إضاعة الوقت في المساجد
جهاد علاونة
بعض الناس ماهرون جدا بالتخفي مثل الحيوانات التي تعتمد في نظامها البيئي على الصيد, فالبعض مثل تلك الحيوانات خصوصا في إضاعة الوقت دون أن يلحظهم أحد ,أين… ومتى أضاعوه…وكيف تم ذلك!!,وبعض الناس تُضيع وقتها علنا أمام كل الناس وأمام ألله وخلق الله من خلال الذهاب والإتيان طوال النهار من البيت إلى المسجد ومن المسجد إلى البيت وصدقوني بأن معظم المصلين في المساجد هم فئتين من الناس:أولهما الرجال كبار السن حيث لا يجدون مكانا يناسب صحتهم إلا المسجد وثانيا هنالك كثير من الشباب الذين يحضرون للصلاة في المسجد خمسة أوقات وهم على الأغلب من العاطلين عن العمل ولو لم يكونوا عاطلين عن العمل لَما حضروا أكثر من خمسة أوقات للصلاة طوال النهار,أي أن معظم المصلين لا شغله ولا عمله لديهم إلا تمضية الوقت في باقي ما تبقى من أعمارهم,طبعا وكلامي هذا ناتج عن رؤيتي ومشاهدة للفئة التي تدخل المجد للصلاة في المجتمع الإثني الذي أقطن به.
إن أهم شيء يميز الناس المحيطين بي من كل جانب هو إضاعة الوقت وقدرتهم العبقرية في التخفي دون أن يتركوا خلفهم دليلا واحدا على فسادهم في إضاعة الوقت كاملا في المساجد فهم يذهبون للصلاة كل يوم 5 خمسة أوقات أو أربعة أوقات لكي يضيعوا كثيرا من أوقات فراغهم والتي أغلبها يقضونها في الذهاب وفي الإتيان من المسجد,وهكذا كما يقول المثل(خِتي مِتي),والمفزع في الأمر أن العصر الحالي اختلف عن العصر الذي ظهر فيه الإسلام فأيام زمان أي أيام ظهور الإسلام كان الناس يقضون معظم أوقاتهم في فراغ كبير حتى وإن كان لديهم عمل فأغلب أعمالهم كانوا يعملونها وهم في المنزل لذلك كان لدى الإنسان أوقات فراغ كبيرة جدا ويوما طويلا جدا وخصوصا في أيام الصيف لذلك كانوا يصلون خمس أوقات ويستغفرون 100مرة ومرة,واليوم الوضع معكوس جدا أي أن الإنسان ليس لديه وقت فراغ كالماضي وبالتالي يجب تخفيض عدد الصلوات من خمسة أوقات إلى يوم واحد في الأسبوع أو إلى مرة واحدة كل يوم ,ويجب أن تنشغل الناس في تمضية أوقاتهم في شيء آخر ما عدى الصلاة لكي نستفيد جدا من أوقات الفراغ, فبدل أن يقضي المسلم 90% من وقته في المسجد يجب أن يكون هنا إنصاف وعدل بحيث يقضي المسلم 20% من وقته في المسجد والباقي في السينما والملاهي الليلية والمكتبات والمختبرات العلمية لكي يستفيد المجتمع كله وفي مؤسسات المجتمع المدنية مثل الأندية الرياضية والثقافية التي تعتني بأصحاب المواهب لأن الموهبة مصدر دخل للوطن,إن الناس اليوم يدخلون المسجد دون أن يتعلموا شيئا من المسجد ,حيث بالأحرى أن يتعلموا الجنس لكي يعرفوا كيف جاءوا إلى هذه الحياة, والفلسفة وعلم الاجتماع لكي يعرفوا كيف كانت حياة الذين سبقوهم وكيفية النظام الاجتماعي وما هيته.
ولا أعرف ما هي الفائدة التي تعود على المجتمع من كثرة الصلاة في المسجد غير ثواب الآخرة الذي يزعمون؟؟؟ دون أن يتعلم المسلمون شيئا في المسجد فهم يدخلون ويخرجون منه بلا فائدة تعود بالنفع على الناس وهذه نقطة أنا لا أفهم منها إلا شيئا واحدا وهو إضاعة الوقت والتسلية وملء الفراغ بالجمل المفيدة وغير المفيدة أي أن 99% من المصلين يذهبون للمسجد من أجل التسلية وإضاعة الوقت وأحيانا اعتقادا منهم أنهم يقومون بالتكفير عن ذنوبهم وفسادهم في البر والبحر,,إنهم بارعون في الفساد وفي التكفير عنه وفي إضاعة الوقت والتسلية بالكامل وليس جزئيا فهم يموتون في الكلام الفارغ غير المهم,فأهم شيء عندهم أن يضيعوا أوقاتهم وأن يقضوا وقتاً كثيراً في عمل أشياء غير مفيدة.
وأنا رغم معرفتي بـأن الوقت ثمين جداً ولا يقدر بثمن وغالي إلا أنني في بعض الأيام أكون مثل أولئك الناس محتاجا لإضاعة الكثير منه وليس كله بين الكُتب أو مع الناس في الطرقات والشوارع والأزقة ودائما ما يقع اختياري على المناسبات العائلية الكبيرة مثل الموت والأعراس لإضاعة الكثير من الوقت وليس الوقت كله فأنا هنا وفي هذه النقطة أستطيع أن أضيع الكثير من وقتي دون أن أشعر بالندم على ذلك,وأحيانا أشعر بأن لي رغبة بالصعود إلى القمر وبالنزول من عليه طوال النهار لكي أضيع كثيرا من الوقت هنالك بين طيات الفضاء وكأن الفضاء كتابٌ أو سجل طويناه بأيدينا ونحن نقع في إحدى صفحاته أو أسطره.
طبعا أنا لا أحب مضيعة الوقت على الفاضي والمليان ولكن أحيانا أشعر بأن مضيعة الوقت عامل مهم من عوامل تفريغ الشحنات السالبة والطاقة السالبة من جسمي ومن أفكاري وأود لو أجد يوميا أو على الأقل في الأسبوع 6 ساعات أستطيع خلالها أن أضيع كثيرا من الوقت كما أنني أشعر بأنني أريد أن أنفق الكثير من الوقت على نفسي تماماً كما ينفق صاحب النقود نقوده على رفاهيته,وطبعا أعرف بأنكم كقراء لي لا تحبون إضاعة الوقت ولكن أنا متأكد أنكم في أغلب الأحيان تحبوا أن تُضيعوا كثيرا من الوقت وأنتم تقرؤون بعضا من مقالاتي علما أن المكوث على مقالاتي ليس مضيعة للوقت ولكنه في كل الأحوال عبارة عن استثمار لأوقات الفراغ,والذي لا يوجد لديه وقت فراغ يجب عليه أن يخترع هذا الوقت ليقول بين زملائه في العمل:قضيت ليلة الأمس وقتا ممتعا وشغلت نفسي بعضا من الوقت في تنظيف حديقة المنزل أو في الجلوس بدار من دور السينما.
إن الوقت يا شباب مهم جدا ويجب أن لا نُضيعه ولكن في بعض الأحيان نكون بحاجة لإضاعة الكثير من الوقت للتخلص منه ونحن نعيش في بيئة لا يوجد فيها مكان نُضيع به الوقت إلا المساجد فلا توجد لا حدائق ولا ملاهي ولا خمارات ولا أندية ثقافية ولا منتزهات غير تلك الحديقة الصغيرة التي بنتها الحكومة لأكثر من 10000مواطن وفي داخلها مرجوحتين للأطفال تتدليان مثل المشنقة, وأنا أحيانا أكون مستمعا إليكم وأنتم تقولون لأزواجكم: تعال يا زوجي العزيز لنُضيع بعض الوقت في قراءة مقالة لجهاد العلاونه.
ربما لا تعرفون بأن هنالك أناس ينظرون إلى إضاعة الوقت كما ينظر بعض الناس إلى استثمار الوقت,وبعض الناس يخربطون بين تلك المفاهيم فمنهم من يقول عن إضاعة الوقت جملة أخرى غير تلك الجملة فمنهم من يسمي إضاعة الوقت ب(التسلية) فيقولون لبعضهم لنتسلى بشيء آخر أو لنتسلى باللعب,وبعض الناس يقولون:نريد استثمار الوقت,وبعض الناس يقولون نريد أن نقطع الوقت بالمزاح وبالتسلية وبالضحك,وبعض الناس يسمون إضاعة الوقت ب(شم الهواء) والبعض الآخر يتخذ من المسجد مكانا لإضاعة الوقت ,والبعض يخرجون من بيوتهم للجلوس في الأمكنة العامة من أجل قضاء بعض الوقت ريثما يأتي موعد صلاة المغرب أو العشاء أو الظهيرة ,أو من أجل التسلية وهو في كل الأحوال هنالك قاسم واحد مشترك بين إضاعة الوقت وبين استثمار الوقت.
وبعض الناس يسمون إضاعة الوقت ب (وقت الفراغ) فيقضون هذا الوقت في صنع أشياء غير مهمة أو في الحديث والكلام والتسلية بحكايات غير واقعية مثلهم في ذلك مثل نجوم المسرح حيث لا يسمحون للفراغ بأن يتشكل على خشبة المسرح فهذا الفراغ حتى لو كان دقيقة واحدة فإنه يعمل على قتل روح المسرحية وتجعل الناظر ينظر بملل إلى المسرح وكأن روحه تريد أن تخرج منه.
ربما كان السبب في هذا التكرار الممل للصلاة والصوم والحج هو العمل بالمثل الشهير: “التكرار يعلم الحمار”. لكني اشك كثيرا ليس في صحة المثل إنما في صحة ما يقال في المساجد وما يمارس فيها لان الحمير لم يتعلموا شيئا بعد تكرار مستدام لاكثر من 1400 عام.