كشف مؤلف كتاب ( جواسيس جدعون) غوردون توماس الذي يستمد معلوماته من الموساد الاسرائيلي معلومات خطيرة عن بعض اسرار العراق وشخصياته المؤثرة .
ولاهمية تلك الاسرار التي لابد ان يعرفها كل عراقي وعربي سنقدم هذا المقال في جزئين لبعض الاسرار التي ذكرها توماس في كتابه عن هذه الشخصيات .
أحمد الجلبي
هو مصرفي من عائلة عبد الهادي الجلبي ، سطع نجمه بشدة بعد الغزو الامريكي للعراق حيث كان العنصر المحرك والنشط لحث الادارة الامريكية وتحريضها لاسقاط نظام صدام حسين بالقوة العسكرية . تخرج من معهد
MIT
للتقنية في امريكا، وكون علاقات سياسية ومخابراتية مع رجال الكونكرس الامريكي ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد .
اكتشف عميل الموساد المقيم في السفارة الامريكية في واشنطن ، ان المصدر الرئيس الذي يعتمد عليه رامسفيلد في تزويده بالمعلومات عن العراق وصدام حسين والبرنامج النووي واسلحة الدمار الشامل العراقية هو أحمد الجلبي ، زعيم حزب المؤتمر العراقي الذي جمع بدعم امريكي وبريطاني احزاب ورجال المعارضة العراقية في مؤتمر في لندن للتخطيط لتكوين حكومة عراقية بديلة بعد سقوط نظام صدام حسين .
اما عن خلفيته السابقة ، فيقول مؤلف الكتاب : كان احمد الجلبي الوسيم المتورد الوجه مخبراً للموساد في العراق بعد استلام صدام حسين للسلطة كرئيس للجمهورية بعد الاطاحة بأحمد حسن البكر عام 1979 .
انتقل الجلبي الى الاردن حيث تولى ادارة مصرف بترا الذي كان لفترة من الوقت قناة الموساد في تمويل العمليات السوداء في الشرق الاوسط . لكن المصرف انهار سنة 1979، وكان مدينا بمئات الملايين للمودعين . استطاع الموساد سحب ودائعه المتواضعة قبل الانهيار . اتهم محمد سعيد النابلسي رئيس المصرف المركزي الاردني أحمد الجلبي بتحويل 70 مليون دولار أمريكي من اموال المصرف الى حساباته الخاصة في المصارف السويسرية . وقد اصدرت المحاكم الاردنية على احمد الجلبي حكما غيابيا بالسجن بتهمة اختلاس الاموال وتهريبها وتسببه في افلاس المصرف.
كوّن أحمد الجلبي علاقات صداقة وعمل مع دونالد رامسفيلد ، وقدم له معلومات كاذبة وملفقة عن برامج اسلحة الدمار الشامل في العراق وبشكل مبالغ فيه لغرض التقرب منه وكسب وده وبناء الثقة بينهما و لكسب منافع شخصية ، وكان رامسفيلد يطلع الجلبي على تقارير
CIA
ووكالة ألامن القومي عن العراق. وكان الجلبي بلباقته المعروفه يحاول ان يقنع رامسفيلد بأن معلومات ال
CIA
عن العراق قليلة ولا تتوافق على ما تحصل عليه منظمته السرية الخاصة من داخل العراق ، لأن ليس لأمريكا عملاء على الارض في العراق ، كي يعتمد عليه وان يكون مصدره في تزويده بالمعلومات عن العراق واسلحته وعن نشاط صدام حسين.
وقد اصبح الجلبي فعلا المصدر الرئيس لتزويد رامسفيلد بالمعلومات الزائفة والتي شجعته والادارة الامريكية لغزو العراق . لكن جورج تينيت مدير ال
CIA
كان يشكك بمعلومات الجلبي ولايثق به حتى هدد بالاستقالة ان استمر رامسفيلد بالاعتماد على احمد الجلبي .
تابعت الموساد أحمد الجلبي بدقة ، واتضح لرئيسها ان الجلبي لم يقدم سوى معلومات ضحلة عندما عندما كان يتجسس لصالحهم في العراق . بعد عقد من مغادرة الجلبي بغداد لم يكن هناك ما يدل على وجود اتصالات حقيقة للمصرفي احمد الجلبي مع نظام صدام ، وان كل معلوماته للامريكان كان ملفقا لغرض الحصول على منافع شخصية لحسابه ، فقد كانت وزارة الدفاع الامريكية تغدق عليه الاموال وتخصص له ملايين الدولارات لتنظيم صفوف المعارضة للاطاحة بصدام حسين.
واصبح احمد الجلبي احد السياسيين البارزين في العراق بعد الغزو الامريكي وعضو في مجلس الحكم في عهد بريمر ، ولا زال لديه نفوذ سياسي كبير في العراق .
ويذكر ان الجلبي واتباعه ، قام بالاستيلاء على كافة الاضابير والملفات السرية لجهاز المخابرات العراقي ودوائر الامن التي تحتوي على اهم اسرار العراق ، ولايعلم كيف تصرف بها .
صدام حسين
من الشخصيات المهمة التي كتب عنها توماس في كتابه (جواسيس جدعون) معلومات مهمة عن صدام حسين مستقاة من مصادر الموساد قائلا :
عرض ارييل شارون في اتصال هاتفي في بداية شباط 2003على الرئيس الامريكي بوش مساهمة الموساد المباشرة في اغتيال صدام حسين ، والتي كان بوش يسعى للتخطيط لها . وقد وافق بوش على العرض الاسرائيلي .
درس الموساد المحاولات السابقة لأغتيال صدام حسين واسباب فشلها ، لاستباط الدروس منها وتلافي اخطائها مستقبلا . هناك خمسة عشر هجوما منفصلا ومحاولة لآغتيال صدام حسين خلال السنوات العشرة الاخيرة ، والتي خطط لها جميعها أما الموساد الاسرائيلي اوجهاز المخابرات الخارجية البريطاني
MI6 .
توصلت الموساد الى اسباب الفشل اما في تطويع القتلة الذين كشفتهم اجهزة صدام الامنية المرعبة ، او لم يكونوا ببساطة قادرين على الاقتراب من هدفهم .
في تشرين الثاني 1992 ، خطط الموساد لمحاولة اغتيال صدام حسين ، بعد ان اكتشف عملاء الموساد في العراق ان صدام ينوي زيارة احدى عشيقاته الكثيرات التي تعيش قرب تكريت . وعلم العملاء ان صدام ينوي الوصول الى بيت عشيقته عند الغروب ، ويبيت ليلته معها ، ثم يخرج منها في صباح اليوم التالي ليزور قاعدة عسكرية قريبة قبل ان يطير عائدا الى بغداد . ان المسافة بن فيلا العشيقة والقاعدة العسكرية تقدر بخمسة عشر دقيقة بالسيارة ، وفي هذا الوقت لن يكون صدام تحت حماية مكثفة جداً وغير حصين عند الهجوم .
خطط الجنرال عميرام ليفني نائب مدير الموساد في ذلك الوقت لذلك الهجوم وباشرافه واقر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الخطة وكان اسم العملية ( سكاه أتاد) وتم تدريب فريق الاغتيال المكون من اربعين عنصرا من وحدات القوات الخاصة الاسرائيلية 262 العالية التدريب ، وكان من المقرر ان يتم نقل الفريق من اسرائيل على متن طائرتي هيركوليس سي 130 بطيران منخفظ تحت مستوى الرادار ، وهناك ينقسم الفريق الى مجموعتين فريق اول يكمن قريبا من طريق مرور صدام حسين لآطلاق النار من قريب على موكبه ، والفريق الثاني يكمن بعيدا نسبيا ليطلق صاروخ خاص
– طوره الموساد ويحمل الاسم الرمزي مدراس وهي كلمة عبرية تعني الخطوة ويعمل بالرادار- على سيارة صدام بعد ان يتم تزويده بالاحداثيات من قبل الفريق الاول القريب من الموكب ، الا ان ارييل شارون وزير خارجية اسرائيل واسحاق مردخاي وزير الدفاع ، امرا بالغاء العملية لأن مخاطر الفشل كانت عالية .
وجاء في كتاب جواسيس جدعون : ان مدير الاستخبارات العسكرية العراقي الجنرال وفيق السامرائي ابدى بعض الملاحظات على خطة اغتيال صدام ، فادخلت تلك الملاحظات الى حواسب الموساد !!
وهنا نتسائل كيف علم وفيق السامرائي بخطة الاغتيال الاسرائيلية وكيف وصلت ملاحظاته الى الموساد؟
طعام صدام الخاص
يشير الكاتب معلومات موثقة عن الموساد ، ان علماء من برنامج العراق النووي كانوا يقومون بفحص طعام صدام حسين المكون في معظمه من قريدس وقواقع بحرية واسماك ولحم ضلع البقر والغنم الخالي من الدهن ، باستخدام اشعة اكس واجهزة استشعار عن الاشعاعات وتحليل وكشف السموم يوميا قبل تقديمها لصدام . وكان لهم مختبرا في كل قصر من قصور صدام .
وكانت نماذج من الطعام المعد لصدام يتم اطعامه يوميا لمجموعة من السجناء يجلبون خصيصا لذلك ، كحيوانات تجارب مختبرية للمراقبة والتأكد انه خالي من السموم ، ويراقب الحرس الخاص السجناء بعد ساعة من اطعامهم قسراً لمعرفة التاثيرات التي قد تحدث لهم من الطعام ، وتؤخذ عينات من دمهم للتحليل المختبري لزيادة التأكد من سلامة الطعام وعدم تلوثه بالسموم .
ثم يؤخذ اولئك السجناء المساكين الي حديقة القصر ليطلق الحرس رصاصة واحدة على مؤخرة رؤوسهم لترديهم صرعى ، وكان صوت الرصاص ايذانا لصدام بأن طعامه سليم وآمن للاستهلاك . وكان هذا تقليدا يوميا للطاغية .
البقية في الجزء 2