الأحزاب الدينية والنهج المجرب

iraq-securityالدكتور سفيان عباس التكريتي

الأحزاب الدينية العربية طرحت مشاريعها الفكرية والعقائدية في شؤون الحكم بعيدا عن الثوابت والمبادئ الإسلامية ومارست إدارة السلطة على ضوء هذه الأرضية الخاوية من قيم الدين او المذهب ومنها ذهب بنهجه الى حيث خلط مجاميع الأوراق وراحت تتلاعب بمشاعر المؤمنين حسبما تقتضي الأجندات المفروضة عليها بملاءات خارجية تقطعها عن صلب الإيمان فضاءات لا تحدها حدود ما نجم عنه تقديم أبشع الصور والمفاهيم للدين الحنيف . وقد خاضت هذه التجربة المريرة على الشعب وأثبتت فشلها رغم كل المحاولات اليائسة بالتضليل إلا ان منظار الجماهير كان أوسع وأكثر دقة وتشخيصا وتقييما لحال هو محال أصلا انطلاقا من الرغبة الجامحة للشعوب الإسلامية تحديدا بعدم رغبتها بزج الدين في السياسة ورفضها القاطع للدجل الذي يسئ للرسالة الإلهية الخالدة . ان تلك التيارات التي تفرض نفسها وفكرها اللاديني على المؤمنين قد عجزت تماما من إقناع حتى البسطاء بأن مشروعها السياسي له مبررات دينية . فالأحزاب الدينية العراقية التي جاءت تهرول مع الاحتلال سقطت منذ اللحظة الأولى لتعاونها مع هكذا جهات غازية مستعمرة وقاهرة للشعب . كيف يعقل ان يكون الدين الإسلامي متآمرا ومتواطئا وخاضعا وخانعا للأجنبي الذي جاء من اجل نهب الثروات القومية ووضع يده على مقدرات هذا البلد الى آجال غير محددة ؟ وهل الشرع الإسلامي يجيز قتل مليوني مسلم ناطق بالشهادة للواحد الأحد وتهجير أكثر من خمسة ملايين خارج وداخل العراق أي دين هذا الذي ينتمي إليه هؤلاء ؟؟ ولهذا عملوا خيرا فقد أيقظوا صحوة الضمير لدى أبناء العشائر في عموم العراق الذين باتوا يشكلون الرقم الصعب للمعادلة العراقية وراحوا يفكرون مليا بالابتعاد عن هذه الأحزاب الغريبة في أطوارها وأطروحاتها التي لا تربطها بالإسلام الروابط . ان الخطاب السياسي للتيارات الدينية العراقية هو توأم لخطاب النظام الإيراني على مستوى الغرابة والمعاداة للإسلام نصا وروحا وكلاهما طائفيا وتربطهما مشتركات وقواسم في التدمير والانتهاك الخطير لحق الإنسان واختياره لدينه ومذهبه وعقيدته وحرية ضميره وفكره السياسي والأيدلوجي على وفق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية الأخرى والاثنين يلتقيان في بؤرة ولاية الفقيه المسيئة لكل المذاهب . فالنظام الإيراني ارتكب الجرم المشهود ذاته بحق الإسلام ومذاهبه كما تبعته بغير إحسان الأحزاب الطائفية داخل العراق والقابضة على السلطة بفضل المحتل الأمريكي بنفس السلوك والنهج مع فارق بسيط بينهما ان نظام الملالي له استراتيجيه بالسيطرة على المنطقة ومحاولته امتلاك الأسلحة الذرية كذراع مميت لتنفيذ هذه المخططات المريبة أما الثاني غريمه في العراق فهو يخضع للأجندة الاستعمارية مثلما هي بدايات الملالي مع الغرب وأمريكا في نهاية السبعينيات القرن الماضي بعد ان عقدت الصفقات لإسقاط النظام الشاهنشاه محمد رضا بهلوي . اذن البودقة الحاضنة للنظامين واحدة والجهة الداعمة لهما هي ذاتها اليوم المحتلة للعراق ولا يوجد فارق يزيل الضبابية عن نظافة أي منهما . لقد سقطت الأحزاب الدينية بهذه التعاملات المشبوهة مع أعداء الإسلام . ان الفاشية قديمة جدا بعمق التاريخ فقد مارسها الروم قبل الميلاد في روما ثم انتقلت بعد ذاك الى العصر الحديث وتبناها جبابرة عدة سقطوا جميعا في مزابل التاريخ وكان آخرهم موسليني حاكم ايطاليا ابان الحرب العالمية الثانية وانتقلت الى نظام الفاشية الدينية الإيرانية التي تميزت عن سابقاتها في جميع صور البطش والقتل والتدمير بل أكثرها مرارة مورست تحت راية الإسلام ظلما وزورا وربما كانت مخطط لها لتشويه المعاني العظيمة لهذا الدين العظيم ولهذا كان الشبه بين النظامين العراقي والإيراني في النهج المجرب …؟

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.