في أوائل الثمانينات حين فوجئت بزيارة من أحد أقرباء زوجي البعيد القرابة وحين فتحت له الباب أشاح بوجهه عني كأنما أصابه مس شيطاني وخاطبني بجفاوة, يسألني عن زوجي. إندهشت لتصرفه, ولكني لم أعير الأمر إهتماما. فيما بعد سألت زوجي عما يريده هذا الرجل. فأخبرني ان سبب زيارته كانت لدعوته للمساهمة والإنضمام إلى جماعة التبليغ والدعوة. الأمر الذي رفضه آنذاك ولا زال على رفضة لأي شكل من أشكال التشدد.. ( والحمد لله ).
الحجة التي ساقها الرجل لإقناع زوجي, أن كل مسلم ’ملزم بالجهاد من أجل نشر الدعوة.. وأن هذه الجماعة ليست للجهاد العنفي. بل هي الجهاد لقول كلمة حق. بان الإسلام هو الدين الوحيد الذي سيضمن لمؤمنيه دخول الجنة , وللمجاهدين في نشره النجاة من العذاب. والأهم أنه الوحيد القادر على حل كل المشكلات التي تواجه العصر. وأن نشره فريضه على كل مسلم..
نحن نعلم أن الإسلام السياسي بدأ بدعوة حسن البنا خلال الإحتلال البريطاني لمصر ولكن إنتشار المدارس الإسلامية في باكستان ومناطق العالم الأخرى, بدأ مع الغزو السوفياتي لأفغانستان. كانت بداية تدفق الأموال الأميركية والسعودية عام 1980 لتسليح المجاهدين لمحاربة السوفييت. ومع الثورة الإيرانية وبداية تصدير الفكر الإسلامي المتشدد الذي آمن بأن تطبيق الإسلام الصحيح من خلال لفلفة المرأة والوصول إلى السلطة. كانت أفكار حسن البنا ثم سيد قطب التي تبنت إسلام أكثر تشددا وهيأت الأرضية للإسلام السياسي في كل الدول الإسلامية. إضافة إلى تحميل العالم كله أسباب فشل معظم الدول الإسلامية. كانت الأرضية جاهزة لإحياء الجهاد بكل أشكاله لإحياء حلم الخلافة والرغبة في إنشاء الدولة الإسلامية التي ’ولدت منها القاعدة وبوكو حرام والنصرة وداعش وكثير غيرها ؟؟؟؟؟
في دعوة خاصة من مؤسسة كويليام البريطانية في البرلمان البريطاني , لسماع آخر تقارير المؤسسة التي تختص في محاربة التطرف الإسلامي. عن كيف ولماذا بدأت داعش في تجنيد الأطفال للجهاد. ماذا تريد أن تقول لنا؟؟ ولماذا إستعملتهم للتركيز الإعلامي على هذه الظاهرة.
كيف تستخدم داعش عنصر التخويف للأهل وللأطفال لتجنيدهم ..
كيف ’ينزع منهم أي شعور للتعاطف تجاه العنف وفي كل أشكاله.
كيف ’يلقّن الأطفال الكراهية والقيم المتطرفة منذ الولادة..
والخوف الأكبر من وجود 31 ألف إمراة حامل في ما يسمى الدولة الإسلامية…
بيّن المتحدثون أولآ أن داعش تريد إيصال رسالة معينة مفادها فشل
1- الربيع العربي في تقديم البديل الديمقراطي الحق للشعوب وأن البديل الوحيد هو الإسلام
2- فشل الحرب العالمية على الإرهاب!!
3- خلق بلبله فكرية في كيفية التعامل معه هل هم أطفال؟ أم إرهابيين؟
الأهم أنهم إتفقوا على أنها إستراتيجية واضحة لداعش لمواجهة الغرب بمعضلة اخلاقية في كيف سيتعامل مع هؤلاء الأطفال .. وبث الرعب من خلال هذه الظاهرة والتهديد بها لإستمرارية الجهاد من خلال أطفال هؤلاء النسوة؟؟
شعور الخوف والرهبه كان الطاغي بين الحضور خلال المحاضرة كلها وحتى في الأسئلة!!
اليوم 16-3 ومن خلال الفعاليات لمنظمة Human Rights Watch شاء حظي التعس ان أذهب لمشاهدة وثائقية Among the believers
الوثائقية تبدأ من عام 2009 وتتبع زيادة كبيرة في أعداد المدارس الإسلامية في باكستان.. والتي بدأت في الظهور مع تدفق الأموال السعودية والأسلحة الأميركية لمحاربة القوات السوفياتية في أفغانستان. ونرى في عدة لقطات الرئيس الأميركي رونالد ريغان يمتدح بطولاتهم في الحرب. ويلتقي بزعمائهم لتشجيعهم على محاربة السوفيات.. المصيبة ان هذه المدارس لم تنته بإنتهاء الحرب.. كل ما فعلته هو تغيير وجهتها بعد وقف الأموال الأميركية؟؟ وإتجهت لمحاربة الكفار الأميركان تبعا لإرشادات أسامة بن لادن واستمر تدفق الأموال.. وبناء هذه المدارس.
فشل المؤسسات الحكومية الباكستانية ، في حماية فقرائها. ساهم في زيادة عدد طلاب هذه المدارس حيث كانت هذه المدارس تتكفّل بكل مصاريفهم. ووظف مديرها جهل وتطّلع الأهالي لدخول الجنة بأن شهادة أطفالهم تضمن لهم هذا. وتضمن تتويجهم بتيجان من الأحجار الكريمة في الجنة؟؟ إضافة إلى أن لفظ الشهيد يضمن لهم الرقي المجتمعي المحرومين منه.
إقتصر التدريس على حفظ القرآن بدون تفسير.. لبرمجة عقولهم على الأمور التالية فقط لا غير..
1- تعليمهم بان الهدف الأسمى في الحياة هو الشهادة في سبيل الله, طبقا لما جاء في القرآن.
2- تجهيزهم فكريا لكراهية كل من يختلف عنهم في العقيدة وحقهم في قتله, طبقا لآية الولاء والبراء.
3- تجهيزهم فكريا بأن الإسلام ثورة على كل ما هو حداثي وجديد , لأن القرآن يحمل كل الإجابات.
4- بأن الجهادي يحارب لنشر الحق والعدالة.
5- أن المرأة لا ’تعرف إلا من حجابها وحث البنات على الحجاب ودراسة القرآن فقط
6- إقتصار تعليمهم الحروف الأبجدية من خلال ربطها فقط بأدوات الجهاد.. مثلا أ ترتبط بإسم الله ب ترتبط بالبندقيه ح ترتبط بحجاب المرأة أما ذ فترتبط بالذنوب والرعب من قصاص الله!!
7- تطبيق الشريعة حتى ولو بالقوة وتجهيزهم للشهادة في سبيلها
8- الدفاع عن العقيدة مهما كلّف الأمر؟؟؟
مؤسسها والقائم على إنتشارها مولانا عبد العزيز.. لم ’يسجن سوى لسنتين فقط بعد الأحداث الدامية التي وقعت بين طلبة هؤلاء المدارس وبين المعتدلين؟؟
تبريره لوجود مثل هذه المدارس انه أمر من الله.. وأنه ’يجهز جيشا من الإنتحاريين لثورة عالمية لنشر الإسلام..
أنهم مجاهدون لقتل الكفار من أجل الله الذي امرهم بذلك.. وأن الكفار هم من قتلوا المؤمنين وعليه فالعين بالعين والسن بالسن ..
وأن كل ما درّسه هو طبقا لما جاء في القرآن والسنة؟؟
’ترى كيف سيتعامل المسلمون أنفسهم مع هذه الجيوش من الأطفال؟؟
من من الدول الإسلامية ترضى بوجودهم بين شعوبها.. هل هم اطفال مبرمجة عقولهم أم إرهابيون جاهزون للقتل في أية لحظة..؟؟
مثل هذه المدارس موجودة الآن في كل مكان في العالم !! السؤال هو أما آن الأوان لصحوة حقيقية؟؟؟
يتبع في مقالة قادمه!!!
المصدر ايلاف