فاطمة ناعوت
أرسل لي الأستاذ: “محمد خليل”، رسالةً طيبة تقول:
“ممكن تساعديني في استضافة أسرة مسيحية في بيتي بالبحر الأحمر؟ ومستعد للإنفاق عليها مدى الحياة. وأُشهد الله أنني جاد في تغيير الصورة الممقوتة التي يطل بها علينا كل يوم شياطين الإنس ممن لا دين لهم وإن ادّعو غير ذلك. إن لم يصح أن يعيشوا معنا في بيوتنا فليعلم أعداء الوطن أننا على أتم الاستعداد أن نذهب لنعيش معهم حتى يعلم القاصي والداني أننا كيان واحد فنبدأ نحن بتلقي الطعنات بدلا من أشقائنا المسيحيين.”
هو يتكلّم عن أقباط العريش الذين يلاقون الويل الآن على يد مسوخ داعش الذين يُروّعون محافظة سيناء، بعدما أسموها “إمارة سيناء”، كأنما وقعت تحت “إمرتهم”، ولكن هيهات، لن تكون، وسيردّهم اللهُ على أعقابهم أذلاّءَ خاسئين، على أيادي بواسل جيشنا المصري العظيم، بإذن الله. اضطرّ أقباطُ العريش المسيحيون إلى ترك دورهم الآمنة، بعدما لم تعد آمنةً، والنزوح الاضطراري إلى كنائس محافظتي الإسماعيلية وبور سعيد، حتى تنتهي قوّاتُ الأمن المصرية من ملاحقة مسوخ الإرهابيين الذين يتخفّون داخل شقوق جبال سيناء وأحراشها، وللأسف يحميهم بعضُ سكّان العريش المُضلّلين. وهذا الظهير البشري التي يحمي الإرهابيين ويُخفيهم عن عيون قوّاتنا المسلحة تكوّن من أهالينا في سيناء لأن الدواعش مازالوا في عرفهم “مسلمين مؤمنين”، وإن بغوا، مادام الأزهر الشريف يرفض تكفيرهم حتى هذه اللحظة، طالما نطقوا الشهادتين!
رسالة الأخ الكريم لا تحتاج إلى تعقيب لتوضِّح طبيعة العلاقة الطيبة الوثيقة بين مسلمي مصر ومسيحييها. فجميعُنا “أقباطٌ” أشقاءُ من أبٍ واحد، وأمٍّ واحدة من سالف الدهر، ولأبد الدهر. نحمل الچين المصري الطيب، وننتمي للعِرق القبطيّ الشريف. جذورُنا واحدة، مهما تشعّبت الأغصانُ وتفرّعت.
لكنّ ردي على رسالة السيد الفاضل جاء كالتالي: “ ما أجمل مشاعرك يا أستاذ محمد! أشكرك طبعًا لكن نحن، وهُم، بحاجة إلى ما هو أكثر من بيوتنا نفتحها لهم. نحن جميعًا بحاجة إلى العدل والتحضّر معهم. فهم ليسوا في حاجة لأن نستضيفهم في بيوتنا. بل هم بحاجة إلى العيش الكريم والآمن في وطنهم مصر.”
إنّ فتحَ بيوتنا، وقلوبنا أيضًا، ربّما يكون للوافدين الذين تركوا أوطانهم المُحتلّة وفرّوا إلى أوطان أخرى أكثر أمنًا وسلامًا. لكن هذا الحال لا ينطبق على أقباط مصر، لأن مصرَ وطنهم الأول والأخير، ولن يكون لهم وطنٌ غيره، مهما سافروا وهاجروا وارتحلوا. بل إن المصريين المسيحيين يحملون الچين المصري على نحو أكثر صفاءً، مما نحمله نحن المصريين المسلمين. لأنهم لم يتزاوجوا، تقريبًا، مع أعراق أخرى غير مصرية كما فعل أجدادُنا المصريون الذين تركوا المسيحية ودخلوا في الإسلام واختلطت دماءُ نسلهم بدماء أعراق مختلفة عن طريق التزاوج بغير مصريين. فمصرُ، تاريخيًّا، ظلّت لا تعرف إلا العقيدة المسيحية التي كان جميعُ المصريين يدينون بها، حتى دخول الإسلام مع الفتح العربي لمصر عام 642 م. آمن بالإسلام نفرٌ، هم أجدادُنا، نحن المصريين المسلمين الراهنين، وظلّ على المسيحية نفرٌ، هم أجداد أشقائنا المصريين المسيحيين الراهنين. لهذا حين نقول “أقباط” فنحن نتكلم عن المصريين المسيحيين الذين احتفظ أجدادهم بدينهم مثلما احتفظوا بالهُوية المصرية (القبطية). ومن هنا يخلط بعضُ الناس بين “العرق” وبين “العقيدة” فيظنون أن “القبطية” عقيدة، بينما هي سلالة بشرية (عِرق) هي “المصرية القديمة”.
أولئك المصريون الأصلاء يواجهون اليوم الموتَ في وطنهم مصر، على يد لصوص داعش المرتزقة أعداء الحق أعداء الحياة. يُهدَّدون ويُقتَلون ويُحرَقون أحياء، ثم يختبئ السفاحون الدواعش في بيوت سكّان العريش وتحت حماية رؤساء القبائل. نجح مسوخ داعش في أن يقنعوا بسطاء المسلمين هناك بأنهم يرفعون لواء الإسلام ففتح لهم الطيبون بيوتهم يخفون فيها أسلحتهم وغدّارتهم التي تحصد كل نهار ما تيسّر لها من الأرواح البريئة المسالمة من أقباط المسيحيين ومن جند جيشنا المصري العظيم. لماذا، وكيف نجح الدواعش في صنع هذا الظهير البشري من أبناء سيناء؟ لأن الأزهر الشريف يضِنّ علينا ببيان رسمي يُخرج أولئك السفاحين القتلة من مظلّة الإسلام، ماداموا ينطقون الشهادتين! ولو أصدر الأزهر ذلك البيان، لانفضَّ عن الدواعش مَن يحمونهم بدعوى حماية الإسلام! ولأنقذ صورتنا نحن المسلمين من تلك الصورة الشوهاء التي دثرتنا أمام العالم.
الأزهر مازال ينعت الدواعش بالـ: “مؤمنين من الفئة الباغية”!!!! فأيُّ إيمان يُظلّل مَن ينحر الرقاب ويحرق الأحياء ويغتصب النساء وهو يهتف باسم: الله الأكبر؟! أيُّ تشويه لاسم الله ولعقيدة الإسلام أكثر مما يفعله مَن تسمونهم بالفئة المؤمنة الباغية؟!! وكيف تندهشون أن يحميهم أهلُ العريش ويصنعون لهم ظهيرًا بشريًّا يُخفيهم عن عيون قوّات أمننا المصريّ؛ وأنتم تضنّون عليهم، وعلينا، ببيان رسمي من الأزهر يقضي بخروجهم عن مظلة الإسلام بعدما خرجوا من مظلة الإنسانية؟! كيف يظلون مسلمين وهم لم يعودوا بشرًا؟! هل العقائد إلا لبشر؟! أليس كافرًا من يُشوه صورة “الله”؟! أليس إصراركم على عدم تكفيره بمثابة تصريح رسمي للإرهاب ممهور بخاتم الأزهر، أكبر مؤسسة إسلامية في العالم، ومُزيّل بختم الدولة المصرية؟!
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
المجزرة الأخيرة
Published by:آدم دانيال هومه** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **
Published by:سرسبيندار السنديكيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **