الشعوب المقهورة .. عندما تصاب وثباتها بالاجهاض .. وتجد نفسها محاصرة بين عدوين بغيضين ..
فانها تختار الارتماء في حضن العدو الأقل قبحاً ..
انه أمر واقع .. ولا مفر .
وتمثل الحب لذاك العدو البغيض تمثيلاً . كيدا في العدو الأبغض .
ويندمج أبناؤها في تمثيل ذاك الحب الكاذب . اندماجاً .. كما لو كان حباً حقيقياً
وتجد لبعض تلك الشعوب – في حالة الشعور بالقهر – أقوالاً شعبية . من نوع ” أنا أكلتها . لكن بمزاجي ” …(!) وفي الحقيقة أنه أكلها رغماً عنه . ولكنه يكابر . فيبدو استسلامه كأنه : شيء من كرم تسامحه وتساهله !.
ويمضي الشعب المقهور في تمثيل الفرح بالارتماء الاضراري في حضن عدوه الأقل شراسة . الي حد ايهام النفس . بأنه ليس تمثيلاً بل هو حب حقيقي مؤكد !
ومن شدة الاندماج في التمثيل .. يسابق المتعلمون . من هم دونهم . ويسبقونهم , في ادعاء النصر ومزاعم الفرح..
ويتصاعد التمثيل , فيصل لدرجة مسابقة المثقفين لغيرهم . في التمثيل . وتفوقهم علي الجميع ..
ومسارعة الجميع باتهام من يتخلف أو يخرج عن سياق التمثيلية . بالعمالة والخيانة . واحداث الفرقة والبلبلة . في ظرف حرج وحساس . تمر به الأمة ..!
ومن هنا يدور الرقص – كرقص الطائر الذبيح .. مع اتقان تمثيل العكس ! -..
وتنطلق الزغاريد والأغاني . من شدة مفعول خمر ايهام النفس ..
تلك المحطات المليودرامية . في حياة الشعوب المقهورة . عبر عنها الشاعر ” نجيب سرور ” في قصيدة من شعره العامي . جاء فيها :
(( مساكين بنرقص م البلوة ..
زي الديوك والروح حلوة ..
واخداها م السكين حموة ..
ولسه جوه القلب .. أمل .
— وفي نفس القصيدة .. تتصور الحلوة . الواهمة . أن البحر يشاركها الفرح . فتغني :
البحر بيضحك ليه , وأنا نازلة أتدلع أملا القلل ؟
فيأتيها صوت , يقول :
البحر غضبان ما بيضحكشي ..
اصل الحكاية , ما تضحكشي .. .. )) .
—-
ويبقي مفنوحاً دائماً باب الأمل .. ما دام التاريخ لم يتوقف بعد .
لا نريد أن نفسد علي الفارحين المساكين المظلومين . فرحتهم وزغاريدهم ..
ولكن نريد أن نقول للظالمين . ان فرحة المظلومين: محض سُكرة . وسوف تذهب عنهم تلك السكرة . وستأتيهم الفكرة .
فحاسبوا أنفسكم أيها الظالمون الماكرون المتلاعبون . من قبل أن يحاسبكم هؤلاء المظلومون .