الجزء الثاني
سيد قطب المنظر الرئيس لجماعة الاخوان المسلمين بعد حسن البنا، كتب عدة كتب تعتبر المصادر الرئيسية للجماعة واهمها ” في ظلال القرآن ” و”معالم في الطريق” .
وقد انبرى عدد كبير من الكتاب في كتابة سيرته وافكاره وما كان ينادي به لغرض تغيير المجتمع من مجتمع جاهلي الى مجتمع اسلامي.
الكاتبة آمال الخزامي، كتبت كتابا عن سيد قطب وفكاره اسمته [ سيد قطب – في ظلال صاحب الظلال ] ، وقد حررت في كتابها افكاره المستقاة من كتابيه المذكورين وما كتبه بعض المفكرين عن سيد قطب .
في مقالنا هذا نبين بعض ما جاء في هذ الكتاب من افكار قطب ونعلق عليها من وجهة نظرنا .
جاء في صفحة 82 من الكتاب :
” كانت الامال معلقة على سيد قطب بالعودة من بعثته مناصرا لنمط الحياة الامريكي ومنفذا للسياسة الامريكية الاصلاحية في مصر ، الا ان التجربة من بدايته على متن الباخرة التي حملته من نيويورك ، جاءت بعكس ما رادت الولايات المتحدة، حيث بدأت النزعة الدينية تظهر عند قطب بوضوح “. انتهى
التعليق :
الكاتبة آمال الخزامي تناقض نفسها بقول آخرفي نفس الكتاب حيث تقول :
” لقد نجحت الولايات المتحدة الامريكية في زرع بذور محاربة الشيوعية في قلب سيد قطب واستغلاله لتنفيذ سياستها في المنطقة . فقد كتب سيد قطب لأحدى الصحف قائلا:
” ان بلدنا في طريقها الى الشيوعية بسبب سوء الاحوال الاجتماعية التي يؤيها الاحتلال الانجليزي ” . وقد كان قطب بمقاله هذا يدق ناقوس الخطر الشيوعي القادم لمصر ، وكان ذلك ما تريده امريكا بالضبط .
كما تقول الكاتبة في كتابها : ” تطرق سيد قطب للمساواة الانسانية والتحرر الوجداني والعدالة المطلقة، وسماحة الاسلام في معاملة البلاد المفتوحة على يد المسلمين والطوائف الغير مسلمة في بلاد الاسلام . فهذا نوع جديد من المساواة والعدل تجاوزالافراد في المجتمعات المسلمة ، لقد قامت الدعوة الاسلامية بمخاطبة العقل والضمير والوجدان وتجردت من وسائل القهر المادي والمعنوي [ لا إكراه في الدين ]،
[ ادعُ الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادله بالتي هي احسن ] .
ويقول سيد قطب : ” امتدت الفتوحات الاسلامية خارج الجزيرة العربية ، ولم تكن تلك الفتوحات غزوا للشعوب بالقوة او استعماراً ، ولا استغلالا اقتصاديا او سياسياً ، وانما الاسلام دين للبشر كافة !! ، فقد آخى بين الجميع ولا يفرق بين أحد . ولقد حقق الاسلام اهدافه كاملة في البلاد التي فتحها ، فكفل المساواة المطلقة بين اهلها وكفل لهم حقوقهم الانسانية في حالة دفع الجزية ، فضلا عن المعاملة الانسانية في حالة الحرب . لقد كان الاسلام في قمة العدل الاجتماعي الانساني الشامل ، لم تبلغها بعد الحضارة الاوربية ، ولن تبلغها ابداً ، لأنها حضارة المادة الجامعة ، حضارة القتل والقتال والغالب والنضال”.
التعليق :
بدأ التاريخ الاسلامي في عهد محمد نبي الاسلام بعد الهجرة ، وبعد ان قويت شوكة محمد بمساندة الانصار له ، سجل التاريخ الاسلامي تفاصيل الغزوات المسلحة لمحمد، فبدأ بغزو الاهل والعشيرة اولا ، وقطع طرق قوافل قريش لغرض سلبها ونهب ما جلبه تجار قريش من أموال وبضائع . فقد سجل التاريخ ثمان وعشرين غزوة لمحمد ضد القوافل وقبائل المناطق التي كان يعيش بقربها والقبائل البعيدة وارتكاب مذابح جماعية بحق يهود خيبر وبني قينقاع وقريضة . والغاية منها ليست نشر الاسلام كما يدعي البعض ، بل غايتها القتل لأجل النهب وسرقة الغنائم والانفال وسبي النساء والاطفال ، اما للاستمتاع بهن او بيعهن مع الاطفال بسوق الرقيق لشراء السلاح والخيل.
بعد موت محمد اكمل خلفاءه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي بقية الغزوات المعروف اسبابها ، وهي الاستيلاء على اراض وخيرات امم اخرى لتمويل بيت مال المسلمين وشراء السلاح والخيول لمواصلة الغزوات،لأن مسلمي الجزيرة العربية كانوا امة غير منتجة يعتاشون على خيرات الامم التي يغزوها، وقد جمّل كتاب التاريخ الاسلامي تلك الغزوات وغيروا اسمها الى الفتوحات الاسلامية ونشر الاسلام .
اما معاملة سكان المناطق المحتلة بالمعاملة الحسنة والعدل والمساواة فهذا افتراء على الحقيقة والتاريخ . ان فرض الاسلام كدين جديد على سكان البلاد التي تدين بالمسيحية واليهودية والزرادشتية هو اعتداء سافر على حرية التدين والمعتقد لتلك الشعوب ، مثل نصارى سوريا والعراق واقباط مصر، استنادا للاية القائلة ( لكم دينكم ولي دين ). كما ان فرض الجزية لمن لا يدين بالاسلام من اهل الكتاب هو اغتصاب لأموال الناس بالقوة لاحق للمسلمين الغزاة بها ، لأنهم كانوا آمنين في بلادهم لايدفعون اموالا لأجنبي غاصب لبلادهم ، واعطاء الجزية للمحتل هو سلب لخيرات تلك الشعوب . وقد كانت مصر البقرة الحلوب لبلاد المسلمين تدر الخراج المستمر الى مكة ، حتى قال عمرو بن العاص والي مصر وقائد الجيش قوله المشهور عن مصر :
« أنا كماسك قرون البقرة وآخر يحلبها» ويقصد عمر بن الخطاب .
راجع مقالة موريس رمسيس (غزو مصر و سقوط ارض الفراعنة في أيدي البدو العرب) الجزء الثالث http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=230938
نظرة سيد قطب للثقافة والحضارة والعلوم الغربية
كتب سيد قطب في كتابه : ” الامر في علوم الكيمياء والطبيعة والفلك …الخ مادام في حدود التجربة الواقعية وتسجيل النتائج الواقعية دون تجاوز ذلك الى التفسير الفلسفي ، لأن لدى المسلم الكتابة من بيان ربه الصادق عن تلك الشؤون ، ومن المستوى الي تبدو فيه محاولات البشر في هذه المجالات هزيلة مضحكة ” !!
التعليق:
حسب تفسير سيد قطب ، ان المسلم لديه كل معارف العلوم التي يحتاجها البشر والتي يستمدها من القرآن ، أما محاولات البشر في اجراء التجارب العلمية وتسجيل النتائج الواقعية بتفسير فلسفي للحصول على المعرفة وكشف اسرار الكون العلمية فهي بنظره محاولات هزيلة ومضحكة !!.
اليست هذه النظرة هي منتهى التخلف والانغلاق الفكري والتعصب الديني الاعمى ضد العلوم ، والدعوة الى الابتعاد عن العلوم التجريبية والتطبيقية والنظريات الفلسفية لكشف اسرار الكون وسبر اعماق المجهول واستخلاص النتائج لصالح البشرية ؟ هل الدين يدعو للانغلاق الفكري لمجرد ان آلاخرين اصحاب العلوم يدينون بدين آخر غير الاسلام ويُخشى على الاسلام والمسلمين من فلسفتهم ؟
ويضيف قطب في منهاجه قائلا : ” من الغفلة المزرية الاعتماد على مناهج الفكر الغربي وعلى نتائجه كذلك في الدراسات الاسلامية ، ومن ثم يجب الحيطة والحذر كذلك اثناء دراسة العلوم البحتة – التي لابد لنا في موقفنا الحاضر من تلقيها من مصادرها الغربية- من اي ظلال فلسفية تتعلق بها ، لأن هذه الظلال معادية في اساسها للتصور الديني جملة ، والتصور الاسلامي بصفة خاصة ، واي قدر منها يكفي لتسميم الينبوع الاسلامي الصافي ” !!
التعليق:
اذا كان قطب يخشى على ينبوع الاسلام الصافي من التسمم من المصادر الغربية ، فلماذا سافر هو نفسه الى امريكا في بعثة دراسية للاطلاع على مناهج التعليم واسلوب التدريس لتطبيقها في مصر؟ الم يكن من الاولى به رفض هذه البعثة الدراسية خشية ان يتسم فكره وينبوعه مما سيراه في امريكا ؟
ثم لماذا ترسل الدول الاسلامية ومنها حكومة المملكة العربية السعودية الاسلامية مئات الالاف من الطلاب سنويا الى جامعات اوربا وامريكا في بعثات دراسية ؟
الا يخشى المسلمون من ان تتلوث عقولهم ويتسمم اسلامهم بالفلسفات الغربية ؟
ولماذا يبقى المسلمون من الامم المتخلفة عن ركب الحضارة العالمية ، وبحاجة دائمة لنهل العلوم من مصادرها الغربية والحصول على شهادات عليا من الجامعت الاوربية والامريكية . لماذا لا تقيمون حضارة اسلامية راقية تضاهي حضارة (الكفار) الغربيين او تتفوقون عليهم ليكون المسلمون والاسلام في منأى عن مصادر التلوث التي قد تسمم ينبوع الاسلام الصافي ؟
11-10-2013