أكثر الشعوب شراءا لساعاتنا أقلهم احتراما للوقت!

البارحة كان يوم المرأة العالمي، رغم أنني لم أسمع بأية إشارة إليه حيث أعيش، ربما لأن كل يوم هو يوم المرأة في أمريكا!foodiet

على كل حال، طاف الفيس بوك ـ كما طاف بريدي الخاص ـ بباقات الورود التي أرسلها الفيسبوكييون العرب إلى المرأة في يومها…..
لست ضد هذا السيل من الورود الذي جرفني عاطفيا، وانسانيا، ولكن لو كان على أرض الواقع لدخل العرب منظومة جينيز للأرقام القياسية، ولسجل التاريخ أن العرب صرفوا بلايين الدولارات ثمنا لورود أهدوها لنسائهم!
على كل حال، ذكرتني تلك الحالة بمقابلة قرأتها منذ زمن طويل مع رجل أعمال سويسري، وخبير في الساعات السويسرية، عندما سئل عن مبيعاتهم من تلك الساعات قال: للأسف أكثر الشعوب شراءا لساعاتنا أقلهم احتراما للوقت!
يبدو أنه تجنب أن يذكر “البدو” تحديدا، خوفا على مستقبل سوقه!
المهم، بالنسبة لي بدا الأمر في يوم المرأة العالمي وكأن أكثر الشعوب ارسالا لباقات الورد في هذا اليوم أقلهم احتراما للمرأه!
تناقض عجيب غريب، بل هو آلية دفاع سيكولوجية، يحاول بها العربي وباللاوعي عنده، أن يغطي إحساسه بالذنب تجاه معاملته للمرأة في محيطه!
كنت أتمنى وبدلا من باقة ورد “وهمية” وصلتني أو وصلت أية امرأة عربية أخرى على الفيس بوك، أن أكون قد قرأت عبارة تدحض مفهوما اسلاميا ما يهين المرأة ويهبط بكرامتها ومستوى عقلها كانسان، ولكن للأسف لم يحدث هذا!
على سبيل المثال، هناك آية قرآنية أراها تتصدر تلك المفاهيم، فهي تعلو ولا يُعلى عليها، في الحط من شأن المرأة وكرامتها، وفي تقزيم كيانها الروحاني والجسدي والعقلي، ألا وهي: “ولما قضى منها زيد وطرا زوجناكها”
لا يمكن أن تتفوق عبارة في اللغة العربية على تلك الآية في مستوى احتقارها للكائن البشري، ذكرا كان أم انثى!
ينقل “الله” المرأة من حضن زوجها إلى حضن رجل آخر، بخطة قلم، متجاهلا مشاعرها ورغبتها وقرارها!
إنه انتهاك خطير لأبسط حقوقها، وانتهاكا أيضا للرجل الذي يُفترض أن يلتزم بمنظومة أخلاقية، خصوصا عندما يختار شريكة عقل وروح، وليس مجرد شريكة فراش!
يا أصدقائي الفيسبوكيين:
أشكركم على باقاتكم الجميلة ومشاعرك الرقيقة تجاهي كامراة….
لكنني أتوسل إليكم أن تساهموا ـ ولو بعبارة واحدة ـ في تحطيم جهازنا التربوي والأخلاقي الذي يهين المرأة، وتستبدولوه بعبارة جميلة واحدة ترفع من شأن المرأة في محيطك وليس فقط على الفيسبوك!
بدلا من أن تقدم للمرأة باقة ورد، حييها بابتسامة واعترف بجميل صنعته في ذاك اليوم، اعتبارا من غسيل الصحون وانتهاءا بسهرها على صحة طفل مريض…..
شاركها برأي، اثنِ على رأيها واذكرها بالخير أمام كل من يحيط بك…
امسك بيدها وقبل تلك اليد امتنانا لتضحيتها في سبيل عائلتك….
قدم خدمة لم تسألك عنها، كأن تحضر لها كوبا من الشاي بعد عمل يوم مرهق….
ولا تكن “موفق بهجت آخر”!!!!
“هاتِ الصينية صبي الشاي لك وليا”!!!!

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.