الأطباء يدفنون أخطاءهم والمعماريون يعيشون مع أخطائهم

أغلبية الناس تقول بأنه أصعب شيء أن تعيش مع شخص لا أنت تحبه ولا هو يحبك, ولكن أنا أقول بأنه أصعب شيء أن تعيش my van gogh mulberry tree in Crayolaمع أخطائك وإلى الأبد, ويقال علميا: أن الأطباء يدفنون أخطاءهم مع موتاهم وبأن المهندسين المعماريين يعيشون مع أخطائهم وإلى الأبد.

الأخطاء المعمارية تتكرر أيضا مع كل دور جديد يبنيه المهندسون, فإذا مثلا اخطأ مهندسٌ بإحدى القياسات فإن هذا الخطأ يتكرر خلف كل دور في العمارة, في الدور الثاني يتكرر الخطأ وفي الثالث وإلى مالا نهاية ولا يستطيع المهندسين أن يدفنوا أخطاءهم وتبقى أخطاءهم شاهدة عليهم ويبقى الناس يتذكرونها كلما نظروا إليها, يبقى الناس ينظرون إلى أخطاء المهندسين والعمال المعماريين ويبقى الخطأ شاهدا على عطائهم الممتلئ بالأخطاء وتكاد الناس بدل أن تنظر على الصروح المعمارية ينظرون بكل حسرة إلى صروح مليئة بالأخطاء.

على العكس تماما من الأطباء حيث إذا نظرت خلفهم لترى أخطاءهم فلن تجدها إلى الأبد كونهم قد دفنوها تحت التراب وكل كائن حي من الدم واللحم إذا دُفنَ تحت التراب لا يمكن أن يعود ليظهر في الحياة من جديد, أخطاء الأطباء حتى وإن لم يدفنوها فإنه من المستحيل أن تعيش طويلا, إنها تعيش لعامٍ واحدٍ أو لعامين أو لخمسين عاما على مدى ما يعيش الإنسانُ سواء أعاش طويلا أم قصيرا.

أما الكاتب مهما كان جنس الكتابة الذي يزاوله فإنه يعيش مع أخطائه ويدفنها معه إذا مات, فتظهر أخطاءه للناس على أساس أنها صروح علمية ويقتات الأقزامُ من الكُتّابِ على أخطاء العظماء من الكُتّاب , إننا بجد أمام ظاهرة لعينة حيث هنالك من يعيش مع أخطائه وهنالك من لا يقبل بأن يعيش مع أخطائه حيثُ المسألةُ هنا مسألةٌ اختيارية , وهنالك من يرغب بأن يعيش مع أخطائه على مدى امتداد عمره قَصُرَ أو غير ذلك , وهنالك من يعيش طوال حياته وهو يبني حياته على سلسلة من الأخطاء مثل أخطاءُ البنائين المعماريين ولا يعترف بدهشته من نفسه ولكن تبقى الناس تنظر إلى طريقة حياته باستغراب وإلى مجمل أخطائه المتراكمة خطئا بعد خطئ , وهنالك من الناس من يخطئ كل يوم ويدفن أخطائه بسرعة وهنالك من الناس من يخطئ ويصلح أخطاءه ويعتذر للناس عنها, وهنالك من الناس من لا يرى أخطاءه مطلقا ولا يعتذر عنها إلا إذا كان مخطئا على حسب قوله وهذا النوع من الناس لديه مشكلتين وهما: أولا أنه لا يعتذر عن تصرفٍ مسيء للناس تصرف به إلا إذا كان مخطئا, وثانيا لا يعترف هذا النوع من الناس طوال حياته أنه مخطئا حتى وإن قالت له كل الناس أنه مخطئ , ومن الناس على خلاف المهندسين والأطباء حيث هنالك من يخطئ ويرى أخطاءه أمام عينيه ولا يمكن أن يمد يده لإصلاحها أو لدفنها أو للتعايش معها وقبول الأمر الواقع والاستسلام له , وهنالك فئة من الناس الين يثرون على حساب أخطاء الآخرين وهنالك من الناس من يتأثر بأخطاء الآخرين أكثر منهم بالمثال على ذلك صديق لي فقد النظر بعينيه للأبد بسبب وصفة طبية أخطأ فيها الطبيب وعاش صديقي طوال حياته كفيف البصر بينما عاش ومات الطبيب ونظره 6-9,وهنالك من يدفع ثمن أخطائه بنفسه وهنالك من يدفع الناس ثمنا لأخطائه, وهنالك من يتحمل بنفسه أخطاء الناس بحقه الشخصي.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.