اقرأوا ماذا -يخرط- حنش والسراي

rodenyطلع علينا قبل يومين على احدى الفضائيات “فضائية آسيا”شخصان يبدو انهما تخرجا من مستشفى الشماعية مؤخرا.
الاول اسمه عمر السراي والثاني كريم حنش وهما من بائعي الكتب في شارع المتنبي.
هؤلاء المخبولان يطالبان بمنع العامة من الدخول الى شارع واقتصار الرواد على المثقفين فقط.
ترك لاعبان من اولاد الملحة “الطاولي” وانبطحا على ارضية مقهى ابو كاظم وبدآ الضحك بهستيريا لمدة نصف ساعة.
بعد ان هدأ الجميع نهض احد الرواد وسال كيف يمكن معرفة المثقف من غيره؟
ضحط الجميع الاواحدا اجاب بجدية:من البطاقة التموينية عيني.
ويصران الاخوين المخبولين على ضرورة ان “يكون الشارع حكرا على المثقفين لأن العامة يسببون الازعاج ويأتون للتنزه فقط والتقاط الصور”.انهما فعلا لايملكون من الوعي الا مايملكه الحمار الوحشي.ولا اعتقد انهما يتجولان في مواقع التواصل الاجتماعي لأنهما لم يريا سيدات يوزعن الكتب مجانا على الناس في الشوارع العامة في يغداد ولم يريا كذلك شباب الصويرة وهم ينظمون معارض للكتاب ويحثون مواطنيهم هناك على زيارة المعرض واقتناء الكتب باسعار رمزية.
ليس مثلي من هو اشد عداوة وكرها للكثير من المثقفين العراقيين وهي نابعة للاسباب التالية:
*انهم يعتقدون ان الله في السماء وهم في الارض.
يكتبون خرابيش يسموها اما قصيدة او قصة قصيرة.
*في الستينات اصيب البعض منهم بمرض”الوجودية والخنفسة” فحملوا خياما الى سلمان باك وباتوا ليال عديدة ليتأملوا ويكتبوا عن هذا الضيف الفكرين الجديدين.
*يكنون “قيحا” للديمقراطية ولايطيقون تطبيقها الا في مخيلتهم المريضة.
*بعضهم قرأ عدة كتب ،وكلها لكتّاب اجانب، وحفظوا اسماء المؤلفين واخذوا يتمشدقون بها امام الربع.
يشعرون بالغيرة وهم يرون الاولاد يقرأون الصحف او يحملون كتابا بيدهم لأن القراءة والثقافة حكرا لهم.
*لايدري هذان المخبولان ان العديد من المثقفين لايشترون الكتب فهم مفلسين جيبا وعقلا.
في معظم بلاد الكفار تخصص المكتبات العامة يومين في الاسبوع للاطفال مع امهاتهم لقراءة القصص وترنيم الاناشيد بمصاحبة امين او امينة المكتبة الذي يرقص او ترقص امامهم وهم يصفقون فرحين.
ويبدو ان وزارة الاعلام ستدرس هذا الاقتراح وتصدر هويات خاصة للمثقفين الاشاوس ومن جانبها ستوعز وزارة الداخلية الى بعض جنودها لمنع دخلو الشارع للذين لايحملون هذه الهوية.
والله ابتلينا بالسراق والفضائيين وانحسار التعليم والمدارس الطينية ثم يأتينا من يريد ان يمنع البشر من الدخول الى شارع المتنبي.
زمن اغبر.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.