الإسلام سبب تخلفنا

japanislamاتهم الوعاظُ (ابن سينا) -الطبيب والفيلسوف – بالكفر وبالزندقة وبالإلحاد,فقال لهم قولته المشهور :نحن أبتلينا بقومٍ يطنون بأن الله لم يهدِ سواهم, لقد كان يعرف أبن سينا بأن الدين كله عبارة عن موضوع شخصي بين الخالق والمخلوق وموضوع ثانوي غير مهم بين المواطن والدولة وهو ليس سببا للتقدم أو للتأخر,أما الوعاظُ فإنهم كانوا وما زالوا يعتقدون بأن سبب تأخرنا يعود بشكلٍ أساسي على ترك الدين,وهذا اعتقاد خاطئ جدا كما سنوضح ذلك لكم بعد قليل.لقد تمسكنا بالإسلام كثيرا ولكن بدون جدوى فما رأيكم في هذا العام أن نبدأ بترك الإسلام لمدة عشر سنوات لنرى هل سنتقدم أم سنتأخر؟وبعدها سنقرر ولن نخسر شيئا, تجربة بسيطة يجب أن نقوم فيها في مختبر علمي خاضع للمقاييس العالمية من أجل المحافظة على الجودة, لنتأكد بأننا مثلا على خطأ أو على صواب..من الواضح أنه كلما ازددنا معرفة بأننا فاشلون وساقطون حضاريا يزداد تمسك الأغلبية مننا بالإسلام,ويزيد أولئك المتمسكون بالإسلام تعميق ارتباطهم بالإسلام لأنهم لديهم اعتقاد بأنهم فاشلون بسبب بعدهم عن الإسلام لذلك يزدادون في تقديم صلواتهم لله ويزيدون من عدد الصلوات ويتوجهون إلى المرأة لكونهم لديهم اعتقاد بأن خلع المرأة للحجاب يجلب غضب الله عليهم ولا يوفقهم لذلك يزيدون في تغطية وجه المرأة ويديها وساقيها, حتى أن أي إنسان غير موفق في حياته يرجعونه إلى عدم تمسك هذا الإنسان بالدين وخصوصا الدين الإسلامي وهو ما نقصده هاهنا.وكذلك يذرعون إلى الله بالأدعية وبالصلوات لكي يوفقهم الله, ومما يؤسف له أن قمة المتعلمين الذين يحملون شهادات عليا في شتى العلوم لديهم قناعات مثل قناعات الأميين والجهلة والغوغائيين الذين لا يفكون الخط ولا يقرئون ولا يكتبون,وعليه فإن ظاهرة التدين الشديد في الإسلام من قِبلْ كل المسلمين تحمل خاصية الهروب من المعركة الحقيقية فهم لا يعوضون خسارتهم بزيادة العمل والتفكير والإنتاج وفصل الدين عن الدولة بل يلجئون إلى تعويض خسارتهم بالإكثار من الصلوات على محمد(ص),وهذا في الحقيقة ما ينقص المجتمع الإسلامي على حسب اعتقادهم.بينما الأنظار لا تتجه إلى العمل الحقيقي لتعويض خسارتنا مثل محاربة الفساد وتعويض المديونية ومقاومة جيوب الفقر التي تتسع وتزداد في كل يوم ومحاربة الرشوة ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتعريف كل مواطن بما له وما يتوجبُ عليه ومحاربة مطاردة المفكرين والمثقفين الذين يزيدون من اضطهادهم كلما شعروا أنهم متخلفون عن العالم والناس وخصوصا عن أوروبا الشرقية والغربية والأمريكيتين,فكلما شعر العربُ المسلمون بالنقص وبالجهل يصبون جام غضبهم على المرأة وعلى المتنورين وأخيرا يتهمون المثقفون بالعمالة الأجنبية وخصوصا بالعمالة لإسرائيل وأمريكيا وهنا أود أن أوضح شيئا وهو أن إسرائيل هي من يدافع عن الجماعات الإسلامية الآن في سوريا وفي كل دول العالم هي وأمريكيا معا,وأمريكا نصرت الشيشان وأينما وجد إسلاميون مضطهدون فورا تتحرك الطائرات الأمريكية لنجدتهم, ولكن أكثر المسلمين لا يعلمون.إننا فعلا في ورطة متخبطون,نمشي في غرفة مظلمة كل واحد يصطدم بالآخر ولا أحد يعرف كيف نخرج من هذه الإشكالية, ولا أحد يعرف الحقيقة ويتجه المثقف المسلم إلى زيادة حربه على المتنورين فيعتقد بأن سبب تخلفه هو بسبب وجود هؤلاء المثقفين المتنورين فبسبب هؤلاء المثقفين الله غاضب على المسلمين العرب ,وبسبب الراقصات والمتحررات ألله غاضبٌ علينا ولن يسمح الله بأن يتقدم المسلمون إلا إذا أقلع المثقف عن ارتكاب جريمة التفكير وكذلك إذا أقلع بعض الناس عن شرب المشروبات الروحية واستمعت قبل أسبوع من رجل دين طاعن في العبادة والعبودية قوله بأن تعري النساء سبب رئيسي لتخلفنا عن العالم الغربي,طيب ,يا أخي,كل الأوروبيات متحررات ويلبسن ألبسة قصيرة فلماذا لا يعاقب الله دولة المنشأ التي ينشأ فيها هذا الموديل؟,وكذلك مشاهدة الأفلام الرومنسية التي تبثها بعض القنوات الفضائية وتكمن هنالك في قاع المحيط الذي يحيط بنا مسألة أخرى وهي أنه إذا أراد العرب المسلمون أن ينهضوا فما عليهم إلا التمسك بالإسلام,ورؤساء الدول العربية الإسلامية يدعمون فكرة التمسك بالإسلام ومحاربة الحرية علماً أن بناتهم ونساؤهم يلبسن على آخر موديل ويمشين شبه متعريات على الشواطئ الأوروبية والأمريكيتين.غير أنه للمثقفين اليساريين واليمينيين وجهات نظر مختلفة فالغالبية من المثقفين يعتقدون بأن سبب تأخرنا وتخلفنا هو تمسك الأغلبية بالإسلام فما دام الإسلام موجودا طالما غرقنا في التخلف أكبر ولدى هؤلاء وجهات نظر حقيقية منها مثلا أن السويد دولة غير مسلمة ومع ذلك هي في المقدمة وأستراليا والصين وكوريا واليابان وروسيا وألمانيا…إلخ والقائمة تطول أكثر وأكثر,فلماذا مثلا الله يحافظ ويدعم تقدم إسرائيل وأمريكيا وكل الدول المذكورة آنفا رغم أنهم ليسوا مسلمين؟,تعالوا لنفكر بالقضية من هذا الجانب, فتلك الدول ليست إسلامية ومع ذلك هي متطورة أكثر من كل الدول العربية والإسلاموية!!,إننا هنا نقف أمام مفارقة مهمة جدا ويجب أن ننظر إلى الموضوع من منطلق آخر ويجب أن نتخلى عن أسلوب التفكير الذي كان سائدا في العصور الوسطى, ففي العصور الوسطى فقط لا غير كانت الأمم تتسابق في التقرب من الله لكي يؤمن لهم الحياة الكريمة والنهضة وكل الشعوب كانت على حسب تعبير (ماكس فيبر) عالم الأديان الألماني كانت تتسابق في السيطرة على رأس المال الرمزي وهو(الوحي) الذي ينزل بالرسالات السماوية لكي يزدادوا من الله قربا وبالتالي لكي ينصرهم على أعدائهم,فمرة سيطر على هذا السلاح الفتاك المصريون ومرة البابليون ومرة اليهود وثانيا المسيحيون اليهود وأخير الإسلام, وكانت لهذه الشعوب قناعات ووجهات نظر مقنعة جدا ولكن اليوم الموضوع اختلف جدا فكل الدول التي تركت رأس المال الرمزي اتجهوا إلى رأس مال مادي أو من نوعٍ آخر لكي يكونوا في مصاف الدول المتقدمة ونجحت ألمانيا في الثورة البروتستنتية ونجحت إنكلترا ونجحت أمريكا ونجحت اليابان, لقد تغيرت أساليب التفكير كلها وبات من الواضح جليا أن التمسك في الدين –صراحة-لا يقدم ولا يؤخر في التقدم الحضاري أو التأخر الحضاري,لذلك تركت الدول المتقدمة اليوم الدين لشعوبهم كحرية شخصية واعتبارية,وخيار المواطن عندهم واضح جدا في تمسكه بالدين أو في بعده عن الدين,والذي يترك دينه لا تلاحقه الدولة والذي يبدل دينه لا تلاحقه الدولة وللفرد حرية الاختيار بين أن يختار دينه وأي ديانة تعجبه,وللناس حرية ترك كل الأديان وإتباع الإلحاد حتى لو أرادوا عبادة الشيطان فهم أحرار في ذلك والدولة لا تمارس سياسة الضغط على مواطنيها لأن للدولة قناعة بأن الدين لا يقدم في الموضوع ولا يؤخر شيئا.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.