جذور موقف الفرس من العرب تعود إلى كتاب الشاهنامة الذي يضع شخصية أسطورية تدعى الضحاك، وهو ملك بابلي ثم كنعاني ثم عربي بمنزلة المعادل الموضوعي للشيطان.
العرب تيسير خلف [نُشر في 06/01/2016، العدد: 10146، ص(14)]
تناقلت بعض الصحف والمواقع في الأيام الأخيرة تصريحات لمستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني يزعم فيها أن الفرس قتلوا الخليفة العباسي الأمين لسحب السلطة من يد العرب إلى الأبد، وأن “تحرّك داعش جاء تلبية لنزعة العرب الرامية إلى التحكم في العالم الإسلامي والتخلص من شعورهم بالدونية تجاه الفرس والأتراك”، مضيفا أن تنظيم داعش يريد “استعادة الخلافة العربية وليس الإسلامية لذا فهو يرتكب أيّ جريمة لتحقيق هذه الغاية” على حدّ قوله.
والحق أن مواقف الفرس السلبية من العرب ليست جديدة، وليست وليدة الإسلام كما يظن البعض أو بسبب الخلافات المذهبية. إنها في بنية الوعي القومي الفارسي الميثولوجي والتاريخي.
ربما تعود جذور موقف الفرس من العرب إلى الأفيستا كتاب زرادشت المقدس وإلى ملاحم الآريين، وإلى كتاب الشاهنامة، الذي يضع شخصية أسطورية تدعى الضحاك، وهو ملك بابلي ثم كنعاني ثم عربي بمنزلة المعادل الموضوعي للشيطان.
الضحاك هو رمز الشرّ المطلق في سفر التكوين الفارسي الشاهنامة، ذكر في الأفستا، الكتاب المقدس عند الزرادشتيين وذكر اسمه في الأساطير الإيرانية الدينية والتاريخية: أزيدهاكه وأزدهاق وأزيدهاك، وذلك أصل كلمة ضحاك التي تذكر في الشاهنامة وغيرها. وكان روحا شريرة وشيطانا يمنع ماء السحاب من النزول إلى الأرض، وملكا جبارا ظالما مستبدا برأيه.
كان الضحاك حسب الأساطير الإيرانية يحكم مملكة عاصمتها بابل، وكان من ملوك الكنعانيين. ثم ينقلب الضحاك عربيا في الشاهنامة على يد الفردوسي، ويُنسب إلى اليمن ويُجعل مقرّ حكمه في بيت المقدس. وقد ثبّت المؤرخون الفرس الذين كتبوا بالعربية كالطبري واليعقوبي وتلاميذهم أن الضحاك عربي. وذلك قبل الفردوسي بأربعة قرون. ووضع البعض من مؤلفي الفرس بين آباء الضحاك تاجا وهو أبو العرب ومنهم من يقول “تاز” بدل تاج ويدعى أنه من أجل هذا سميت اللغة العربية تازي وسمي العرب تازيان باللسان الفارسي. علما أن كلمة التازي استخدمها الفرس القدماء، تاتشي عند الأرمن، هي مشتقة من اللغة السريانية طايي أو طيايا التي تعني العرب.
في الشاهنامة قتل الضحاك أباه مرداس وأصبح ملك العرب. فظهر له إبليس في زي الطباخ فقبله وقلده المطبخ الخاص. وكان الضحاك أول من أكل اللحم حين كان الناس يقتاتون بالنبات. ودخل إبليس عليه يوما فقال له الضحاك أن يقترح عليه حاجة يقضيها له وطلب إبليس منه أن يقبل منكبيه. فأذن له الضحاك في ذلك. فتقدّم إبليس وقبل منكبيه، وساخ في الأرض. فخرجت من كل من منكبيه حية سوداء. أمر الضحاك الأطباء والحكماء بقطعهما. فلما قطعتا نبتتا في الحال. ففرّق أصحابه في الأطراف طلبا للأطباء حتى جمعوا منهم خلقا كثيرا. فعجزوا عن معالجة ذلك الداء. فجاء إبليس في زي طبيب إلى باب الملك، وقال له بأن يقتل شابين في كلّ يوم ويطعم الحيتين من أدمغة الناس حتى يستريح. وكان يأمر برجلين يُقتلان لاستخراج دماغيهما طعمة للحيتين كل يوم. وقام الضحاك بقتل جمشيد ملك الإيرانيين وتزوج من بنتيه شهرناز وإرنواز وأصبح ملك العرب والفرس.
ورأى الضحاك في المنام أن زوال ملكه يكون على يد ملك اسمه فريدون وبث الرسل في أطراف البلاد للبحث عن فريدون وأمر بقتل الكثير من الرجال. وفزعت أمّ فريدون عليه وهربت فسلمت ابنها إلى راعي المواشي. وبعد أن كبر فريدون ذهب وكاوه الحداد لحرب الضحاك. حتى أسر فريدون الضحاك وقيّده في مغارة على جبل دماوند في إيران.
كاتب من سوريا مقيم في الإمارات