برأي كاتب هذه السطور, فإن فيلم أغنية العروس من افضل الافلام العربية من حيث الصدق في تناول الحقائق التاريخية والتابوهات المجتمعية هذا عدا عن تميزه الفني من حيث السيناريو والاخراج والموسيقى.
في هذا الفيلم الدرامي للكاتبة والمخرجة الفرنسية كارين ألبو, تنشأ نور (تعلب دورها: أوليمب بوفال ) ومريم (تلعب دورها ليزي بروشار) في نفس الحي في تونس وخلال فترة عصيبة من تاريخ المنطقة.
تجد هاتين الشابتين أن الاختلافات العميقة بينهما تقربهما أكثر من بعضهما البعض, ورغم انهما وصلتا الى مرحلة البلوغ الا انهما بقيتا صديقتين متلازمتين .
في سنة 1942 كانت تونس ترزح تحت احتلال قوات المحور النازية, مما جعل الحياة صعبة بالنسبة للشابتين نور ومريم, حيث منعت السلطات الألمانية خطيب نور خالد ( يلعب دوره: نجيب أودغيري ) من الحصول على عمل, في حين لا ترى مريم مخرجا لها من وضعيتها البائسة, مما فرض على أهلها تزويجها من طبيب ثري (يلعب دوره: سيمون أبكاريان ) وهو يكبرها بسنوات عديدة.
قامت النازية في ذلك الوقت بنشر موجة شيطانية من الدعاية المعادية للسامية بين المواطنين العرب في تونس, مستفيدة من وقوف المسلمين الى جانبها متمثلين بتركيا زعيمة المسلمين, ومفتي القدس محمد أمين الحسيني, وهي مصممة على تنفيذ أجندتها في التطهير العرقي ضد اليهود. وسط كل هذه الأحداث الجارية, تتوثق اواصر صداقة مدى الحياة بين مريم اليهودية ونور المسلمة، ذاتي الستة عشر ربيعاً.
في هذه الظروف القاسية على اليهود, تضطر مريام للموافقة على هذا الزواج المرتب , بينما نور التي تعيش علاقة حب مع ابن عمها خالد, ولكن تقف مشكلة عدم حصوله على عمل كعثرة في طريق زواجهما, فعندما يرى خالد بأن المسلمون يقفون في صف النازية في الحرب العالمية الثانية, عندها يجد خالد في التعصب الديني الاسلامي ضد اليهود ملاذا و مبررا لحل مشكلته من اجل الزواج والحصول على فرصة عمل مع النازية.
من المشاهد المؤثرة في الفيلم: عندما يقوم خالد بقراءة الآيات المعادية لليهود في القرآن لخطيبته نور, لكي يبرر عمله مع النازية ضد اليهود من اجل زواجه بنور, وعندما تواجه نور والدها بهذه الآيات دفاعا عن خطيبها, يقوم والدها بقراءة الأيات التي ترأف بالآخر في القرآن, فتقع نور بالحيرة والاضطراب من ناحية علاقتها مع صديقتها مريم …. وكأن المخرج يريد أن يقول لنا ما قاله علي بن ابي طالب بأن القرأن حمال اوجه ولا يجب ان نأخذ به حكما؟
المشهد الثاني المؤثر في الفيلم هو ليلة دخلة نور وخالد المتدين الاسلامي, والذي فض بكارة نور منذ زمن طويل قبل الزواج, فيقوم بجرح رجلها ومسح دمها بالفوطة لكي يرسلها الى الاهل ولاقارب والمعازيم الذين يتظرون اثبات عفة نور, وعند استلامهم للفوطة تعلو زغاريد النساء, ……. وكأن المخرج يريد ان يرينا زيف وخداع المتدينين والمجتمعات المتدينة.
المشهد الاخير الذي اريد ان اشير اليه هو المشهد الايروتيكي للزفاف اليهودي لمريام, حيث تقوم النساء في الحمام بحلي عشها من الشعر باستخدام عصيدة السكر والليمون بكامل التفاصيل وعلى كامل الشاشة.
واخيرا عزيزي القارئ ادعوك للإستمتاع بمشاهدة الفيلم اغنية العروس:أديب الأديب (مفكر حر)؟