تأليف: خُورْخِي لْوِيسْ بُورْخِيسْ*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**
عندما عادت إِيمَّا زُونْزْ من مصنع الأنسجة تَارْبُوشْ و لُوِينْتَالْ في الرابع عشر من يناير سنة 1922، وجدت رسالةً في عمق الردهة مؤرخةً في البرازيل و التي علمت من خلالها أن أباها قد توفي. من الوهلة الأولى انخدعت بالطابع البريدي و الظرف و بعدها حيَّرها الخط المجهول. تسعة عشر سطرا مخربشا كانت كافية لملء الورقة. قرأت زونز بأن السيد مايِّير قد ابتلع جرعة مركزة من حامض البيرونال خطأً فتوفي في الثالث من الشهر الجاري بمستشفى بَاجِي. كان صديق أبيها في النزل من قد أمضى على الخبر، واحدٌ يسمى فاينو فاين، ينحدر من رِيُّو غراندي و الذي لم يكن بإمكانه أن يعلم أنه كان يتوجه إلى ابنة المرحوم.
أوقعت إيما الورقة من بين يديها. أحست في البداية بألم في البطن و الركبتين و بعدها بالذنب الأعمى، باللاواقعية، بالبرودة، بالخوف ثم أرادت أن يحل اليوم الموالي على وجه السرعة. على الفور تبينت أن هذه الرغبة كانت عديمة الفائدة لأن موت أبيها كان الشيء الوحيد الذي جرى في العالم و الذي قد يحدث دائما إلى ما لا نهاية. تناولت الورقة و ذهبت إلى غرفتها. وضعتها خلسة في جارور كما لو أنها كانت تعرف بطريقة من الطرق مخلفات هذا الأمر. لقد بدأت في تبينها. ربما كان فعلا ما يمكن أن يحدث.
في الظلمة النامية بكت إيما حتى آخر يوم انتحار مانويل مايير و الذي كان يدعى إيمانويل زونز في أيام السعادة الخوالي. تذكرت الاصطيافات في إحدى المزرعات نواحي غواليغواي، تذكرت (حاولت أن تتذكر) أمها، تذكرت بيت اللانوس الصغير الذي صادروه منهم، تذكرت الأشكال المعينة الصفراء في النافذة، تذكرت أمر الاعتقال الاحتياطي، الإهانة، تذكرت…، تذكرت (و لكن لن تنسى هذا أبدا) أن أباها أقسم لها في الليلة الأخيرة أن السارق كان هو لوينتال. لوينتال، آرون لوينتال و الذي كان سابقا مدير أعمال المصنع بينما الآن هو واحد من مالكيه. كانت إيما تحتفظ بالسر منذ سنة 1916. لم تبح به لأحد قطُّ، و لا حتى إلى صديقتها الحميمة إيلسا أُورستين. لعلها كانت تتحاشى السذاجة المقيتة أو ربما كانت تعتقد أن السر رابط بينها و بين الغائب. لم يكن يعرف لوينتال أنها كانت تعرف. كانت إيما زونز تحوز على شعور بالقوة من هذا الحدث البسيط.
لم يغتمض لها جفن في تلك الليلة. و عندما كشف أول نور إطار النافذة كانت خطتها قد جهزت. حاولت أن تجعل من ذاك اليوم، الذي بدا لها أنه لا ينتهي، يوما كباقي الأيام. كانت تروج في المصنع إشاعات بخصوص خوض إضراب. عبرت إيما كما العادة عن مناهضتها لأي شكل من أشكال العنف. عند الانتهاء من العمل على الساعة السادسة، ذهبت رفقة إيلسا إلى أحد النوادي النسائية متخصص في الجمباز و السباحة. تسجلتا و كان عليها أن تكرر و تتهجى اسمها الشخصي و العائلي و أن تشارك في الدعابات الفظة المعلقة على الاختبار الطبي للولوج إلى هناك. رفقة إيلسا و القاصرة ابن آل كرونفوس تحدثن عن أي سينما سيذهبن إليها عشية الأحد. بعدها دار الحديث و لم يتوقع أحد من إيما أن تتحدث. ستتم التاسع عشرة من عمرها خلال شهر أبريل تقريبا لكن الرجال كانوا لا يزالون يحسون اتجاهها تقريبا بنوع من الخوف المرضي…بعودتها أعدت حساء تابيوكا و بعض الخضر. تناولت ذلك باكرا و توجهت إلى الفراش فأجبرت نفسها على النوم. هكذا مرت عشية يوم الجمعة خامس عشر يناير في جو من الكد و الدعابة.
أيقظتها قلة الصبر يوم السبت. قلة الصبر ليس غياب الطمأنينة و الراحة الفريدة الناتجة عن حلول ذلك اليوم، في النهاية. لم يعد واجبا عليها أن تحيك و تتخيل الخطة؛ قد تبلغ اختزال الوقائع في غضون ساعات. قرأت في الصحف بأن باخرة نردستجورنان دي مالمو قد تبحر هذه الليلة من الرصيف 3، نادت بالهاتف على لوينتال، لمحت إليه بأنها تريد أن تبلغه شيئا دون أن تعلم الأخريات، شيء بخصوص الإضراب و وعدت بالمرور عليه في المكتب عندما يحل الظلام. كان صوتها يرتعد، هذا الارتعاد كان حقيقا بواشية. لم يحدث أي شيء آخر يستحق الذكر في تلك الصبيحة. اشتغلت إيما رفقة إيلسا إلى حدود الساعة الثانية عشرة و دققت مع إيلسا و بيرى كرونفوس تفاصيل تجوال يوم الأحد. خلدت للنوم بعد أن تناولت غذاءها و أعادت في ذاكرتها و عيناها مغمضتان الخطة التي دبرتها. فكرت في أن المرحلة الأخيرة ستكون أقل فظاعة من المرحلة الأولى، لكنها ستوفر لها لا محالة نشوة الفوز و العدالة. فجأة استيقظت قلقة و جرت نحو جارور المنضدة. فتحته، و تحت بورتريه ملتون سيلس حيث وضعتها ليلة أمس، كانت توجد رسالة فاين. لم يتمكن أحد من رؤيتها، شرعت في قراءتها ثم مزقتها. صعب بل و غير منصف أمر ربط ما حصل في تلك العشية بالواقع. اللاواقعية مرادف مطابق لجهنم، مرادف يبدو أنه كان ليخفف من مخاوفها و ربما ليقويها. كيف نجعل فعلا ما واقعيا في حين أن منفذه لم يكن يعتقد فيه تقريبا، ما السبيل إلى تذكر هذه الفوضى القصيرة التي تجحدها و تخلطها ذاكرة إيما زونز اليوم؟ كانت إيما تعيش في الماغرو، في شارع لِينْيِيرْسْ؛ يتبين لنا أنها ربما ذهبت إلى الميناء في تلك العشية. ربما أنها رأت نفسها معكوسة في مرايا منتزه يوليوز السيء السمعة، و منتشرة بفعل الأضواء و عارية بسبب الأعين الجائعة التي ترصدها. لكن الأقرب إلى الصواب أنها تاهت في البداية غير مبالية وسط السوق الشارد…دخلت إلى حانتي خمر أو ثلاث، رأت الروتين أو استغلال نساء أخريات. في النهاية صادفت بعض رجال نردستجورنان. خافت من أن يستأثر بحنانها شاب من بينهم فآثرت آخر ربما أقصر منها و فظ لكي لا تفتر حدة الروع. جلبها الرجل إلى أحد الأبواب و بعد ذلك إلى رواق معتكر فدرج متعرج ثم إلى ردهة (حيث كانت توجد نافذة بأشكال معينية تشبه تلك التي كانت توجد في المنزل بلانوس) و بعدها إلى ممر ضيق و أخيرا إلى باب أُغلِق من خلفهما. الأحداث الخطيرة تقع خارج الزمن إما لأن فيها يبدو الماضي القريب منفصلا عن المستقبل و إما لأن الأجزاء التي تشكلها تبدو غير منطقية.
في ذلك الزمن خارج الزمن، في تلك الفوضى الحائرة من الأحاسيس غير المترابطة و الفظيعة، هل فكرت إيما زونز لمرة واحدة في الميت الذي كان يقف خلف تضحيتها؟ يبدو لي أنا أنها فكرت مرة واحدة و في تلك اللحظة كادت تعرض هدفها اليائس للخطر. فكرت (لم تستطع ألا تفكر) أن أباها قد فعل لأمها نفس الشيء الذي كانوا يفعلون لها هي. فكرت في ذلك بدهشة ضعيفة و احتمت فورا بالدوار. لم يكن الرجل السويدي أو الفنلندي يتكلم بالإسبانية. كانت وسيلة بالنسبة لإيما مثلما كانت هي كذلك بالنسبة له، لكنها هي خدمت المتعة بينما خدم هو العدالة. عندما بقيت لوحدها لم تفتح عينيها فورا. فوق المنضدة كانت النقود التي تركها لها الرجل: نهضت إيما و مزقتها كما فعلت سابقا مع الرسالة. تمزيق النقود يعتبر معصية كرمي الخبز؛ لهذا استغفرت إيما الله بمجرد أن فعلت ذلك. فِعل تكبرٍ و في ذلك اليوم…اختفى الخوف في حزن جسدها، في الاشمئزاز. كان الاشمئزاز و الحزن يكبلانِها لكن إيما نهضت ببطء و شرعت تلبس ثيابها. بدأ الضوء يهجر الغرفة و يحتد الشفق. تمكنت إيما من الخروج دون أن ينتبه أي أحد و صعدت عند الزاوية إلى إحدى الحافلات الكهربائية المتوجهة إلى الغرب. اختارت حسب خطتها المقعد الأمامي كي لا يرى أحد وجهها. ربما أراحها، في غمرة صخب الشوارع الفاقد للطعم، كون ما وقع لم يؤثر سلبا على الأشياء. سافرت عبر أحياء متضائلة و معتمة، ناظرة إليها و ناسية إياها في عين المكان. ترجلت في أحد مداخل شارع وارنز. و المفارقة هي أن تعبها كان قد انقلب إلى قوة؛ إذ كان يجبرها على أن تركز على دقائق المغامرة و تخفي عمقها و هدفها.
كان آرون لوينتال بالنسبة للجميع رجلا جديا بينما كان يراه قلة من مقربيه بخيلًا. كان يعيش في أعلى المصنع وحيدا. و هو يستقر في تلك الضاحية المفككة، كان لوينتال يخاف من اللصوص. في ساحة المصنع كان يوجد كلب كبير و في جارور مكتبه مسدس كما لم يكن يخفى على أحد. كان قد بكى بلياقة موت زوجته المفاجئ خلال السنة الماضية – سيدة جذابة كان قد أهداها مهرا غليظا! -؛ لكن كان المال هو ولعه الحقيقي. من العيوب الذاتية المعروفة عليه هو أنه كان أقل جدارة لربح المال من الحفاظ عليه. كان متدينا جدا بحيث كان يعتقد أنه يملك عقدا سريا مبرما مع الله يعفيه من أن يفعل الخير و ذلك مقابل بعض الصلوات و التورُّعات. إنه رجل أصلع، بدين، في حالة حداد، يضع نظارتين مضببتين و لحية شقراء. كان ينتظر واقفا جنب النافذة التقرير السري من العاملة زونز.
رآها تدفع البوابة (التي جعلها هو نفسه مواربة عمدا) و تعبر الساحة القاتمة. رآها تستدير قليلا عندما نبح الكلب المربوط. كانت شفتا إيما ترتعشان كمن يصلي بصوت خفيض، متعبتان و هما ترددان الحكم الذي قد يستمع لوينتال إليه قبل أن يموت.
لم تجر الأمور كما كانت قد توقعتها إيما زونز. منذ الفجر السالف كانت قد حلمت أكثر من مرة بأنها كانت توجه المسدس الصلب، مجبرة الشقي على أن يعترف بإدانته البائسة مستعرضة الحيلة الجَسُورَ التي من شأنها أن تسمح للعدالة الإلاهية بالتفوق على العدالة البشرية. (لم تكن تريد أن تعاقب. و هذا ليس خوفا و إنما لأنها كانت وسيلة للعدالة). بعد ذلك طلقة نارية واحدة وسط الصدر ستقضي على لوينتال. لكن الأمور لم تمر على هذا النحو.
أمام آرون لوينتال، أحست إيما بالحاجة الملحة إلى معاقبة الإهانة التي عانتها أكثر من الحاجة الملحة إلى الثأر لموت أبيها. لم تستطع ألا تقتله بعد ذلك العار الاستثنائي. و لا هي توفرت على الوقت الكافي لتضيعه في الحركات المسرحية. و هي جالسة، خجولة، طلبت من لوينتال الاعتذار، استحضرت (رغم أنها واشية) واجبات الولاء، نطقت ببعض الأسماء، لمحت إلى أخرى و صمتت و كأنما هزمها الخوف. جعلت لوينتال يخرج لكي يجلب كأس ماء. عندما كان عائدا من غرفة الطعام خالي البال من تصنعات و تعملات كهذه و متساهلا، كانت إيما قد أخرجت المسدس الثقيل من الجارور. ضغطت على الزناد مرتين. انهار الجسد الثقيل كما لو أن الضجيج و الدخان قد كسره. تحطم كأس الماء، نظر إليها بتفاجؤ و حنق، وجه إليها فمُه إهانات بالإسبانية و الإيديش. تلك الكلمات البذيئة لم تكن لتنتهي فأجبرت إيما على إطلاق النار ثانية. بدأ الكلب المربوط في الساحة ينبح، تدفق دم مفاجئ من شفاهه الداعرة و لطخ اللحية و اللباس. شرعت إيما في تلاوة الاتهام الذي كانت قد أعدته (“لقد ثأرتُ لأبي و لن يستطيعوا معاقبتي…”)، لكن لم تنهه لأن السيد لوينتال كان قد فارق الحياة. لم تعرف أبدا إذا كان قد استطاع أن يفهم.
النباح المحتد ذكرها بأنه لم يكن بإمكانها أن تستريح. بعثرت الأريكة، فتحت ثياب الجثة، نزعت منها النظارة الملطخة و وضعتها فوق جامع الملفات. بعد ذلك تناولت الهاتف و رددت ما قد تردده العديد من المرات بتلك الكلمات أو أخرى: لقد حدث أمر لا يصدق…لقد استدرجني السيد لوينتال بداعي الإضراب…اغتصبني فقتلته…
كانت القصةُ لا تصدقُ، بالفعل، لكنها فرضت نفسها على الجميع لأنها في الجوهر صحيحةٌ. لقد كانت حقيقيةً نبرة إيما زونز، و كان حقيقياً حياؤها و حقدها. و حقيقيةً كانت الإهانةُ التي عانت منها؛ فقط كانت مزيفةً الظروفُ، الساعةُ و اسمٌ أو اسمانِ.
*القصة في الأصل الإسباني:
Emma Zunz
El Catorce de enero de 1922, Emma Zunz, al volver de la fábrica de tejidos Tarbuch y Loewenthal, halló en el fondo del zaguán una carta, fechada en el Brasil, por la que supo que su padre había muerto. La engañaron, a primera vista, el sello y el sobre; luego, la inquietó la letra desconocida. Nueve diez líneas borroneadas querían colmar la hoja; Emma leyó que el señor Maier había ingerido por error una fuerte dosis de veronal y había fallecido el tres del corriente en el hospital de Bagé. Un compañero de pensión de su padre firmaba la noticia, un tal Feino Fain, de Río Grande, que no podía saber que se dirigía a la hija del muerto.
Emma dejó caer el papel. Su primera impresión fue de malestar en el vientre y en las rodillas; luego de ciega culpa, de irrealidad, de frío, de temor; luego, quiso ya estar en el día siguiente. Acto continuo comprendió que esa voluntad era inútil porque la muerte de su padre era lo único que había sucedido en el mundo, y seguiría sucediendo sin fin. Recogió el papel y se fue a su cuarto. Furtivamente lo guardó en un cajón, como si de algún modo ya conociera los hechos ulteriores. Ya había empezado a vislumbrarlos, tal vez; ya era la que sería.
En la creciente oscuridad, Emma lloró hasta el fin de aquel día del suicidio de Manuel Maier, que en los antiguos días felices fue Emanuel Zunz. Recordó veraneos en una chacra, cerca de Gualeguay, recordó (trató de recordar) a su madre, recordó la casita de Lanús que les remataron, recordó los amarillos losanges de una ventana, recordó el auto de prisión, el oprobio, recordó los anónimos con el suelto sobre «el desfalco del cajero», recordó (pero eso jamás lo olvidaba) que su padre, la última noche, le había jurado que el ladrón era Loewenthal. Loewenthal, Aarón Loewenthal, antes gerente de la fábrica y ahora uno de los dueños. Emma, desde 1916, guardaba el secreto. A nadie se lo había revelado, ni siquiera a su mejor amiga, Elsa Urstein. Quizá rehuía la profana incredulidad; quizá creía que el secreto era un vínculo entre ella y el ausente. Loewenthal no sabía que ella sabía; Emma Zunz derivaba de ese hecho ínfimo un sentimiento de poder.
No durmió aquella noche, y cuando la primera luz definió el rectángulo de la ventana, ya estaba perfecto su plan. Procuró que ese día, que le pareció interminable, fuera como los otros. Había en la fábrica rumores de huelga; Emma se declaró, como siempre, contra toda violencia. A las seis, concluido el trabajo, fue con Elsa a un club de mujeres, que tiene gimnasio y pileta. Se inscribieron; tuvo que repetir y deletrear su nombre y su apellido, tuvo que festejar las bromas vulgares que comentan la revisación. Con Elsa y con la menor de las Kronfuss discutió a qué cinematógrafo irían el domingo a la tarde. Luego, se habló de novios y nadie esperó que Emma hablara. En abril cumpliría diecinueve años, pero los hombres le inspiraban, aún, un temor casi patológico… De vuelta, preparó una sopa de tapioca y unas legumbres, comió temprano, se acostó y se obligó a dormir. Así, laborioso y trivial, pasó el viernes quince, la víspera.
El sábado, la impaciencia la despertó. La impaciencia, no la inquietud, y el singular alivio de estar en aquel día, por fin. Ya no tenía que tramar y que imaginar; dentro de algunas horas alcanzaría la simplicidad de los hechos. Leyó en La Prensa que el Nordstjärnan, de Malmö, zarparía esa noche del dique 3; llamó por teléfono a Loewenthal, insinuó que deseaba comunicar, sin que lo supieran las otras, algo sobre la huelga y prometió pasar por el escritorio, al oscurecer. Le temblaba la voz; el temblor convenía a una delatora. Ningún otro hecho memorable ocurrió esa mañana. Emma trabajó hasta las doce y fijó con Elsa y con Perla Kronfuss los pormenores del paseo del domingo. Se acostó después de almorzar y recapituló, cerrados los ojos, el plan que había tramado. Pensó que la etapa final sería menos horrible que la primera y que le depararía, sin duda, el sabor de la victoria y de la justicia. De pronto, alarmada, se levantó y corrió al cajón de la cómoda. Lo abrió; debajo del retrato de Milton Sills, donde la había dejado la antenoche, estaba la carta de Fain. Nadie podía haberla visto; la empezó a leer y la rompió.
Referir con alguna realidad los hechos de esa tarde sería difícil y quizá improcedente. Un atributo de lo infernal es la irrealidad, un atributo que parece mitigar sus terrores y que los agrava tal vez. ¿Cómo hacer verosímil una acción en la que casi no creyó quien la ejecutaba, cómo recuperar ese breve caos que hoy la memoria de Emma Zunz repudia y confunde? Emma vivía por Almagro, en la calle Liniers; nos consta que esa tarde fue al puerto. Acaso en el infame Paseo de Julio se vio multiplicada en espejos, publicada por luces y desnudada por los ojos hambrientos, pero más razonable es conjeturar que al principio erró, inadvertida, por la indiferente recova… Entró en dos o tres bares, vio la rutina o los manejos de otras mujeres. Dio al fin con hombres del Nordstjärnan. De uno, muy joven, temió que le inspirara alguna ternura y optó por otro, quizá más bajo que ella y grosero, para que la pureza del horror no fuera mitigada. El hombre la condujo a una puerta y después a un turbio zaguán y después a una escalera tortuosa y después a un vestíbulo (en el que había una vidriera con losanges idénticos a los de la casa en Lanús) y después a un pasillo y después a una puerta que se cerró. Los hechos graves están fuera del tiempo, ya porque en ellos el pasado inmediato queda como tronchado del porvenir, ya porque no parecen consecutivas las partes que los forman.
¿En aquel tiempo fuera del tiempo, en aquel desorden perplejo de sensaciones inconexas y atroces, pensó Emma Zunz una sola vez en el muerto que motivaba el sacrificio? Yo tengo para mí que pensó una vez y que en ese momento peligró su desesperado propósito. Pensó (no pudo no pensar) que su padre le había hecho a su madre la cosa horrible que a ella ahora le hacían. Lo pensó con débil asombro y se refugió, en seguida, en el vértigo. El hombre, sueco o finlandés, no hablaba español; fue una herramienta para Emma como ésta lo fue para él, pero ella sirvió para el goce y él para la justicia. Cuando se quedó sola, Emma no abrió en seguida los ojos. En la mesa de luz estaba el dinero que había dejado el hombre: Emma se incorporó y lo rompió como antes había roto la carta. Romper dinero es una impiedad, como tirar el pan; Emma se arrepintió, apenas lo hizo. Un acto de soberbia y en aquel día… El temor se perdió en la tristeza de su cuerpo, en el asco. El asco y la tristeza la encadenaban, pero Emma lentamente se levantó y procedió a vestirse. En el cuarto no quedaban colores vivos; el último crepúsculo se agravaba. Emma pudo salir sin que lo advirtieran; en la esquina subió a un Lacroze, que iba al oeste. Eligió, conforme a su plan, el asiento más delantero, para que no le vieran la cara. Quizá le confortó verificar, en el insípido trajín de las calles, que lo acaecido no había contaminado las cosas. Viajó por barrios decrecientes y opacos, viéndolos y olvidándolos en el acto, y se apeó en una de las bocacalles de Warnes. Pardójicamente su fatiga venía a ser una fuerza, pues la obligaba a concentrarse en los pormenores de la aventura y le ocultaba el fondo y el fin.
Aarón Loewenthal era, para todos, un hombre serio; para sus pocos íntimos, un avaro. Vivía en los altos de la fábrica, solo. Establecido en el desmantelado arrabal, temía a los ladrones; en el patio de la fábrica había un gran perro y en el cajón de su escritorio, nadie lo ignoraba, un revólver. Había llorado con decoro, el año anterior, la inesperada muerte de su mujer – ¡una Gauss, que le trajo una buena dote! -, pero el dinero era su verdadera pasión. Con íntimo bochorno se sabía menos apto para ganarlo que para conservarlo. Era muy religioso; creía tener con el Señor un pacto secreto, que lo eximía de obrar bien, a trueque de oraciones y devociones. Calvo, corpulento, enlutado, de quevedos ahumados y barba rubia, esperaba de pie, junto a la ventana, el informe confidencial de la obrera Zunz.
La vio empujar la verja (que él había entornado a propósito) y cruzar el patio sombrío. La vio hacer un pequeño rodeo cuando el perro atado ladró. Los labios de Emma se atareaban como los de quien reza en voz baja; cansados, repetían la sentencia que el señor Loewenthal oiría antes de morir.
Las cosas no ocurrieron como había previsto Emma Zunz. Desde la madrugada anterior, ella se había soñado muchas veces, dirigiendo el firme revólver, forzando al miserable a confesar la miserable culpa y exponiendo la intrépida estratagema que permitiría a la Justicia de Dios triunfar de la justicia humana. (No por temor, sino por ser un instrumento de la Justicia, ella no quería ser castigada.) Luego, un solo balazo en mitad del pecho rubricaría la suerte de Loewenthal. Pero las cosas no ocurrieron así.
Ante Aarón Loeiventhal, más que la urgencia de vengar a su padre, Emma sintió la de castigar el ultraje padecido por ello. No podía no matarlo, después de esa minuciosa deshonra. Tampoco tenía tiempo que perder en teatralerías. Sentada, tímida, pidió excusas a Loewenthal, invocó (a fuer de delatora) las obligaciones de la lealtad, pronunció algunos nombres, dio a entender otros y se cortó como si la venciera el temor. Logró que Loewenthal saliera a buscar una copa de agua. Cuando éste, incrédulo de tales aspavientos, pero indulgente, volvió del comedor, Emma ya había sacado del cajón el pesado revólver. Apretó el gatillo dos veces. El considerable cuerpo se desplomó como si los estampi-dos y el humo lo hubieran roto, el vaso de agua se rompió, la cara la miró con asombro y cólera, la boca de la cara la injurió en español y en ídisch. Las malas palabras no cejaban; Emma tuvo que hacer fuego otra vez. En el patio, el perro encadenado rompió a ladrar, y una efusión de brusca sangre manó de los labios obscenos y manchó la barba y la ropa. Emma inició la acusación que había preparado (“He vengado a mi padre y no me podrán castigar…”), pero no la acabó, porque el señor Loewenthal ya había muerto. No supo nunca si alcanzó a comprender.
Los ladridos tirantes le recordaron que no podía, aún, descansar. Desordenó el diván, desabrochó el saco del cadáver, le quitó los quevedos salpicados y los dejó sobre el fichero. Luego tomó el teléfono y repitió lo que tantas veces repetiría, con esas y con otras palabras: Ha ocurrido una cosa que es increíble… El señor Loewenthal me hizo venir con el pretexto de la huelga… Abusó de mí, lo maté… La historia era increíble, en efecto, pero se impuso a todos, porque sustancialmente era cierta. Verdadero era el tono de Emma Zunz, verdadero el pudor, verdadero el odio. Verdadero también era el ultraje que había padecido; sólo eran falsas las circunstancias, la hora y uno o dos nombres propios.
*كاتب أرجنتيني أشهر من نار على علم. يعتبر و احدا من أشهر الكتاب العالميين في القرن العشرين. و هو شاعر و قاص و مسرحي و ناقد في ذات الآن. كاتب و قارئ كبير جدا قبل أن يكون كاتبا. فهو الذي كان قد قال ذات يوم “كتب العالم تشكل في نهاية المطاف كتابا واحدا”. عارف خبير بالثقافة اللاتينية و اليهودية و الإسلامية و إلى أعماله الأدبية تسربت الكثير من صورها و رواسبها. أصيب بالعمى لكن عمى البصر لا يساوي شيئا أمام سلامة البصيرة. اشتغل بالتدريس الجامعي و كان مكتبيا بارعا و مديرا لمجلة “نقد” و رئيس “جمعية الكتاب الأرجنتينين” و غيرها من المناصب الرسمية و الشرفية التي شغلها. حصد العديد من الجوائز مفردا و بالمناصفة نظرا لأعماله الأدبية التي استرعت اهتمام الجمهور و النقاد. و من بين هذه الأعمال نذكر على سبيل المثال لا الحصر مجموعته القصصية الذائعة الصيت و التي تحمل عنوان “الألف”. توفي بجنيف في سويسرا سنة 1986 للميلاد و عمره 86 سنة.
**كاتب، مترجم، باحث في علوم الترجمة ومتخصص في ديداكتيك اللغات الأجنبية – الدار البيضاء – المغرب.