قبل شهر أو أقل من شهر على هذا التاريخ دخلت في جدل مثير مع أقربائي حول الخضروات التي لم يعرفها أهل قريتي وأهل الأردن بل وأهل الشام وحتى قارة آسيا بأكملها, وقلت:ولا حتى القرآن عرفها,فلوعرفوها لتحدث القرآنُ عن غابات من البطاطس والبندورة والفاصوليا وفي هذه النقطة لا يستطيع أي عالم لغة وبلاغة أن يقول لي بأن القرآن بشر بالبطاطه والفراوله والمنغا والإنجاص, أو أن يقل لي بأن ألله ذكر البصل والقثاء والثوم لأن بهما فائدة كبرى, وأنا أقول له: هل عدم ذكر البطاطس والطماطم يعني أنه لا توجد لهما فائدة, أم أن القرآن كتبه بشر عاديون وذكروا فقط ما يعرفونه؟ ,ولم يذكرها الشعراء في أشعارهم ورسائلهم الأدبية النثرية من مقامات وغير ذلك…إلخ , وروى لي رجل طاعن في السن أنه حين زرع البطاطة سنة1920م كان يعتقد بأنه سيأتي بِسُلمٍ طويل ليصعد عليه حتى يتمكن من التقاط البطاطة, فضحك الحضور وقالوا لي: لم نكن نعرف بأنك يا أبو علي كثير الكذب والعرط , وأنك عرّيط وفشّار(عريط صيغة مبالغة لكلمة عَرَطَ:أي كذبَ) لهذا الحد, يا رجل قص من الكذبة قليلا حتى نصدقك, فقلت: بلاش سلّم خليها على طول قامة المزارع وبيده مقص , فقالوا: وهذه كبيرة شو هم أجدادنا كاينين بهايم؟ ما بفهموش ولا بعرفوش البطاطه؟ فقلت لا مش بهايم بس عن جد ما كانوش يعرفوها وعندما زرعها الأردنيون لأول مرة كانوا يعتقدون أنها ستظهر مثل القثّا , وتفاجأوا بأنها مثل البصل تنبث تحت الأرض وهذا ما سمعته وما قرأته وأيضا لم تكن لهم معرفة بالفاصوليا أو الأرز أو الكاكاو أو الكِوي, فقالوا لي: يا رجل كل شيء كان مذكورا في القرآن الكريم, فقلت لهم: أي أنا شخصيا في كثير من أنواع الفواكه أشاهدها في الأسواق وحتى الآن لم أتذوقها, وأنا أعتبر نفسي انسان تقني متحضر , فقالوا: هيك ممكن لأسباب أخرى ما عدى أن تكون ليست موجودة في الأسواق , فقلت: لا البطاطة, لم يكن جبرييل يعرفها, ولا حتى ميكائيل ولا اسرافيل, كان الذي يعرفها فقط لا غير ألله وجبال الأنديز والأرجنتين والبيرو والبرازيل وكان موضوع زراعتها سراً بينهم الخمسة, ولم يكن لا للقرآن ولا للشعر الجاهلي معرفة لا بالبطاطس ولا بالطماطم وهي البندورة لأنهم أصلا لم يعرفوا الحضارة, وأي خادم في أي منزل أليوم عنده حضارة وثقافة أكثر من أسلافنا, وما كان يحلم باقتنائه الأمراء والوزراء والأباطرة , اليوم يملكه أفقر رجل فينا وهو أنا شخصيا , فأصر الجميع بأنني أكذب, فقلت لا, أهل الأردن عرفوا الليمون قبل 100سنة وأقل فقط لا غير , وروت لي جدتي بأن جدي حين أحضر الليمون في الثلاثينيات من حيفا ويافا جاء أهل القرية مهرولون ليروا هذا الاختراع أو الاكتشاف العظيم, وكذلك (الملفوف-الكرنب) والجزر , والباميا واللوبيا, والفلفل ,كانوا يعرفون على الأرجح القمح والشعير والتمر والتفاح والعنب (الحور العين) وهذا نادراً جدا , أما البرتقال واللوز والقطن والفلفل والليمون و(الزهرة) القرنبيط كلها كلمات ومصطلحات مثل الحرية والديمقراطية والمساواة والعامل والمصنع لم يعرفها العربُ المسلمون ولم يبشر فيها القرآن ولم يزرعها المسلمون في بلدانهم , ولم تذكر في القرآن الذي ذكر كل شيء على حسب قولكم, وكان البنزين مدفون تحت أرجل العرب في مكة والمدينة والحجاز وتهامة ولم يشتم القرآن رائحته, ولربما عرف أهل مكة البطيخ والقثا(الفقوس والخيار) أما بخصوص البطيخ فهذا شاع عنهم معرفتهم به من أحد الأحاديث المروية من غير دليل.
وأستهجن وأستغرب من مفسرٍ للأحلام على إحدى الفضائيات حين يعلل رؤية الليمون بكذا وكذا ورؤية البطاطس بكذا وكذا,ولو سألته (رأيت كنغرا ما تفسير ذلك؟( لأجاب عن ظهر قلب, والذي يبعث على الدهشة هو عدم اعتراف الشيوخ بأن القرآن لم يذكر كل شيء لأن محمد وصحابته لم تكن لهم معرفة بأمريكيا اللاتينية فلم يعرفوا لا الأرجنتين ولا البرازيل ولا سواحل البيرو ولا الأنديز ولا الذرة الأرجنتينية أو البرازيلية, حتى أن (الفينيقيين) الذين عبروا الأطلسي لأول مرة في التاريخ لم يحضروا معهم تلك الفواكه والخضروات بل جلبوا معهم الذهب مقابل مصنوعات فخارية وزجاجية وأصباغ… وبالتالي يصر شيوخ الإسلام على أن كل شيء مذكور في القرآن وهنا أتحدى كل علماء الدين واللغة إذا أثبتوا لي بأن المسلمين أو القرآن توصل إلى اكتشاف البندورة قبل الأسبان, وتلك الأنواع من الخضار أحضرها العرب من أوروبا الشرقية في العصور الوسطى, والبطاطس والطماطم أحضرته أوروبا مع رحلات فاسكو داجاما و كولومبس من أمريكيا اللاتينية وشوهدت البطاطس لأول مرة في يد الأطفال في اسبانيا ومن ثم باقي أوروبا , والذرة والتبغ والباذنجان عرفه العربُ لأول مرة في العصور الوسطى عن طريق أوروبا وأوروبا عرفته عن طريق اسبانيا التي نقلته السفن الاسبانية من أمريكيا اللاتينية وبعد ذلك نقله العرب إلى أراضيهم وقبل ذلك لم يشاهده أي كاتب أو أديب أو رحّالة مستكشف في يد أي طفل لا في الحارات و لا في الشوارع والطرق ولم تدخل المطابخ أي حبة بطاطس قبل ذلك أو بندورة , وال(مندرين) أو ما تعرفه عندنا باسم(مندلينا) هي فاكهة صينية الأصل أحضرها يوسف أفندي للسلطان محمد علي وزرعها في حديقة شوبرا بالقاهرة وكانت هذه أول مرة يعرفُ فيها العرب وأفريقيا هذه الفاكهة ويوسف أفندي أطلق عليها لأول مرة لقب(طوسون) نسبة لأحب أبناء السلطان محمد علي إلى نفسه ولكن محمد علي أصر على تسميتها بإسم يوسف أفندي وذلك سنة1830م.
وحين وصل الأرز إلى بلدان الخليج العربي كانوا يخافون منه لاعتقادهم أنه نبات سام فكانوا يطعمونه للحصان ولا يأكلونه.
ومن الطبيعي أن الزراعة مسألة جدلية بين علماء نشوء الحضارات ولكن الكل متفق على أن التقدم الزراعي يعتبر أهم عامل حاسم من عوامل التغيرات في البنى الاجتماعية وأهم عامل من عوامل الانفجار السكاني, ففي المناطق التي لم تمارس فيها الزراعة تكون المدينة أو الدولة أصلا تعتمد على النهب والسرقة وعدد الوفيات فيها كثير , أي أكثر من الدول أو المدن المجاورة لها والتي تعتمد على الزراعة, والزراعة لا تعمل على توفير فائض الإنتاج من الغذاء وحسب ,وإنما تدل على تطور العلوم والثقافات وبفضل الزراعة عرف مؤسسوا الحضارات القصص الخيالية عن الآلهة والخلق وتجدد الحياة والبعث والموت ومثل تلك القصص لا يمكن أن تولد في صحراء الربع الخالي غير الزراعية, ولكن ومع كل ما تجلبه الزراعة من تقدم لذلك عرف السريان وأهل المناطق الزراعية ديانات البعث والحساب والموت وقيام الإله وهم الذين غذوا البشرية بشتى أنواع القصص الخيالية وكانت كل قصصهم عبارة عن آداب فيها روح عظيمة تسري مسرى الشمس ومسرى المطر ,غير أن المجتمع المهيمن والمسيطر لم يكن المجتمع الزراعي المستقر بل المجتمع الذي أسس الفوضى والحروب من أجل السيطرة على منابع الري ومصادر الغذاء الجاهز وسرقة التراث الديني والأدبي من يد منتجيه الأصليين, وهو ما عرف بإسم حروب البدو والفلاحين, ولم تكن لتلك الحروب سياسة الاستقرار أو السيطرة الكاملة على الأراضي الزراعية بل كانت فقط تسرق المنتجات وتعود إلى مواقعها في الصحراء وتنتظر للعام القادم من أجل إعادة الكرة مرة أخرى, ولهذا اتصف العرب البدو بالكرم نظرا لأنهم لا يتعبون ولا يعرقون ولا يعملون للحصول على الغذاء.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :