استغفلونا ونحن صغارٌ ..2

 مقال لكاتبة سعودية: وجيهة الحويدر  (لقراءة الجزء الأول هنا: استغفلونا ونحن صغارٌ.. 1 )

 – استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا انه يحق للرجل المسلم ان يتزوج اربع نساء بدون قيد او شرط، وان ذلك مباحاً لكل رجل يعتنق الاسلام، ثم علمنا ان هذا الصنف من الزواج كان في الاصل يُمارس بين بعض القبائل العربية قبل ظهور الاسلام، وان النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” لم يتزوج على زوجته الأولى وحبيبته ورفيقة شبابه خديجة بنت خويلد “رضي الله عنها”، بالرغم من فارق السن بينهما، وبالرغم من انه لم يحظ من صبيان منها. ايضا ان النبي “عليه الصلاة والسلام” نهى بشدة صهره علي بن ابي طالب “كرم الله وجهه”، بل وهدده ان هو اقدَمَ على الزواج من امرأة اخرى على ابنته المحببة الى قلبه فاطمة الزهراء “عليها السلام”. هذا يبين ان النبي “صلى الله عليه وآله” كان يعلم أن تعدد الزوجات فيه قهر للمرأة، واهانة لكرامتها، وكسر لقلبها لذلك لم يسمح ان تعش ابنته ذاك القهر.ايضا تبين ان اغلب زواجات النبي فيما بعد كانت لها اسبابها الخاصة، من اجل أن ينشر نفوذه، ويبسط سلطته، ويحمي الدين الجديد من بني قريش من خلال مصاهرة اشاوستهم وحلفائهم. اي انها زواجات تكتيكية وذات اغراض سياسية ومستخدمة بين شيوخ العرب وامراءهم انذاك. بالاضافة انه قام بذلك لأنه نبي، فيحق له ما لا يحق لغيره، لأن الله ائتمنه على الدين كله. لذلك في عصرنا هذا ثمة دول اسلامية توصلت لتلك القناعات مثل تركيا وتونس فمنعت تعدد الزوجات منعاً باتاً بالقانون، ودول اسلامية اخرى تسير على خطاهما مثل المغرب ومصر والاردن.

– استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان رجم الزاني والزانية من العقوبات التي اقر بها الدين واثبتها، ثم اتضح لنا ان الرجم عادة موجودة بين كثير من شعوب المنطقة حتى قبل ظهور الاديان التوحيدية، وان عقوبة الرجم لم يرد ذكرها في القرآن الشريف ابدا، بل ذُكر الجلد عوضا عنها في سورة النور قال تعالى ” الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة”، وأن الأهم من العقوبة هو اثبات مخالفة الزنا نفسها، حيث يشترط ان تـُثبت بحظور اربع شهود، وان يعترفوا برؤية الدخول كدخول المرود في المكحلة. هذا يبين ان اقامة حد جلد الزنا صعب وأقرب الى المستحيل من الواقع، والحكمة من صعوبة تنفيذه هو من أجل ان يعزز حفظ خصوصية الناس واعراضهم وكرامتهم.

– استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان الاسلام “قابل لكل زمان ومكان” بنظمه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فإكتشفنا ان هذه العبارة عارية من الصحة ولم يرد ذكرها لا من الله ولا من قبل رسوله الكريم(ص). ان الدين صلة بين المرء وربه فقط، فليس له اية علاقة بما يجري في الوزارات والبنوك والشركات النفطية والمعالم الترفيهية. الدين من الله، بينما هذه المؤسسات جميعها استحدثها الأنسان فلا صلة لها بالعقيدة، لذلك ما يراه نساء ورجال الدين يجب ان يظل بين حيطان معابدهم، وما يراه نساء ورجال المؤسسات المجتمعية يبقى في ايطار عمل مؤسساتهم.

– استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان قوانين مثل “العين بالعين” و”القاتل يـُقتل” و”السارق تـُقطع يده”، و”الزناة يُـرجمون” وغيرها، انها قوانين من الاسلام، ثم اكتشفنا انها ايضا متواجدة بنفس السمة في الأديان التوحيدية، في توراة موسى “عليه السلام” وفي انجيل عيسى “عليه السلام” (النسخة القديمة)، وان جذور تلك القوانين ممتدة عبر التاريخ، وانها جميعها مستواحاه من شريعة “حامورابي” في بلاد ما بين الرافدين، والتي تعد أول شريعة مكتوبة في التاريخ البشري وتعود إلى العام 1780 قبل الميلاد. فثمة تشابهات كثيرة بين قانون “حمورابي” وشريعة التوارة التي اقتبست منها فيما بعد المسيحية ومن ثم الاسلام.

– استغفلونا ونحن صغارُ وعلمونا ان ثمة امور في الدين الاسلامي يجب عدم المساس بها، لأنها من ثوابته المهمة، ثم تيقنا ان هذا لا يعكس الواقع. فثمة “ثوابت” أُلغيت بالقانون الوضعي، لأنها كانت تتنافى مع الانسانية مثل العبودية والجزية، على غير المسلمين، ومحاربة “الكفار”. لو ان الدول ذات الاغلبية المسلمة والتي تتبع الشريعة الاسلامية كنظام لم تلغي تلك “الثوابت الدينية” لكانت قد نـُبذت من المنظومة العالمية، وهُمشت وعاشت في عزلة. ثمة امور اخرى تعد اصول في الدين لا بد ان تـُلغى. حان الآوان لفتح باب الاجتهاد مرة اخرى ذاك الباب الذي اُغلق منذ اكثر من ستمائة عام، من اجل غربلة امور دينية كثيرة وتحديثها، خاصة قوانين الاحوال الشخصية المجحفة، والتمييز بين الجنسين في الحقوق، والتفرقة في المواطنة بين الاقليات، ومنع الحرية الشخصية وحرية التعبير والحرية الدينية وكل ما يتعلق بالمواثيق العالمية بحقوق الانسان حسب المادة الاولى التي تقول ” يـُولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.”

وجيهة الحويدر، كاتبة سعودية،ه

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.