الآن وفي هذا الوقت بالذات تناقش السعودية والأردن خطر الجماعات الإسلامية السنية السلفية المتطرفة, ولا أدري كيف يناقشون من تربى في عقر دارهم, هم الراعي الأول لتلك الجماعات,وهم المغذي الرئيسي لها, وهم الراعي الرسمي لها,وهم من أسسوا وأنشئوا المؤتمرات العلمية من أجل إنجاحها,وهم من غذوا ورعوا كل رجل وامرأة , وهم من لاحقوا وخنقوا كل مثقف وعلماني من أجل أن تخلو الساحة لهؤلاء المتشددين,وهم من مول هذه الجماعات بالسلاح وبالمال وبالدعم السياسي والآن يريدون البحث عن أماكن تواجد هؤلاء المتشددين,فأين هم بالضبط؟.
متطرفة قبل أسبوع دخلت في نقاش مع أحد مرتبات الجيش الأردني وكان الموضوع حول داعش, فاكتشفت أن هذا العنصر داعشيٌ بامتياز يشجع على إقامة الخلافة الإسلامية وإزالة الحدود والحواجز الجمركية وقتل الأبرياء, وقبل يومين دخلت في نقاش مع أحد أقاربي وهو موظف حكومي بسيط فاكتشفتُ أيضا أن هذا الرجل داعشي بامتياز, وقس ذلك عزيزي القارئ في كل مكان, فداعش متواجدون بيننا بكثرة وهم في غرفة النوم وفي المطبخ وفي القوات المسلحة وفي الأجهزة الأمنية وفي الشارع والمدن المكتظة بالسكان وفي القرى, ولا يوجد جحر أو بيت أو شارع أو سوق إلا وبه عنصر من عناصر داعش, فالخوف ليس من الدواعش الناشطين في المحافظات السنية في العراق وإنما الخوف من الدواعش المتواجدين معنا على مائدة الطعام وفي العمل وفي الوظيفة, داعش ليسوا مختبئين عن أعيننا ولا عن أعين الحكومة الأردنية ولا عن أعين جلالة الملك.
داعش تربوا في حضن جلالة الملك عبد الله وفي أجهزة المخابرات وفي المساجد والضواحي والأندية والأحزاب والجمعيات, ولا يوجد بيت يخلو من الدواعش أبدا, واليوم يريد جلالة الملك عبد الله نشر قواتنا العسكرية على الحدود الأردنية تحسبا لأي خطر منبعث من داعش, حتى لا يتسللوا ويدخلوا إلينا, وأنا أستغرب هذا التصرف من جلالة الملك, إذ كيف يريد منع داعش من أن يدخلوا الحدود الأردنية وهو من قامن بتربيتهم على الأرض الأردنية, فوزارة التربية والتعليم وساهمت بتربية الدواعش في المراحل الدراسية المختلفة, والمساجد ساهمت بتربية الدواعش في مختلف مراحل العمر, وكل وزارة حكومية يوجد فيها شيوخ يقيمون الصلاة ويناقشون شتى المسائل السياسية داخل وظيفتهم وهم على الأغلب يحملون عقلية الدواعش, ولا يوجد سهلة أو مطرح إلا ويوجد فيها رجل داعشي أو امرأة داعشية, إن التحذير الذي حذرت منه الحكومة وجلالة الملك في مقالاتي السابقة ومعظم نبؤاتي عن هذا الموضوع قد تحققت على أرض الواقع, فلا يوجد في الأردن مكان يليق بالعلمانيين أو حتى الملاحدة, فكل البلد تربت تربية داعشية عظيمة حتى أفراد الجيش وكافة مرتبات الجيش الأردني وحتى أكثر من ثلث مُرتب جهاز المخابرات الأردني, فمعظم هؤلاء يكنون العداء للعلمانيين وللمثقفين وللمتنورين وأينما وجوا رجلا مثقفا يحاصرونه ويقلعون له عيناه ويقطعون يده ولسانه وأرجله ويعذبونه, طبعا تعبيري كلها مجازية, ولكن فعلا يقطعون لسانه حيث يقمعونه فكريا ولا يسمحون له بالنشاط السياسي أو الثقافي, وقبل أسبوعين وجه جارٌ لي دعوة لحضور درس ديني في بيتي وحضرته للمرة الثانية في بيته وهو يقام أسبوعيا وبشكل منتظم جدا, المهم أن الأستاذ الدكتور المتحدث قال بالحرف الواحد: لا يوجد شيء أسمه الرأي الآخر, هذا هراء وكفر وفتنة,ولا يوجد شخص نأخذ بكلامه إلا محمد والقرآن فقط لا غير,إلى هنا نفذ حدود صدري فأخذت نفسا عميقا ومن ثم عاودني الصبر مرة ثانية وبقيت في الجلسة قرابة الساعتين أسمع وأنا صامت.
هذه المحاضرة المنزلية التي استمعت لها يوجد في الأردن مثلها آلاف ومئات المحاضرات والندوات التي تعقد يوميا في البيوت وعلى أبواب الدكاكين وفي الحارات وفي السرافيس والباصات وأماكن التنزه والعمل, والآن نريد أن نلقي باللوم على أمريكيا والسعودية ونطلب منها النجدة,ومقاومة الإرهاب, علما أننا نحن من نرعى الإرهاب قبل الولايات المتحدة الأمريكية, وصدقوني ابني الذي يبلغ من العمر 13 عاما عقليته الآن عقلية داعشية بفضل التربية والتعليم في المدارس ووسائل الإعلام, وعلى فكرة, السعودية نفسها لن تنجو من هذا السم وسيغزوها يوما في عقر دارها, فكيف سنقاتل داعش وكيف سنحدد نقاط تمركزهم؟ونحن نعلم أنهم موجودون في مطبخنا وغرف نومنا وأماكن تنزهنا, وكل البلد مثقفة ثقافة داعشية.