(اذا لم تقلم الأنظمة العربية الحاكمة اظافر الاقليات الشيعية الموالية لإيران، فانها ستطول وتخرمشها وتدميها، والعراق شاهد حي).
في قمة الرياض بحضور الرئيس الأمريكي رونالد ترامب وما يزيد عن خمسين ملكا وزعيما ما الدول العربية والإسلامية، إقتصر الحضور العراقي على الرئيس فؤاد معصوم ونابه من سنة السلطة أسامة النجيفي، ولا نعرف ان كانت الدعوة قد وجهت اليهما فقط، أو ان الرئيس معصوم هو الذي قرر ان يكون هو ونائبه السني ممثلين عن العراق. بلا شك لا أحد يتوقع ان توجه دعوة أو يكون هناك ترحيب لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي أو حيدر العبادي، وإذا كان إستقبال الرئيس العراقي قد تم من قبل نائب أمير الرياص، فإن إستقبال المالكي سيكون حتما من رئيس بلدية إحدى نواحي الرياض.
البعض شط بعيدا في تحليلاته وأعتبر ان القمة ذات طابع سني متناسيا ان جميع الدول العربية ذات طابع سني، وان العراق ليس بدولة حقيقة ذات سيادة كاملة ويمكن التعامل معها على هذا الأساس، فهي دولة خاضعة لإرادة الولي الفقيه وهذا ما لا يخفى على أي عاقل. ولو إفترضنا جدلا ان القمة وجهت دعوة حضور لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي صرح مؤخرا خلال لقائه بصحيفة (أي بي سي) الإسبانية ” أن العراق يرفض السياسة الأمريكية المعادية لطهران، وأن العراق دولة متحضرة ولاتتبع سياسة الأبيض والأسود تجاه قضايا متعددة ونرفض التحالف مع الولايات المتحدة ضد ايران، وفي حال استهدافها ستكون قواتنا وفي مقدمتها الحشد الشعبي بالمرصاد”. لو إفترضنا جدلا ان الجعفري قال هذا التصريح خلال القمة العربية، فكيف سيكون موقفه؟ ولا نقول موقف العراق، لأنه ليس للعراق موقف، وإنما مواقف متعددة ومتناقضة تمثل الكتل السياسية بعينها.
بلا أدنى شك سيتعاملوا معه مثل الفأر الميت ويرموه بكيس قمامة على الحدود العراقية. هذا هو موقف الحيدري والعبادي والمالكي لمن إستنكر عدم حضورهم القمة العربية. ولو رجعنا قليلا الى الخلف لأستذكرنا على الفور مواقف الجعفري من إيران ورفضه قرارات الإجماع العربي بشأن إدانة التدخل الإيراني في شؤون المنطقة ونشر حالة الفتن والإنشقاق وبث الطائفية، بل الأدهى منه ان الجعفري سلم محاضرات الإجتماعات المغلقة الى الحكومة الإيرانية وتلقى شكرا من رئيسه الفعلي وزير الخارجية الإيراني، بمعنى ان زعماء حزب الدعوة هم جواسيس لإيران، وحضورهم لا يشرف القمة، ولا يتناسب مع طروحات الدول الأعضاء.
مع الأخذ بنظر الإعتبار أن العبادي خلال لقائه بكوشنر والوفد المرافق له” تسلم قائمة تضم 610 اسماء لضباط في وزارتي الداخلية والدفاع على علاقة مع إيران”. وأشار كوشنرإلى أن ” معظم هؤلاء يتشاورون مع نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وينسقون نشاطاتهم مع قاسم سليماني القائد في الحرس الثوري الإيراني”. بالإضافة الى تزويد العبادي بقائمة أخرى تتصمن ” نحو 170 اسما لمدراء عامين ورؤساء مؤسسات، معظمهم موظفون مسؤولون في الوزارات السيادية، قدمتها الولايات المتحدة لرئيس الوزراء لغرض إحالتهم على التقاعد بعد ثبوت علاقتهم مع قيادات الحشد الشعبي وتنسيقهم مع إيران”.
علما ان العبادي أعرف من غيره بهذه القائمةّ وهو لا يحتاج اليها، لكن الولايات المتحدة أرادت ان تعلمه بأنه لا يُخفى عنها شيئا مما يجري في الكواليس، وان العبادي يتستر عليهم بسكوته المطبق، وسيكون عمله القادم تجاه هذه الحقائق هو معيار تقييمه.
إما بشأن عدم إعطاء الفرصة للرئيس العراقي لإلقاء كلمة، فلأن هذا هو المنطق السليم، القمة لا تحتاج الى مواضيع إنشائية كالتي تُكتب من قبل طلاب المدارس، ولا الحديث عن عراق ديمقراطي فنطازي يعشعش في عقول الحكومة العفنة، ولا علاقة له بأرض الوقع. ولا عن سيادة ملثمومة في ظل ولاء مطلق لدولة مجاورة، ولا الحديث عن ما يسمى بالشراكة الوطنية في ظل وجود رئيس برلمام ولائه التام لولاية الفقيه، ووزير دفاع من جحوش أهل السنة لم يسمع منه تصريحا واحدا عن سير المعارك، سوى ان كافة إمكانات وزارته في خدمة الحشد الشعبي. ولا يجرأ أن يصدر أمرا واحدا لنزع الشعارات الطائفية المقززة ولا صور الخامنئي والخميني الملصقة على الدبابات والمدرعات التابعة لوزارته البائسة، التي يكيل لها زعماء ميليشيا الحشد الشعبي أقصى الإهانات ويبلعها الوزير على الريق.
العراق دولة اللادولة تحكمها زمرة من العملاء والجواسيس، تزخر بمافيات الفساد والميليشيات الإرهابية، وتنفذ أجندة إيرانية ولا علاقة لها بالعرب البتة، بل ان كلمة العروبة بالنسبة للحكومة العراقية كلمة مسمومة تنهش أحشائها، ولا تختلف عن السم الزعاف الذي جرعه إمامهم المقبور.
بشأن مراسم إستقبال الرئيس العراقي من قبل نائب أمير الرياض، نقول لمن أستنكر هذا الوضع البرتوكولي غير الصحيح بالطبع، عليه ان يستذكر إستدعاء الجنرال سليماني للرئيس السابق جلال طالباني واللقاء به على الحدود الإيرانية وتوجيهه، أو إستقباله ـ اي الطالباني ـ من قبل وزير الرياضة الإيراني خلال آخر زيارة له لولاية الفقيه. في الحقيقة لم تستقبل ايران أي مسؤول عراقي وفقا للسياقات البرتوكولية في بداية الزيارة (إستقبال في المطار). بل إنها ترفض وضع العلم العراقي خلف الزائر العراقي، لكن لا أحد يتحدث عن هذا الوضع.
الأمر المثير للعجب هو عدم وجود ردة فعل للإدارة الأمريكية تجاه نكران دورها في في تحرير العراق من داعش والتركيز على الدور الايراني والجنرال سليماني، كما جاء في آخر تصريح لموفق الربيعي عن التحالف الشيعي في 28/5/2017 ” سليماني قائد عظيم وهو من حمى العراق”! علاوة على تهديدات الجعفري والمالكي وبقية أزلام حزب الدعوة وزعماء الميليشيا المنطوية تحت جناحها، وهذا يعني واحد من إثنين، الأول: ان الإدارة الأمريكية تخشى ردة فعل هذه المجموعة بحكم قوتها وتأثيرها العربي والمحلي وما تمتلكه من قوة مسلحة كبيرة تمكنها من لوي ذراع ترامب، كما هو الحال مع رئيس كوريا الشمالية، فتتجنب إستفزازه خشية من عواقب جنونه، أو لوي ذراعه في العراق على أقل تقدير، وهذا الأمر غير معقول ولا يمكن للبيب ان يصدقه. والثاني: ان الإدارة الأمريكية تستصغرهم وتعتبر أحاديثهم كطنين الذباب، بحيث لا تسمح للسفير او القائم بأعمال السفارة ان يتنازل ويرد عايهم، وهذا الأمر أقرب للمنطق.
في الوقت الذي حقق الجيش العراقي الإنتصارات على تنظيم داعش الإرهابي بالتعاون مع ما يزيد عن (60) دولة، ولولا القوات الأمريكية والغطاء الجوي والمدفعي الثقيل، ووجود الآلاف من المستشارين الأمريكان والغربيين، وكثافة ودقة (الى حد ما) المعلومات الإستخبارية للقوات الأمريكية لما تمكنت القوات العراقية بتحرير حارة واحدة في الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى، وهذه حقيقة يدركها الجعفري قبل غيره، بل أن الجعفري طالب خلال لقائه بالسفير الأمريكي تعزيز الوجود الامريكي في العراق لمحاربة الإرهاب.
الكارثة الأخرى أن الجعفري لم يهدد القوات الأمريكية بالجيش العراقي كما يفترض بإعتباره وزير خارجية كما يفترض وليس زعيم ميليشيا، بل إنه هددهم بالحشد الشعبي، اي بذراع ولايه الفقيه في العراق. ولو وضعنا قوة ايران وربيبها الحشد الشعبي في كفة الميزان مع الكفة الأمريكية، لكانت عملية التوزان مضحكة، ولطارت كفة ميزان نظام الملالي وأذرعتهم كافة الى أعنان السماء.
هذه الحقيقة ان أدركها الجعفري ولم يفهمها فهي مصيبة، وان أدركها وفهمها فتلك كارثة.
رحم الله سهل بن هارون عندما قال عن العراقيين” مالكم تسمعون فلا تعون؟ وتشاهدون فلا تفهمون؟ وتفهمون فلا تتعجبون؟ وتتعجبون فلا تصنعون؟”.
للحديث صلة.. بعون الله.
علي الكاش
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :