أصنام حية في النجف الأشرف

محمد الرديني

حينما خصصت بعض الدول الكافرة جزءا من ميزانية دولها لإنشاء متاحف شمع تعرض فيه رجالاتها الذين لعبوا دورا في التاريخ سلبا او إيجابا ..نقول قبل ان تقدم على ذلك كانت قد انتهت من تنفيذ مشاريع البنية التحتية وكلفت الشركات المتخصصة في تبليط الشوارع وتقليل اسباب الزحام وتوفير المياه الباردة والساخنة لأبعد بيت في الريف وقضت على امية آخر رجل عجوز وجد انه لايبصم بعد اليوم،ولم تنس الكهرباء فقد انتبهوا ان الناس لايعيشون كالغنم لاسمح الله،وهي بذلك ، أي الحكومات واولي الامر حين استرخوا قليلا ووجدوا فسحة من الوقت بدأوا يلتفتون الى تجميل المدن ونصب التماثيل الفنية والنافورات التي لم يسمع بها اولاد الملحة بالعراق حتى الان، حتى اذا فرغت من ذلك التفت الى تماثيل الشمع لتدعوا فنانيها الى صنع تماثيل شمعية الى رجالاتها وقادتها الأفذاذ وترجوا جماهيرها للزيارتها مجانا.
أنا اعرف انها مقدمة طويلة قد تنالني منها بعض الشتائم المحببة على غرار(دتطير،مسوي روحك علامة،لا تفلسف براسنا رجاءا، انت وين والناس وين).
اولاد الملحة تساءلوا امس بعد وصول تماثيل الشمع لعدد من رجال الدين والمرجعيات الى النجف الأشرف وهي الوجبة الاولى لمشروع ضخم لتصنيع تماثيل شمع للعديد من رجال الدين والمرجعيات عبر تاريخ العراق، تساءلوا: لماذا مثل هذا المشروع فهو رغم أهميته لا يرقى الى مستوى رؤية أطفال النجف يتسولون او يبيعون العلكة عند الإشارات المرورية او يتسكعون في الشوارع بحثا عن لاشيء بعيدا عن مدارسهم.
لا ننكر انه مشروع ضخم يشكر عليه مجلس المحافظة والشكر موصول للذي قدح زناد فكره ليقدم هذا المشروع ولكن الا يتفق معي من يهمه الامر ان إحلال مدرسة إسمنتية بدلا من مدرسة طينية أقدس عند الناس من صرف الملايين في المشروع الذي يمكن ان يؤجل الى حين ؟.
ماعدا دراسة يتيمة بذلت فيها احدى النجفيات الرائعات جهدا خارقا لتجيب على سؤال : لماذا التسول في عاصمة مقدسة مثل النجف؟لم نجد دراسات مماثلة وكأن المرجعيات الدينية وبدون استثناء لا يهمهم الامر لا بعيد ولا من قريب.
المنطق يقول ان النجف تعبر من أغنى المحافظات للأسباب المعروفة للجميع ، والجميع يعرفون أيضاً ان الحكومة تكاد تصرخ بعد ان لطمت كثيرا بانها عاجزة عن تقديم اي نوع من الخدمات لهذا الشعب العظيم والجميع يعرف لماذا لاتحل المرجعيات محلها وتأخذ زمام المبادرة في تقديمها للخدمات الضرورية جداً؟.
لانقاش هناك مرجعيون أصابوا من ثروة العراق وجهل معظم ساكنيه الكأس المعلا، واصبحوا بين ليلة وخريفها من اصحاب الملايين الذين يشار لهم ب( الفنكر أي البنصر).
اصبح لدى العراقيين قناعة تامة بان هذه المرجعيات تسابق الزمن في تحقيق هدف ( الدولار الأسمر ينفع في اليوم الأحمر) انها بالنسبة لهم الان فرصة العمر… فرصة لم يحلم بها حتى أجداد أجدادهم .
مرجعيات جاهزة وخبرة في النهب وسرقة عقول الاخرين وتغييب ما بقي تلافيف الدماغ.
اولاد الملحة يتحدون هذه المرجعيات في تقديم ذممهم المالية الى من يهمه الامر،ويتحدونهم أيضاً في تقديم كشف حساب لأموال النذور والخمس والزكاة وغيرها من طرق النهب المعروفة!.
اذا كانوا يقتدون بسيرة أمامنا العظيم علي ابن ابي طالب فقد خسئوا لانه قدم حياته ثمنا لعدالته ومحاربته للصوص المسلمين قبل اهل الذمة والكفار .
اين انتم من هذا الصرح الديني المنير الذي اذا وجد فسحة من الوقت ذهب ليساعد جاره العطار اليهودي في ترتيب اغراض دكانه… اين انتم منه حين أتاه عمر بن الخطاب وهو،خليفة المسلمين آنذاك، يقود رجلا وامرأة وطلب منه الحكم على هذين الشخصين بعد رؤيته لهما وهو يمارسان الفاحشة في مكان عام فرد عليه هذا الرجل الطاهر: يا عمر هات اربعة شهود حتى نقيم عليهما الحد او يسجن من يدعي ذلك فما كان من عمر وهو الامر الناهي الا ان يقول : يا علي أنا لم ار شيئا.
اين انتم يا اصحاب تماثيل الشمع من اجهزة الأمن التي تعبث بالناس عبث الشياطين بفقراء اهل الجبايش.
واهشي لا اعرف كيف لمرجعي ومن أي طائفة يمر بسايرته في شوارع النجف ويرى المتسولين ولا يفعل شيئا؟.
غسلنا ايدينا من الحكومة الموقرة فهل تريدون ان نغسل ايإدينا منكم واذا حدث هل تبيعون لنا الصابون الشرعي المخصص لهذا الغسيل آدام الله جلوسكم على رقابنا.
فاصل جنة ونار: ترى مو بس الكفار والمرتدين يروحون للنار،حتى اللي يسرقون غذاء الناس ويضحكون على المسلمين البسطاء.
مو صحيح؟؟.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.