من الأشياء التي تثير أعصابي حين أناقش أي مسلم حول موضوع الإسلام أن يقول لي المسلم: بأن محمدا سافر من الأرض إلى السماء على ظهر بغلة يقودها ملاك أسمه جبريل, وبأن محمدا سيد الخلق والبشر أجمعين ولولاه ما خلق الله الكون, وبأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان, وأخيرا يأتي على النقطة التي تثير أعصابي حقا وهي: أن يطالبني بأن أناقشه بالعقل وبالمنطق وبالحجة وبالبرهان كون الإسلام دين عقلاني صاحب حجة وبرهان ومنطق لا يُعلى عليه أي منطق.
إنه ومن منطق الحس بالمسئولية لا يمكن أن آتي بفكر يعتمد أساسا في نهجه على أفكار غيبية ومن ثم أطالب الناس بأن يكونوا عقلانيين ومنطقيين, فكيف مثلا أكون منطقيا ويطالبني الأخ المسلم بأن أكون منطقيا وصاحب حجة وبرهان مع فكر هو بالأساس غير منطقي؟.
فإما أن يكون منهجي غير منطقي ويعتمد على أفكار غيبية ومن ثم يكون الشخص الذي يناقشني لديه تماما تصورات غيبية ومؤمن بأفكار غير منطقية ويستحيل تطبيقها على أرض الواقع, وإما أن يكون الفكر والمنهج منهجان عقليان والذي يقف بمقابلي تكون لديه تصورات وأفكار منطقية مثل الفكر الذي يناقشه.
فمن مثلا من الناس الذين عاصروا نبي الإسلام محمدا رآه حين ركب على البغلة(بُراق)؟ لو جاء شاهد واحد وقال لنا بأنه رأى البغلة أو الحصان(بُراق) لقلنا بأن محمدا عقلانيا ومنطقيا ويجب أن نناقشه بالعقل وبالمنطق, ومن مثلا كان يرى جبريلَ حين كان جبريل ينزل على محمد؟ إنه لا يوجد لدينا ولا أي شاهد واحد, وهذا معناه أن الدين الإسلامي يعتمد على الإيمان بالغيبيات, وعلى الذي يريد مناقشة الإسلام أن يأتي من عنده أيضا بأفكار وتصورات غير منطقية وعلى المسلم أن لا يحتج على غيره إذا كانت أفكاره غير منطقية لأن الإسلام أولا وأخيرا لا يقوم على فكر منطقي رصين وواضح وضوح الشمس, إنه يأتي من المجهول…من الغيب….من فلتات الطبيعة….من التسليم لله بطريقة غير منطقية مطلقا… إن الإسلام لا يمكن فهمه أو الاقتناع به بشكل كامل ومكتمل.
نعم, الإسلام لا يمكن فهمه مكتملا إلا إذا قمنا بتجزئته تجزئة تجزئة, وتقطيعه إربا إربا, فمثلا الذي يصلي ويصوم في الإسلام ولا يع8مل أعمال صالحة تفيد المجتمع ولا يكون صادقا مع الناس هذا الشخص يقول لنا عنه فقهاء الإسلام: خذوا من أقواله ولا تأخذوا من أفعاله, وهنا هذه التجزئة غير منطقية, فإما أبيض وإما أسود, ولا يجوز اللون الرمادي مطلقا, فإما أن يكون المؤمن مؤمنا بالله ويعمل أعمالا صالحة وإما أن لا يكون مؤمنا ولا يعمل أعمال صالحة, وإما أن يكون هنالك احتمال آخر وهو إما أن لا يكون مؤمنا ومع ذلك يعمل أعمال صالحة وهذا معناه أن الإسلام لم يهذبه بل هو هذب نفسه من خلال فكر آخر أو دين آخر غير الدين الإسلامي….وهنالك قصة عن الإمام الشافعي غير مشهورة لدى الفقهاء والدعاة, تقول: حين وصل الشافعي إلى بغداد قد قد التقى بتلامذة أبي حنيفة النعمان, فقال لهم: أنا أتفق معكم في بعض المسائل وأختلف معكم في بعض المسائل الأخرى, فقالوا له: دعنا من الاتفاق ولنبدأ بالاختلاف, فقال لهم: أنتم تقولوا: يجوز للمسلم أن يكون مسلما وبنفس الوقت لا يعمل عملا صالحا, فقالوا: نعم, صحيح, فقال: وما دليلكم؟, قالوا: قوله تعالى: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات, وهنا تتدخل اللغة, حيث الواو(و) ليست واو عطف جملة على جملة وإنما هي واو فصل بين جملة وجملة, فقال الشافعي: هذا غير عقلاني: فلا يجوز أن يكون المسلم مسلما ولا يعمل أعمالا عقلانية, ولو صح زعمكم لأصبح للكون أكثر من خالق لقوله تعالى في سورة الرحمان(…ربُ المشرقين وربُ المغربين) فإذا كانت الواو هنا واو فصل فهذا معناه أن للكون أكثر من خالق, المهم أن الدين كله تصوراته غيبية وغير منطقية.
الخلاصة :
إن هذا معناه أن الإسلام دين غير منطقي ولا يجوز أن يطالب الناس بأن يناقشوه بالمنطق للسبب الوجيه التالي: وهو أن هذا الدين غير منطقي ولكن إلى نفسه على أساس أنه منطقي وبالتالي ينظر إليه المسلمون على أنه دين منطقي, وهنا الطامة الكبرى, فحين رفضنا في بداية المقال أن يطالب الإسلام غيره بأن يناقشه بالمنطق وبالبرهان كان رفضنا من هذا المنطلق, أي أنه لا يجوز أن يكون الدين فكر غيبي غير منطقي وبنفس الوقت لا يشعر المؤمنون به أنه غير منطقي أو كما يقول المثل: الجمل لا يرى رقبته العوجاء.
مواضيع ذات صلة لنفس الكاتب:
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: لنترك جانبا علم المنطق والكلام ، وما في الاسلام من أخطاء لغوية وتاريخية وجغرافية ولا هوتية وسلب ونهب وحروب وإنتقام ، ولينقر حقيقة ساطعة سطوع الشمس وهى أن أكثر ضحاياه هم من المسلمين منذ حروب الردة وحتى هذه ألايام ؟
٢: وألان لنعود الى علم المنطق والكلام ، كيف يعقل في أمة ودين أن مصير 72 فرقة الهلاك والإعدام ، وواحدة فقط هى الناجية ، والمصيبة أن لا فرقة منهم تقر أنها الفانية والباغية ؟
٣: وأخيرا …؟
نقول لدعاة المنطق والعقل قول للسيد المسيح ؟
( سياتي من بعدي أنبياء كذبة كثيرون ولكن من أعمالهم تعرفونهم ، هل يجتنى من الشوك عنب أو من العوسج تين ، فكل شجرة صالحة تثمر ثمرا جيدا ، والشجرة الرديئة تثمر ثمرا رديئا ) فمن له أذان للسمع فاليسمع ، ويكفي خوف المسلمين من التبشير ورعبهم من موجات التنصير ليدلل على عاقبة المصير ، سلام ؟