علينا تحاشي الرضا عن أوضاعنا مهما كانت عليه , أو أن نبقى محافظين على الوضع السائد على علاته . بالتغيير نحو الأفضل سنعيد تشكيل حياتنا ونتقدم
علينا تجربة التفكر في عواقب الأمور , وفي نفس الوقت تجنب أن نكون طموحين أكثر من اللازم في لحظة بعينها , بل علينا القبول بالمنجز المتاح لحظتها , ساعين الى النمو والتطور في مستقبل الأيام
في هذا العالم لاشيء يبقى على حاله الى الأبد , فاذا بقينا دون أن نغير أو نتغير , أو حافظنا على أوضاعنا كما هي عليه , وكنا نحن أنفسنا دون تغيير .. اليوم وفي المستقبل كما كنا في الماضي , فإن أحداً لن يتمكن من مساعدتنا للخروج من هذه الورطه
قد يوجد من يقودنا الى طريق مناسب , ولكن اذا لم نَسِر في ذلك الطريق المناسب فالمشكلة تقع فينا نحن وليست فيمن يقودنا , كما لو أننا نذهب الى الطبيب للتداوي من عله , وبعد وصف الدواء المناسب نضعه على الرف ولا نستعمله
يحتاج الناس الى تعلم ثقافة التغيير في حياتهم . غالباً ما يغير الناس بيوتهم ووظائفهم من أجل تغيير واقعهم وتطلعاتهم ومستواهم , بالتغيير هناك فرصة للتطور . الأطفال يبدأون الذهاب الى رياض الأطفال ثم المدراس الإبتدائيه فالمتوسطه والثانويه والجامعه لكي يتمكنوا من الوصول الى مستوى أن يكون واحدهم مثقفاً أو متخصصاً , لكنه إن توقف عند أي من هذه المراحل فإنه لن يصل مرحلة التثقيف والتخصص مطلقاً .. وهكذا هي حياتنا
بعد أن نتغير هناك من سوف يقول عنا بأننا نبدو كما لو أننا أشخاص مختلفون ولسنا نحن .. حسناً .. اذا كنا قد تغيرنا من الأسوأ الى الأحسن , من الجهل الى العقل , فذلك هو إنبعاثنا الجديد , ولادتنا الجديده , لأن من يدرك الحقيقه بعد جهلها فكأنما قد تحول بشكل تام .. وأعيدت ولادته
تمتلك الموسيقى تغيرات نغمية شتى , ويتغير لون الأشجار حسب عمرها وطبيعة فصول السنة التي تعيش فيها , كذلك تتغير قلوب الناس . أتعس ما يمكن أن يحصل لقلوب الناس هو أن تتغير من الأحسن الى الأسوأ , حين يتغير شخص بأهداف طيبه الى شيطان
حين يتغير من يمتليء بالطمع والغضب والجهل الى شخص آخر ذي فضائل أخلاقيه وحكمه , عليه مواصلة السعي لتهذيب النفس ومواصلة التفكر بعواقب الأمور لأنه من دونهما من الممكن أن ينكص الى حالته السابقه فيعود طماعاً غاضباً جاهلاً
يحدثنا الشاعر محمد بن سعيد البوصيري ( 1213 _ 1295 ميلاديه ) في جزء من قصيدته المطوّله ( 160 بيت ) وهي بعنوان ( الكواكب الدريّه في مدح خير البريه ) التي مطلعها : أمِن تذكر جيران بذي سَلَم .. مزجتَ دمعاً جرى من مقلة بدم , فيقول في تهذيب النفس
والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
واصرف هواها وحاذر أن توليه
إن الهوى ماتولى يُصِمْ أو يَصَمِ
وراعها وهي في الاعمال سائمة
وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسُنَت لذةٌ للمرءِ قاتلةٌ
من حيث لم يدري أن السم في الدسم
واخشَ الدسائس من جوعٍ ومن شبعٍ
فرب مخمصة شر من التخم
واستفرغ الدمع من عين قد امتلأت
من المحارم والزم حمية الندم
من الخير لنا أن نغير أطماعنا الى عطاء للغير , وأن نغير غضبنا الى تسامح مع الغير , وأن نغير جهلنا الى عقل وحكمه . حين ستتغير أفكارنا وطباعنا سيتغير واقعنا , فهل هذا صعب علينا ؟؟
غيّر تصرفاتك , غيّر بيئتك , بالتغيير نحصل على التقدم
د. ميسون البياتي