نظرت تركيا وإيران إلى العرب نظرة فوقية، في السياسة وفي الاجتماع وفي الثقافة. وهنت الإمبراطورية العربية، فدخل الأتراك كمستعمرين يحكمون بالقوة. وبعد سقوط الإمبراطورية التركية، أدارت ظهرها للجوار العربي كأن لا وجود له وأقامت علاقة خاصة مع الغرب وإسرائيل. وأصرّت إيران الشاه على التعامل مع الجوار العربي على أنه مجرد جرم يدور في فلكها، ومثل تركيا تمامًا، اتجهت إلى العلاقة الخاصة مع الغرب وإسرائيل. واستساغ نظام الشاه لقب «شرطي الخليج» رغم ما يحمل ذلك من تعالٍ ومن إهانة لأهله.
وإذ تصاعد المد القومي العربي، بدا وكأن تركيا وإيران في طليعة الأخصام. ودائمًا بسبب ترسبات الماضي وليس بسبب وقائع الحاضر. دخل البلدان في أحلاف وتيارات دولية وإقليمية معادية للاستقلال العربي، ودائمًا من موقع إمبراطوري وفي سلوك إمبراطوري.
وفي كل المشاريع والتطلعات والسياسات، لم تضع الدولتان العالم العربي في الحساب. وبعد قيام الثورة الإسلامية في طهران، ووصول الإخوان المسلمين في أنقرة، تطلَّع البلدان مرة واحدة صوب العرب، ولكن أيضا بمنظور فوقي وإمبراطوري. لم تعرض أي منهما العلاقات الثنائية الجيدة، بل المشروع التبعي العام. في عام واحد جاء إلى لبنان محمود أحمدي نجاد، ورجب طيب إردوغان، فخرج الأول من العاصمة بيروت إلى موضع النفوذ في الجنوب، وخرج الثاني على فكرة البرنامج الرسمي ليذهب إلى عكار، حيث يكثر المتحدرون الأتراك. كل ضيف أراد أن يعطي الزيارة رمزها وبعدها التاريخي والمذهبي، متجاوزين بذلك الأصول في زيارات رؤساء الدول.
لم يكن العرب في أي وقت يحبذون البعد عن الجوارين، لكنهم لم يريدوا في أي مرحلة أن يكون القرب في مثل هذه العدوانية والفوقية: الدبابات التركية تدخل العراق في أرتال وتعود، والمال والخبراء الإيرانيون يديرون السياسات والمعارك في سوريا والعراق في عنجهية علنية موصوفة.
حتى مصر لم تسلم من السلوكين: الدولتان حاولتا أن تفرضا عليها، في الداخل والخارج، إطارًا سياسيًا معينًا. منذ عودتهما إلى المشرق العربي حدث اضطراب كبير. وأفظع ما حدث هو التفكك الذي لحق بالدولة العربية. وقد وقفت إيران مع جماعاتها في هذه الدول، وكذلك فعلت تركيا، متجاهلتين معًا كل أصول وقواعد التعامل في العلاقات الدولية. وقد رأت تركيا أن القضية الفلسطينية صارت من حصتها بمجرد أنها أرسلت مركبًا إعلانيًا إلى غزة، كما رأت إيران أن القدس صارت ملكًا لها بمجرد التفاهم مع ورثة الشيخ أحمد ياسين.
ماذا نريد القول؟ نريد أن نقول تصوَّر لو أن عودة الدولتين إلى العرب كانت من دون العقم الإمبراطوري ورواسب الفوقيات الخرقاء.. تصوَّر.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :