التابوهات او المحظورات عند السوريين

onthisearthبنكي حاجو

التابو او المحظور والممنوع هو من اكبر السمات التي تدل على تخلف المجتمعات في مجال الفكر . وبالنسبة للسوريين بدا ذلك واضحا في السنوات الخمس الاخيرة اثناء الحرب الاهلية التي لاتزال تستعر وتقضي على الاخضر واليابس وهم يرتجفون هلعا من ذكر مشاكلهم الحقيقية ووضع الاصبع على الجرح .

من اهم المحظورات لدى السوررين حاليا هي الطائفية والفيدرالية .

طالما توجس السوريون من التطرق الى هاتين القضيتين بالبحث والتمحيص وذكر الحقائق والواقع فلن يكون هناك حل للمعضلة السورية على المدى القريب .

انكار الحقائق لا ينفي وجودها على ارض الواقع وانما هو تـاجيل للمشاكل والتي تتضخم وتتعقد بمرور الزمن .

عند ذكر الطائفية في سوريا فان اول ما يتبادر الى الذهن هو قضية الطائفة العلوية ولن نقول الكريمة لان الذين يرددون هذه الكلمة صباح مساء هم انفسهم الذين يكنون الحقد التاريخي الدفين ضدهم .

لم يتم تشكيل وانتاج الطوائف في المختبرات وانما هي موجودة على ارض الواقع منذ قرون والاختلافات والخلافات والصراعات كانت السبب في تشكلها وظهورها وبقائها الى يومنا هذا .

اكاد اجزم ان اكثر من تسعين بالمئة من السوريين لا يملكون المعرفة الحقيقة حول الطائفة العلوية وعلى رأسهم الطيف السني علما ان الجميع يرضع من حليب الطائفية وهو في المهد ويتلقى اولى دروسها في الاسرة ثم يتعلم المراوغة والخداع وينكر وجودها في العلن مع العلم انه يمارسها في الخفاء وهذا ليس بسر .

كل ما يعرفه السنة عن هذه الطائفة هي مجرد تلفيقات واكاذيب واحقاد وتكفير وتضليل بل تصل الى حد السفاهة ولا يمكن لاي قلم ان ياتي على ذكرها لضحالتها ولااخلاقيتها التي يمقتها اي فرد لديه ذرة من الشعور الانساني .

المشكلة لها جذورعميقة وتحتاج الى انقلاب بل الى ثورة في المفاهيم ولن يحدث ذلك الا من خلال تحطيم هذا التابو الرهيب المتسلط على ادمغة السوريين وعقولهم .

التابو العلوي الذي نحن بصدده هو سبب عدم معرفتنا بالطائفة العلوية و كان نتيجة الطغيان السني في عهد السلطنة العثمانية والذي دام لخمسمائة عام .

في تلك الحقبة كان العلويون مضطهدين تحت نير الذل والعبودية باحقر اشكالها ولم يعاملوا معاملة البشر ولهذا التجاوا الى الجبال والاماكن النائية هروبا من التعسف الجائر .

بسبب الاضطهاد لم يتجرأ العلويون بالبوح بعقائدهم او القيام باداء طقوس العبادة الخاصة بهم على مدى تلك القرون الطويلة . كانوا يمارسون العبادة بالسرية الكاملة ولا يزالون كذلك حتى اليوم .

لذلك فان معلوماتنا عنهم ومعرفتنا بهم كعامة الناس تكاد تكون معدومة لا تتعدى الاتهامات المقيتة والباطلة الصادرة من الاذهان والنفوس المريضة التي تكونت بفضل مضطهديهم .

معلوماتي الشحيحة عنهم هو ما اقرأه في الصحافة التركية والتي تأتي على لسان او بأقلام الزعماء والباحثين العلويين انفسهم وفي الصحف التركية الكبرى والاوسع انتشارا .

العلويون في تركيا عددهم يقارب ثلاثين مليون نصفهم من الكرد والبقية سلالات تركمانية بالاضافة الى العلويين الموجودين في لواء اسكندرون و هم علويون عرب .

يقول علويو تركيا ان العلوية هي ديانة قائمة بذاتها وليس مذهبا اسلاميا .الديانة العلوية في تركيا يعود تاريخها الى ماقبل الاسلام وليس بينهم وبين الاسلام اي قاسم مشترك . لقد نشرت الصحف التركية مقالات لرجالات ووجهاء الديانة العلوية جهارا نهارا انهم لا ينطقون بالشهادة ولا يصلون ولا يصومون ولا يحجون ولا يقدمون الزكاة ويقولون : كفى… اتركونا لحالنا الا ترون اننا لسنا مسلمين .

اصحاب الديانة العلوية المذكورين اعلاه يقولون ان العلويين السوريين وعلويوا لواء اسكندرون ــ ويطلق عليهم اسم العلويون العرب ــ تأسلموا واصبحوا مذهبا لدرء الشر عن انفسهم بسبب الاضطهاد والفقر الذي امتد لقرون طويلة .

زال الظلم على العلويين بالتزامن مع دخول الفرنسيين الى سوريا وزوال الحكم العثماني . ولكن عاد الاضطهاد و استمر على العلويين حتى في العهد الوطني وعهد الوحدة مع مصر اي حتى وصول العلويين الى السلطة على يد الرئيس السابق حافظ الاسد .

اساء العلويون حكم البلاد كما يعرفه الجميع واوصلوا البلد الى مانراه الآن من الحرب الاهلية .

القصد من هذا الحديث ليس فتح الجروح ونشر الفتنة بل لايماني الراسخ بان حل المشاكل لا يتأتى الا بالمصارحة وتشريح المشكلة من كل جوانبها حتى يتم الوصول الى ايجاد الحلول لها .

كيف يمكن حل مشكلة ننكر وجودها؟

العلويون كغيرهم من البشر احرار في معتقداتهم وعباداتهم وهو حق مشروع لكل انسان على وجه الارض وواجبنا هو احترام خصوصياتهم ولا يحق لاحد التدخل في شؤونهم طالما انهم لا يعتدون على حقوق الآخرين وحرياتهم كما هو الحال في المجتمعات الحضارية والمدنية في العالم .

لست ادري هل العلوية في سوريا ديانة بحد ذاتها ام مذهب اسلامي ؟

لقد آن الاوان للعلويين ان يتسلحوا بالشجاعة والجرأة للخروج بمعتقداتهم الى العلن بل ونشرها والتبشير بها كما المسيحية والاسلام . نحن في القرن الواحد والعشرين …. الى متى هذا الخوف من الظهور الى العلن واظهار الحقائق بكل شفافية .

القضية العلوية في سوريا مثل القضية الكردية والسريانية والدرزية وغيرها لا يمكن حلها الا بالنظام الفيدرالي الذي هو في حد ذاته يدخل في خانة التابوهات ــ المحرمات .

سوف احاول قريبا التطرق الى تابو الفيدرالية في حديث قادم .

كاتب كردي

bengi.hajo48@gmail.com

المصدر ايلاف

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.