بوتين ورئيس الولايات المتحدة براك اوباما، أبقت النظام على حاله ومنعت في آخر لحظة عملية عسكرية امريكية.
ومن جهة اخرى ينبغي عدم المبالغة في القدرة العسكرية للنظام السوري، فالشهادة على ذلك موجودة في المعارك التي تمت في الجولان بالقرب من حدود اسرائيل في مطلع هذا الشهر. وقد أتمت منظمات المتمردين في السنة الاخيرة الاستيلاء على نحو من 80 بالمئة من المناطق بالقرب من حدود اسرائيل. ووجدت سرية من الجيش السوري نفسها محاصرة في موقع تل كدنة في مركز الهضبة. وأعلن النظام جهدا مركزا لتخليص الجنود المحاصرين وأُلقيت المهمة على قيادة طابور استعملت عدة جهود لوائية واستعملت الهجمات الجوية ونيران المدافع لاسقاط الحصار. وأظهرت قوات النظام برغم تفوقها الملحوظ بعدد المقاتلين ونوع السلاح، أظهرت باعثا على القتال ضعيفا وفشلت العملية.
ويبدو أن هذه هي الصورة التي هي أكثر اتزانا لوضع القتال بعد ثلاث سنوات وبعد أكثر من 140 ألف قتيل وهي التعادل بلا حسم، الذي يسفك دماء المواطنين. تجري في سوريا حرب فتاكة لم يُر مثيل لها في هذه المنطقة منذ عشرات السنين. والذي ينظر في افلام يو تيوب عن القتال أو في تقارير وسائل الاعلام الاجنبية يجد مناظر واوصافا فظيعة يصعب هضمها (تثير ايضا خواطر كئيبة عن الثقافة التي تسود دولة جارة حاولت اسرائيل التوصل معها الى سلام كامل في عدة فرص). ويصعب أن نرى في واقع الامر، برغم فرقعة لسان المجتمع الدولي مخرجا ممكنا من هذه الورطة في سنة الحرب الرابعة.
يتعلق سؤال يجب أن يقلق اسرائيل بدور حزب الله في الحرب. فلا شك في أن المنظمة اكتسبت تجربة عملياتية ملحوظة واستجمعت ثقة بالنفس ايضا بسبب اسهامها في نجاحات الاسد. وفي مقابل ذلك يقدر الجيش الاسرائيلي أنه يوجد في سوريا بصورة ثابتة نحو من 5 آلاف مقاتل من حزب الله، أي ربع قوته النظامية. واعترف اشخاص في المنظمة في الاسبوع الماضي بأن أكثر من 500 من رجاله قتلوا في المعارك. وأشد من ذلك عند حزب الله أن تورطه في القتال في سوريا جاء بالحرب الى البيت، الى البلدات الشيعية في البقاع اللبناني والى الضاحية في جنوب بيروت حيث أصبح اطلاق القذائف الصاروخية هناك وتفجير السيارات المفخخة جزءً من الحياة اليومية.
لكن الوضع الجديد ينطوي على خطر آخر على اسرائيل. ففي يوم الجمعة الاخير انفجرت عبوة ناسفة في مزارع شبعا بالقرب من قافلة للجيش الاسرائيلي. وكان ذلك كما يبدو ردا من حزب الله على قصف قافلة سلاح للمنظمة في لبنان في نهاية شباط قصفها سلاح الجو الاسرائيلي كما يزعم. إن استطالة الحرب في سوريا تضعضع مستوى الأمن على حدود اسرائيل في الشمال وإن كان يحدث ذلك الى الآن بأقساط قليلة وبقوة غير كبيرة.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمس
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
ماقل ودل … لكل مبصر ذي عقل ؟
١: يقولون ان العبر بالنتائج ؟
٢: السؤال رغم الانتصارات الساحقة في الميدان هل يستطيع مثلث برمودة ( الموت) النظام والروس وحالش ( ايران ) من الاستمرار في دعم الاسد الى مالا نهاية ، فآلمستنقع الذي سقط فيه الأمريكان سقط فيه الروس وايران ؟
٣: السوال هل يستطيع هذا المثلث من ابتلاع جثث كل الإرهابين والحد من مفخماتهم ، فالعلم العسكري يقول استحالة القضاء عل إرهابيين من دون القضاء على فكرهم اللعين ؟
٤: الحقيقة الساطعة تقول جار معلو وضعيف وغارق في دماء شعبه في الشتاء والصيف ، خير من عدو متعفن الفكر والسلوك لايعرف الأسى ولا الحيف ؟