مراد هوفمان…. روجيه غارودي …ومحمد أسد
أشهر مفكري أوربا الذين اعتنقوا الإسلام في القرن العشرين…..
اختار هؤلاء الثلاثة مواقف تجديدية متقدمة وذهبوا إلى تقديم العقل على النقل.. وبعد أن منحت السعودية غارودي جائزة خدمة الإسلام العالمية أعلن المفتي العام الشيخ باز بعد سنتين 1996 أن غارودي كافر أصلي لم يدخل الإسلام أساساً!!!
لم يتأخر صوت التكفير والتخوين عبر متعصبين قساة من مشاهير الوعاظ….
قدم الاستاذ عبد الواحد علواني تلخيصاً شاملاً لكتاب المفكر الإسلامي الفريد مراد هوفمان بعنوان تطور الشريعة الإسلامية….
أحببت أن نتعرف من خلاله على علم الرجل واجتهاده وبصيرته:
يتكلم الكتاب / المقالة عن الشريعة الإسلامية ، ويبحت إمكانية تطورها والموقف من هذا التطور .
ينقسم المفكرون المسلمون إلى : تقليديون ، حداثيون علمانيون ، مصلحون أصوليون .
1- التقليديون يعتقدون – انطلاقا من تأويل آيات كـ( اليوم أكملت لكم دينكم ) – أن الشريعة شملت كل شيء . وأن الصحابة وتابعيهم كانوا أقدر الناس على فهمها . هذه الآراء تقوم بإضفاء الثبات و القدسية ، ليس على القرآن والسنة فحسب ، بل على البنيان التشريعي الكلي للإسلام ، المؤسس طوال تعمائة عام .وهم بالتالي يعدون الفقه – وهو القانون الإسلامي المطبق في العصور الوسطى – هو الشريعة وبالتالي : مقدس . فتجدهم لا يشاركون إلا في الاجتهادات الجديدة .هذا الموقف ، هو الذي أنقذ الإسلام إبان اكتساح الاستعمار أراضيه . إلا أنه – في ظروف امتداد الإسلام العالمي – لم يعد عمليا . كما أنه يتغاضى عن حقيقة أن الفقه الإسلامي – باختلاف مذاهبه – لم يكن وحدة متكاملة .
2- الحداثيون ، ومعظمهم من مرجعيات مختلفة : ماركسية ، قومية ، علماء اجتماع .. ، يسعون لتخليص أنفسهم من كل ما يتعلق بالإسلام . فهم ينكرون احتواء القرآن على قوانين وانظمة دقيقة ، وإنما فقط المبادئ الأساسية العامة . والذين يقرون بوجودها منهم ، يجعلونها مقتصرة على العصر الأول . وهناك آخرون يحاولون تقليص المحتوى التشريعي للسنة أو برفض بعضها بدعوى : الوضع . ويتضح من هذه المحاولات جعل الإسلام مقبولا للغرب وفقا لمفاهيم هذا الغرب وتعريفه للدين على انه شأن روحي خاص لا تأثير له على الحياة العامة . هؤلاء يسعون إلى إيجاد( إلام أوروبي ) الذي يتوافق مع الحياة الغربية ، وبالتالي ، يفقد أي أمل في المساهمة في حل أزمات الحضارة الغربية . هذا الدين هو ، قطعا ، ليس المقصود بقوله تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام .
3- التجديديون ، مفكرين يستحقون لقب ( الأصوليون) لمحاولتهم العودة إلى التنزيل : مصادره النقية .وهم ورثة دعوة محمد عبده ورشيد رضا الذين كان هدفهم جميعا إصلاح وتجديد الإسلام عب إعادة صياغة الشريعة اعتمادا على الجذور الاساسية للدين . فهم يأكدون على أن الله ترك بعض الأمور للإنسان لينظم فيها . كما أنهم يدركون أن أي تفسير لنص ما يعد اجتهادا . ويميزون بين الشريعة كقانون مقدس وبين الفقه كإسقاط المصادر المقدسة على الإنتاج البشري بشكل مباشر . ومن هنا ، فإن للشريعة مكونين اثنين : آيات القرآن التشريعية – حددت بأنها مائتي آية ، والأحاديث الصحيحة .ويقاوم الإصلاحيون ، فكرة : اعتبار الأحاديث كالقرآن قدسيةً ، ويعتبرونها خاطئة ، بسبب أن هناك الكثير من التساؤلات حول درجة موثوقية السنة ، ومن هذا ، فهم يستحيلون نسخ آية بحديث . ويرفض التجديديون تقديس الفقه ، باعتباره خاصا في زمن محدود لا ينفي عنه الخطأ ولا يمنعه من التغيير . لهذا ، هم يرون ضرورة قيام كل جيل بإعادة صياغة المبادئ الاسلامية بما يتناسب مع عصرها . فهم ينظرون للإسلام كبدي بناء للحضارة الغربية وجاهزا للتكامل مع العلم الحديث كوحدة ثقافية .
بعض الجوانب التطبيقية للفكر التجديدي
1- مجال المرأة :
أ- وضع النساء : كانت النظرة للمراة ، سابقا ، دونية بالنسبة للرجال .، وذلك بناء على فهم معين لآيات : ( الرجال قوامون على النساء بما فضلا لله بعضهم على بعض ) و ( وللرجال عليهن درجة ) . الآن يمكن النظر للآية الأولى- بناء على الترجمات الحديثة ، باعتبار أن معناها : ( الرجال يجب ان يولوا النساء عناية كاملة ) و ( الرجال هم حماة ومصلحو النساء ) . بينما الآية الثانية ، تفهم بإعادتها لسياقها كآية تتكلم عن حالة خاصة هي الطلاق .
ب- تعدد الزوجات :
تشريع لا يمكن حذفه من القانون الإسلامي ، ولكن لا بد من إعادته لسياقه ، كحالة استثنائية يلجأ إليها كحل خاص للمؤسسة الزوجية أو حل عام لزيادة الإناث في مجتمع ما .
ج- الحجاب : المقصود بها زوجات الرسول ، وبالتالي خصوصيتها للشخصيات الرئيسية . الآن ، يتم الاعتراف جزئيا – وبفضل التجديدين – بعدم وجود سند بوضع حواجز وحجب بين الرجال والنساء .
د- زي النساء الإسلامي :
لم يرد في تغطية جسد المرأة إلا حديث واحد . وبعد معارك الحجاب في فرنسا ، حاول التجديديون التوصل لحلول : فمن قائل أنها مستحبة ، ومن قائل أن المقصود بالحديث : انه – كحد ادني – لا يغطين جوههن وايديهن واقدامهن . وأخيرا : هناك من يقول : أنه ولأجل كون الظروف الجغرافية – رياح ، غبار ، شمس – جعلت الشرقيات يغطين شعورهن دون صدورهن فإن الآيات جاءت لتحدد أن على المرأة تغطية ما يميزها كامرأة . واما تغطية الشعر فهي مسألة مرهونة بحسب الحضارة والزمان .
هـ – شهادة المرأة :
يتم النظر لاعتبار شهادة الرجل معادلة لشهادة امرأتين ، بأنه تفريق لداع الكفاءة والأهلية لا الجنس .
و- حق المراة في الإنتخاب :بتجاوز النظرات الفقية التقليدية عن الحجاب ، تم فتح الباب واسعا لمشاركة المراة سياسيا . يعود الفضل رأسا في ذلك إلى حركة الإخوان المسلمين .
ز- النساء في الحكومة :
الحديث ، الذي يحرم الحكومة ، فيه الكثير من الإشكالات . بدءا من سمعة الراوي ، مرورا بوقت روايته ، انتهاء بالمناسبة التي روي فيها . إضافة إلى أن المناسبة التي ذكر فيها متن الحديث ترجح أن الحديث يدخل من ضمن باب الإخبار لا التشريع . إلا أن الكاتب لا يرى جعل هذا الحديث ( عقبة ضد توظيف النساء في الحكومة والإدارة ) .
ح- ختان النساء :
وهو فعل مضر بسلامة النساء ، كما انه لا يوجد له سند تشريعي سوى اشارة في حديث نبوي .لهذا لابد أن يتم استبعاده من القانون الاسلامي .
2- مجال الحدود :
أ- الردة : كان حدا يطبق على الذي تخلى عن الانتساب الفكري إلى الإسلام ، ويرى التجديديون اليوم أن المراد به هو الخيانة العظمى .
ب- رجم الزاني :
القرآن ذكر الجلد ولم يذكر الرجم . والرجم طبق في عهد عمر ، بناء على آية مكتومة ذكرها . والتجديديون يرون أنه من المستحيل أن تبطل السنة حكما قطعيا في القرآن .
3- مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان :
أ- الديمقراطية :
الإسلام يمكنه النجاح بدون دولة ، طالما كان مقودا بشريعته . ويوجد به جذور متقدمة لتطور لاحق لديمقراطية اسلامية ، منها : تساوي حقوق كل المسلمين ، واعتبار كل منهم خليفة . تقرير الأمير كرأس للدولة ، وإجبار الحاكم على مشاورة المحكومين . استقلال الشريعة والفقه عن كل من الحكومة ومجلس النواب .حماية الأقليات الدينية .هذ لا يعني تعارض سلطة الشعب مع سلطة الله ، إذ أنه – غربيا – هذا المبدا مرفوض ، بل مجالس النواب مقيدة الحرية في التشريع . والإسلام منسجم مع النظم الديمقراطية لسببين : أن فيه أعراف وقيم محددة لا يمكن لأي برلمان تغييرها . وأن للفقه مساحات حرة في الشريعة الاسلامية .
ب- حقوق الإنسان : في القانون الإسلامي مراعاة لحقوق الإنسان تختلف عن حقوق الإنسان في الغرب ، اختلافان اثنين :
1- أن تكون مسلما تخضع للقانون الإسلامي ينطبق على كونك مواطنا في أي مكان .
2- يسمح القانون الإسلامي بتمييز قانوني محدد بين الرجال والنساء . إلا أنها فروق تعود للإختلافات العضوية .
ج- الأقليات : الإسلام أقر لأهل الذمة نوعا من الاستقلالية والحكم الذاتي وإعفاء عن الخدمة العسكرية .إلا أن المسكلة تكمن في أمرين : توسيع مجال أهل الذمة بحيث يتضمن غير أهلا الكتاب ، والأخرى : منح المواطنة لغير المسلمين .يدافع التجديديون عن المساواة الكاملةفي المواطنة لكل الناس القاطنبن ضمن الحدود القطرية . أما بالنسبة لغير اهل الذمة فبالاستناد لآية ( فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ) يتم التسامح معهم غلى ذلك الحين .
د- الجهاد : بالنظر إلى أن ماحدث تاريخيا يجعل الإسلام أكثر عدائيا – وبربطه أيضا بالمفاهيم المسيحية عن الحرب المقدسة، فأنه يتم السماح بالدفاع العسكري والمقاومة ضد القمع الوحشي .
د. محمد حبش #للإطلاع