افكار عن العلمانية

شبكة البصرة

القس لوسيان جميل

قارئي العزيز! الكلام عن العلمانية واسع جدا, ومتعد الأبعاد والأوجه، ولا يمكن ان يستوعبه مقال واحد مهما كثرت اعداد صفحاته. لذلك لم نضع كلمة العلمانية لتكون عنوانا لمقالنا هذا، وإنما وضعنا عوضا عنها عبارة: افكار عن العلمانية، لكي لا يحسب احد أننا سنقول كل شيء عن هذه العبارة المتعددة في معانيها وأوجهها، والقابلة للالتباس.

تعريف بسيط للعلمانية: غير اننا، ومهما كانت الغاية من كتابتنا، لابد ان نقدم تعريفا بسيطا للعلمانية، لكي يكون القارئ على بينة مما سنكتبه، ولاسيما ان مصطلح العلمانية يلفه الغموض، بسبب المعاني الكثيرة التي تعطى له، وتباين الاراء حوله، وكثرة الالتباسات فيه، ونظرا للخلط الذي يصيبه، ونقص التمييز بين المعاني التي تعطى له، هذه المعاني التي كثيرا ما تكون بشكل تهم وشيطنة وتكفير للعلمانية، اكثر مما تكون تعريفا حقيقيا وموضوعيا للعلمانية ذاتها. لذلك نرى نحن، ووفق فكر تحليلي وعلمي، ان نقدم تعريفا للعلمانية، يتسم بالبساطة والوضوح والموضوعية، لكي نميز بالتالي بين العلمانية الحقيقية وبين علمانية هي من نسيج خيال بعض العلمانيين وبعض المعادين للعلمانية.

التعريف اللفظي للعلمانية: ومما لا شك فيه، هو ان أولى الالتباسات تأتي من التعريف اللفظي لمفردة العلمانية. فقد يحسب البعض ان كلمة العلمانية كلمة قاموسية اصلية لها معناها القاموسي في ذاتها، كقولنا كتاب او جبل او شجرة او ذهب، غير ان حقيقة كلمة العلمانية ليست كذلك، لأن هذه الكلمة هي مصطلح وضعه الفلاسفة وعلماء الاجتماع واللاهوتيون في زمن معين من التاريخ. اما ان نجد هذه الكلمة في القاموس اليوم، فذلك يعني فقط ان الكلمة دخلت القاموس في زمن متأخر جدا. ومما لا شك فيه هو ان مصطلح العلمانية مشتق من كلمة العالم، ولكن بسبب تعدد معاني كلمة العالم ذاته، فإننا نرى ان مصطلح العلمانية انما يشتق، من حيث معناه، من بعد واحد، او من معنى واحد فقط من معاني العالم الكثيرة. 

التعريف التاريخي للعلمانية: ويقينا ان العالم الذي منه اشتقت بشكل مجازي كلمة العلمانية ليس هو الكون

Cosmos

 ولا هو عالم الارض، بصفته مكانا

Lieu

يسكنه البشر، كما لا تعني كلمة العالم مجموعة من الناس القاطنين في الكرة الارضية، ولا هو العالم السياسي او العالم الدولي، لكن كلمة العالم التي تحدد معنى العلمانية لها معنى تاريخي ولاهوتي محدد، سوف نلقي عليه نظرة بسيطة، من اجل تحديد المعنى الدقيق للعلمانية. 

الجذور التاريخية لمصطلح العالم والعلمانية: ويقينا ان تاريخ مصطلح العلمانية يرقى الى الزمن الذي فيه اكتشف الانسان المفكر حركة الزمن وقسم الزمن الى ماض وحاضر ومستقبل، او الى الأيام والأشهر والسنوات الماضية والى الأيام او الأشهر او السنوات التي كان يعش فيها ذلك الانسان، والى الأيام والأشهر والسنوات القادمة، مع ما كانت تختزن ذاكرة ذلك الانسان من الحوادث والحالات التي عاشها، مقارنة مع الحوادث والحالات التي كان يعيشها في زمانه الحاضر، ومع الآمال التي كان يحملها ويتمنى تحقيقها في المستقبل، او في القادمات من الأيام والأشهر والسنين. ومما لا شك فيه هو ان الجدل

Dialectique

 كان يعمل منذ وجود الانسان على الارض بصورته البشرية الحالية، لكن وعي الانسان للحركة الجدلية لم يصر واضحا الا بعد ان بدأ الفكر الانساني التأملي بالنضوج، ولو كان ذلك على شكل اسطورة ثم فلسفة ثم علم تجريبي وبرهاني، لكن الانسان القديم كان يشعر بالتأكيد ببعض التغيير في حياته مع الزمن، كما كان في اغلب الأحيان يحن الى ماضيه، الذي يعده احسن من حاضره، ويتخوف بالتالي من مستقبله، بحسابات فطرية غير دقيقة، في زمن كان فيه التغيير الحضاري بطيئا جدا وغير ملحوظ.

وضوح اكثر في العهد القديم الموسوي: ويقينا ان التغيير الحضاري صار باديا للعيان في زمن التوحيد الموسوي، كما يرى البعض، او في زمن التوحيد الابراهيمي، كما يرى البعض الآخر. هذا وقد لا نجد مصطلح العالم والعلمانية في العهد القديم الموسوي، غير اننا بالتأكيد نرى فيه معاني هذه العلمانية بشكل أوضح، حيث ان العهد القديم يتكلم عن العهد الوثني ويقارن بينه وبين عهد الأمة الجديدة التي تؤمن بالإله الواحد، سواء ابتدأ العهد الموسوي مع موسى نفسه ام ارتقى الى عهد ابراهيم. فالإله بحسب العهد القديم الموسوي هو الاله الحق الذي لا اله غيره، بينما صارت جميع آلهة ما قبل هذه الفترة آلهة كاذبة وباطلة. وعليه صارت كل افكار العهود الوثنية وكل ممارساتها الاجتماعية والأخلاقية من عهد قديم بائد، الأمر الذي جعل من امة بني اسرائيل امة علمانية ملحدة في نظر الوثنيين، ولاسيما في نظر ارباب السلطة منهم. اما في نظر بني اسرائيل أنفسهم فقد دخلوا عهدهم الجديد منذ ايام الوعود التي استلمها ابونا ابراهيم بحسب ما يذكر كتاب سفر التكوين، بينما صارت الوثنية هي العهد البائد والباطل الذي لا يرضى به الله. وهكذا نجد في العهد الموسوي عالمين عالم قديم يتشبث بكيانه وينعت كل من خرج عليه بالكفر والزندقة، وعالم جديد يحاول ان يدحر العالم القديم وجميع افكاره وممارساته، حيث تنفي المرحلة الجديدة نفيا ديالكتيكيا كل المراحل القديمة السابقة، وان كان هذا النفي لا يحصل الا على مراحل متدرجة ومتباعدة، حسب ما نعرفه من طبيعة الانسان ومن طبيعة الله الذي يراعي ويحترم هذه الطبيعة الانسانية.

العالم في المفهوم المسيحي: ويقينا ان المسيحية لا تختلف عن باقي الأديان المذكورة في خضوعها للقديم وللجديد، وفي حركة انتقالها من العهد القديم الموسوي الى العهد المسيحي الجديد، لأن المسيحية خضعت ولا زالت تخضع كسائر الأديان لعملية جدلية يزيح جديدها قديمها، حسب قواعد انثروبولوجية واجتماعية معقدة. وعليه لم تنج المسيحية، كما حدث لكل الأديان من قبلها ومن بعدها، من عواقب التغيير المستمر المتسم بالصراع، سواء كان الصراع سلميا ام دمويا.

العالم الجديد الخاص بالمسيحية والإسلام: وبما ان المسيحية، ولأسباب لا نتطرق اليها الآن تلتقي مع الاسلام في الجذر الابراهيمي (العهد القديم)، فإننا يمكننا ان نستنتج ان للإسلام ايضا عهده الجديد المتناقض مع العهد الموسوي القديم، بتناقض مماثل ومواز لتناقض المسيحية مع العهد القديم الموسوي. ولكن هنا لا نستطيع بعد تاريخيا ان نتكلم عن العلمانية، لا في المسيحية ولا في الاسلام، لكننا نتكلم فقط عن العهد القديم والعهد الجديد، وعن العلاقة الجدلية بين كل من المسيحية والإسلام، وبين العهد القديم الموسوي، مع فارق يقول بأن لكل دين عهده القديم التاريخي الخاص به، كما له عهده الجديد الخاص به ايضا، كما سيكون لكل دين نقيضه وعلمانيته الخاصة به ايضا. وبذلك تكون العلمانية واضحة في هذه الحقبة التاريخية، دون ان تكون هناك كلمة تدل عليها، سوى كلمة القديم والجديد، بمختلف اشكالها، مثل العهد القديم والعهد الجديد والجاهلية والإسلام، حيث يكون المقصود صدر الاسلام.

انجيل يوحنا ومفهوم العالم: على الرغم من كلام وضعه الانجيليون على لسان يسوع يقول: لم آت لأنقض بل لأكمل، الا ان يوحنا يؤكد اكثر على الفارق النوعي بين العهد القديم والعهد الجديد، عندما يتكلم عن العالم الجديد الذي لم يقبله اليهود، وعندما يتكلم عن عالم النور وعالم الظلام، وعن عالم الخطيئة وعالم الخلاص، وعن عالم اليهود وعالم الوثنيين الذي يعيش فيه تلاميذ يسوع دون ان ينتموا الى هذا العالم روحيا: انتم في العالم لكنكم لستم من العالم.

الظاهرة الجدلية: هنا يبدو بكل وضوح ان الظاهرة الجدلية هي التي تخيم على مسيرة عالم الانسان، بحيث ما كان في بداياته عالما جديدا ديناميكيا متحمسا ومضطهَدا يتحول بشكل تدريجي الى عالم جامد ستاتيكي يرفض اي تغيير ويعيقه ويحاربه، لكي يجبر الأبناء على السير في طريق الآباء، مقلدين آباءهم في ادق التفاصيل الدينية. وهكذا نجد في الظاهرة الجدلية تفسيرا لأي عهد جديد وتفسير سلوكيات المؤمنين به، عندما نرى عند ابناء العهد الجديد حماسا منقطع النظير، وإيمانا بأن ما اكتشفوه مطلق في قيمته وقدسيته، وأن الاله الذي آمنوا به لن يكون لملكه انقضاء. كما اننا نجد تفسيرا لسلوكية ابناء ومؤسسات الحقبة الحضارية المحتضرة والقريبة من الموت والانحلال، عندما يتمسكون بما كان آباؤهم قد اكتشفوه وآمنوا به وقدسوه في ايام ولادته الجديدة وأيام قوته وعزه. فما يحصل عند الآباء والأجداد من ردود سلبية انما هو ناتج عن غريزة الدفاع عن الذات وعن كل ما كان الآباء والأجداد يرتاحون اليه يوما ويقدسونه بحق، الى الدرجة التي فيها يمكننا ان نقول بأن علمانيي الأمس يصيرون سلفيي اليوم. فهنا يعمل الجدل عمله دون ريب. 

شيطنة متبادلة بين القديم والجديد: في هذه الفقرة نتكلم عن العنف المتبادل بين المجددين والرافضين للتجديد، وللأسباب المذكورة اعلاه. غير اننا في هذا المقال نكتفي بالكلام عن الشيطنة المتبادلة بين الطرفين المذكورين، كون الشيطنة مظهر من مظاهر العنف ايضا، وان كانت الشيطنة اقل ضررا من العنف الجسدي الذي حدث ويحدث في كثير من بقاع العالم. اما اشكال الشيطنة فكثيرة ومتنوعة، بحسب الزمان والمكان، ابتداء من الشيطنة المرتجلة وانتهاء بالشيطنة المدروسة والمنظمة، حيث تسمى الشيطنة عند السلفيين والمحافظين دفاعا عن الدين، وان سمي هذا الدفاع عن الدين بالحوار والمناظرة، حيث غالبا ما يتحول الحوار بسرعة الى تجريح وتهكم وصراع. وهكذا طلعت على العالم عبارات شيطنة على لسان المحافظين، مثل عبارة الكفر ونقص الايمان والإلحاد والزندقة والدهرية والعلمانية

Laïcisme

 والعقلانية

Rationalisme

 وغيرها الكثير. اما المجددون فكانت لهم عبارات خاصة بهم لشيطنة المحافظين مثل عبارة الغيبية والجهل وال لا علمية والعقيدانية

Dogmatisme

 والاكليروسانية

Cléricalisme

 التي تعني هيمنة الاكليروس (رجال الدين) على الفكر والعقل، وغيرها الكثير ايضا. وهكذا نرى ان مصطلح العلمانية قد صار سيفا ذي حدين، حيث يضرب المحافظون بأحد اوجهه خصومهم المجددين في حين يضرب المجددون بحد السيف الثاني خصومهم متهمين اياهم بالمروق على العلمانية وعلى الديمقراطية، الوجه السياسي للعلمانية.

منشأ تسمية العلمانية: مما لا شك فيه ان انجيل يوحنا هو اساس مصطلح العالم الذي اشتقت منه كلمة العلمانية. فكلمة العالم عند كاتب الانجيل المذكور يعني العالم الرافض لإرادة الله في التغيير، اي العالم القديم المرشح للزوال والمقاوم لإرادة التاريخ التي يمكن ان يرى المؤمن فيها ارادة الله. وبما ان الحياة النسكية والرهبانية كانت تعد انعزالا وخروجا عن العالم بالمعنى اليوحناني: “انتم في العالم ولكنكم لستم من العالم “، فان تسمية العالم والعلماني صارت تعطى لكل من ليس راهبا في دير، ثم صارت تطلق على كل الاكليروس (رجال الدين) سواء كانوا رهبانا ام لا، كما صارت تطلق على كل من لا يتبنى رؤية الاكليروس العقائدية والشرائعية.

العلمانية لا تعني الالحاد: مما تقدم يظهر جيدا بأن العلمانية تختلف كثيرا عن الالحاد، وان ما ينسب اليها من الزندقة والإلحاد والحياد عن الايمان، لا يأتي الا من باب الصراع بين القديم والجديد، حيث يشيطن المحافظون كل ما وكل من يعارض فكرهم المتخلف، دفاعا عن القديم لا غير، فيما تظهر مكافحة العلمانية كمكافحة للعقل الانساني الذي وضع في الانسان من اجل ان يعرف جميع المواضيع التي يتعامل معها معرفة عقلانية، بما فيها مواضيع الايمان. اما ان يكون هناك الحاد، بكل اشكاله الفلسفية والعملية يصاحب التبشير بالعلمانية ويأتي مندمجا او موازيا لعملية تطبيق العلمانية، فذلك لا يأتي من طبيعة العلمانية ذاتها، بل من الانسان الذي يطبق او يبشر بالعلمانية، مع تأكيدنا على ان العلمانية تبقى علمانية لها سماتها وطبيعتها الخاصة ويبقى الالحاد بأشكاله المختلفة الحادا، له سماته وقوانينه وأسبابه الخاصة، حيث لا يشترط بالإلحاد ان يصاحب العلمانية بشكل حتمي ابدا.

معنى العلمانية بعد الثورة الفرنسية: مما لا شك فيه ان مصطلح العلمانية اخذ في الثورة الفرنسية كل ابعاده، وصار يشمل الحياة السياسية والحياة الاجتماعية، وحتى الحياة الدينية، ولاسيما عند المسيحيين، متوازيا مع مصطلح الديمقراطية والحرية، الأمر الذي يجعلنا نلاحظ بأن العلمانية اخذت منحيين: الأول هو منحى فصل الدين عن الدولة الثيوقراطية لتتحول الى دولة ديمقراطية وعلمانية لا تدار شؤونها من خلال ثوابت رجال الدين، بل من خلال العقل الانساني الحر المستقل بقواعده الذاتية الخاصة. وعليه نرى انه لا زالت العلمانية تعرّف على انها نقيض للثيوقراطية ولعقلية رجالها المحافظة والمتخلفة. 

معنى مصطلح العلمانية اليوم: اما اليوم فقد صارت العلمانية في الحكم، كما يقال. وعلى الرغم من وجود معادين لها هنا وهناك، ولاسيما في الدول النامية، الا ان العلمانية قد انتصرت على اعدائها، في المجالين السياسي والإنساني الفكري، حيث لا اعتقد بأن هناك مجال للتراجع عن العلمانية في العالم كله. غير ان الذي حدث هو ان اختلطت الحنطة بالزوان وصارت العلمانية المقرونة بالقوة الغاشمة تنصلا من كل الأسس والقواعد والالتزامات الاخلاقية والإنسانية، الأمر الذي خلق من العلمانية في ايامنا دكتاتورية دموية رهيبة، لم تعد تعرف لحقوق الانسان ولدمائه من معنى. فمع العلمانية السياسية خاصة تسللت البراغماتية والميكيافلية والدكتاتورية وإرهاب الدول القوية بكل اشكاله، حتى صارت المنظمات الدولية السياسية عونا للعدوان الدولي على ضعفائه، عوضا عن ان تكون منصفة لهؤلاء الضعفاء وحامية لهم. وعليه لا يسعنا نحن، سوى ان نميز بين العلمانية ذاتها وبين ما يصاحبها من تجاوزات على القيم الانسانية، هذه التجاوزات التي تتناقض مع العلمانية والديمقراطية والحرية وتعتدي على حقوق الضعفاء وتحاول ان تستعبدهم عوضا عن ان تحررهم.

تلكيف – محافظة نينوى – العراق

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.