أرض الميعاد

صورة قديمة للقدس - بين 1800 الى 1900 م

صورة قديمة للقدس – بين 1800 الى 1900 م

اليهود يحلمون بالعودة إلى أرض الميعاد, ولا يمكن أن يعود اليهود إلى أرض الميعاد ما لم تعد الشعوب العربية أو ما لم تسكن الشعوب العربية الحديثة أرض الميعاد الحديثة التي تبشر بالحب وبالمساواة وبالحرية وبالديمقراطية, هذه الأرض كلنا نحلم بها, أنا كعربي أحلم بأرض الميعاد الجديدة التي يتطور فيها الدين الإسلامي , إن أرض الميعاد هذه لا بد أن يتقاسمها معنا اليهود والمسيحيون, ليسكنوا معنا جنباً إلى جناب في أرض تؤمن بتوفير الحياة الكريمة للإنسان باعتباره إنسانا وليس لاعتباره مسلما أو يهوديا أو مسيحيا, أرضٌ يعيش فيها المسلم وهو مقتنعٌ بأنه ليس الوحيد على وجه هذه الأرض وليس هو الأفضل دائما, فكل شعوب العالم عرفت الله وعبدته وتطورت دياناتها وفلسفاتها بعد أن مارست الحروب لسنواتٍ طويلة, كانت لتلك الحروب تأثيراتها السلبية على حياة الإنسان وفي النهاية عملت على أنسنة العلوم الدينية وغيرت من مناهج التدريس وكانت لمخرجات المناهج الحديثة طيفا جديدا من المجتمع يؤمن بالجمال وبالخير وبضرورة مكافحة ألشر واحترام الإنسان من أجل إنسانيته.

لقد آمنت تلك الشعوب بعدوها الحقيقي وتجاهلت عدوها التقليدي, فعدونا التقليدي إذا أردنا النهضة الفكرية في الشرق الأوسط ليس المسيحي ولا اليهودي بل هو الذي يلوث لنا نظامنا البيئي, فلا بد من محاربة التلوث والجراثيم وتطوير العقاقير الطبية وأن نجلس مع اليهود في بيتٍ واحد وعلى طاولةٍ واحدة وأن نستقي من روح العلم منهجنا في الحياة, فمن الممكن عن طريق زيادة نسبة الوعي بين الأفراد والجماهير العريضة,نعم, من الممكن أن نجد دينا جديدا ولاهوتا إسلاميا جديدا مثله مثل اللاهوت المسيحي واللاهوت اليهودي, يؤمن بالمعرفة وبمؤسسات المجتمع المدنية الحديثة بدل الإيمان بنفي الآخر وإقصائه عن ساحة العمل الثقافي والاجتماعي, من الممكن أن نطور الدين الإسلامي لنجد دينا إسلاميا حديثا يؤمن بحق اليهود في أرض فلسطين وحق المسيحيين بنشر دينهم وحق كل فكر بمزاولة ظاهر الانتشار والتبشير, من الممكن أن نجد دينا إسلاميا يؤمن بالعلمانية ويؤمن بروح النقد الحديثة, وكل ذلك عن طريق دراسة علم الأخلاق وتطور عِلم الأخلاق, من الممكن أن يدرس الطلبة المسلمون في المدارس الفلسفات القديمة والحديثة والأخلاق أو علم الأخلاق عند الشعوب القديمة والحديثة, بما يكفي لإقناع المسلم أن هنالك شعوبا لديها أخلاق إنسانية جميلة, من الممكن أن يدرس الطالب المسلم علم الجمال وعلم الأخلاق كمادتين أساسيتين في التعليم الابتدائي والثانوي.

أرض الميعاد الجديدة التي نحلم بالعيش فيها لن تقدس الملوك والأفراد بل ستقدس الأشياء العلوية المحيطة بنا من كل جانب, سنقدس الحب والعدل والخير والمساواة وإمكانية العيش مع اليهود في بيتٍ واحد وأن نتزوج منهم ويتزوجوا منا,وأن نتخذ منهم أساتذة ومعلمين لأولادنا في المدارس وبأن نزدحم معهم في الطريق وعلى الإشارة الضوئية وأن ندخل تل أبيب بطريقة أسهل من دخولنا إلى الدول العربية المجاورة, أرض الميعاد تؤمن وتوفر للإنسان المعاصر الأرضية الصلبة التي يبني عليها مشاريعه الكبرى مثل الفن بكل أشكاله والوانه,وهذه الأرضية التي نقف عليها اليوم من المستحيل أن تكون أرض الميعاد, فأرض الميعاد ليس فيها لا حروب ولا تقطيع للرؤوس, أرض الميعاد يشترك فيها المسلم والمسيحي واليهودي , وكل إنسان يجب عليه أن يحترم خصوصيات الآخرين ومعابدهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم, وكل الناس عن طريق التطور والتقدم في العلم والأخلاق ستعيش ضمن إطار واحد من الأخلاق ناتج عن التشكيلة الاجتماعية الحديثة للناس, التي توفرها لنا مناهج التعليم الحديثة, أرض الأمل وأرض الميعاد فيها كل الناس سواسية أمام الله وأمام القانون, وبدل صرف الأموال على شراء السلاح والآلات الحربية سنصرف في أرض الميعاد أموالنا على دعم المؤسسات الثقافية وعلى دعم الفن وتدريس الأخلاق وعِلم الجمال, وعلى نشر ثقافة التواصل الاجتماعي وتشبيك العلاقات الأخوية والإنسانية بين العرب واليهود وبالذات بين المسلم واليهودي,وبين المسيحي واليهودي والمسلم والمسيحي, سننفق الأموال على شراء المختبرات العلمية الحديثة التي تطور لنا وتصنع لنا الطاقة الجديدة والطاقة البديلة, سنستغل الشمس من أجل إنارة المنازل والبيوت والمصانع, سننفق الأموال على مشاريع السلام وعلى المشاريع الثقافية التي تزيد من فرصة انتشار السلام بين الأمم والشعوب قاطبة, أرض الميعاد لا يوجد فيها مصطلح هذا يهودي وهذا مسلم وهذا يهودي وهذا أردني وهذا فلسطيني وهذا عراقي وهذا سوري, أرض الميعاد فيها شيء واحد وهو(الإنسان) مهما اختلفت ديانته أو عقيدته, أرض الميعاد الجديدة فيها بارقة أمل للعيش بسلام متحابين متجاورين كإخوة وكأصدقاء وبيننا منفعة واحدة وهي محاربة الجراثيم وقطع رؤوسها بدل قطع رؤوس البشر وخدمة المجتمع المحلي وزيادة الإنتاج ومقاومة جيوب الفقر وتوفير الحياة الكريمة لكل إنسان.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.