هناك مثل فلاحي سوري يقول:” ذنب الكلب يظل أعوج ولو وضعته بالقالب اربعين سنة”.
ويقال أيضاً بأن الطبع يغلب على التطبع.
وهذا هو حال الواقع مع الاخونجي الإسلامي رجب طيب اردوعان رئيس وزراء تركيا, الذي فهم, (أو ربما ادعى كتقية للتمكن) بأن لا شئ بالإسلام يصلح للنهوض بالبلد إقتصاديا, وأن الدين هو مسألة شخصية بين الانسان وربه, وأن العلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان وإقتصاد السوق الحر التنافسي, وهي مفاهيم غربية متحضرة وتتعارض مع الإسلام, هي الكفيلة بالنهوض والازدهار لأي بلد, فقام بتطبيق هذه المفاهيم على مدينة استامبول عندما كان عمدة لها, فأزدهرت المدينة, وبناءاً عليه قام المواطنون الاترك وأنتخبوه وحزبه, الذي كان بالسابق حزباً اسلامياً بقيادة نجم الدين ارباكان, وقد غير تسميته الى حزب العدالة والتنمية, لكي يقوم بنفس النجاج الاقتصادي الذي حققه بمدينة استانبول على عموم تركيا.
من الواضح بأن اردوغان وحزبه الاصلي الاسلامي لم يؤمنوا قط باالعلمانية والديمقراطية, فقد نقل عن مؤسس حزبهم ومعلمهم وقدوتهم, نجم الدين ارباكان انه قال للقادة الاوروبيين, متحدياً, بأن الإسلام والمسلمين سيحتلون اوروبا ويخضعونكم مستخدمين نقطة ضعفكم وهي الحرية وحقوق الانسان,.. أي أن الحرية وحقوق الانسان بالنسبة للإسلاميين هي نقطة ضعف البلدان المتحضرة ويمكن استغلالها لغزو بلدانهم.
لقد كان أردوغان وأعضاء حزبه من الإسلاميين، يتفاخرون وهم يتبجحون عن احتفاظ الناس بحرياتهم، وعدم التدخل في شؤونهم، وهذا هو سر نجاح إسلاميي تركيا سياسياُ! وأن الاسلام السياسي في تركيا هو تجربة فريدة، و أن حزب العدالة والتنمية هو حزب وطني ليس لديه أجندات دينية أو عقائدية! بالرغم من أن الوطنية تعتبر كفراُ بالإسلام. راجعوا مقال الكاتب:
ولكن بالحقيقة فأن تجربة اردوغان الاسلامي ليس بها شيئا اسلاميا سوى ان اعضاء حزبه كانوا ينتمون الى حزب ارباكان الاسلامي, فالعلمانية والوطنية هي كفر بالاسلام اما اقتصاد السوق فهو علم معروف ويتم تدريسه بكل جامعات العالم وكل ما هو مطلوب منك هو ان تسن قوانين اقتصاد السوق الحر وتطبقها وتعمل على ان يكون القضاء حراً لكي تكون المنافسة االاقتصادية شريفة وشفافة.
لقد قام الكاتب بنشر عدة مقالات ينصح بها جماعة الاخوان المسلمين السوريين, بالسير على خطى اردوغان, وحل حزب الاخوان المسلمين وتشكيل حزب جديد على غرار حزب العدالة والتنمية العلماني التركي كحد ادنى لكي يقبلهم الشعب السوري أولاً والمجتمع الدولي ثانياً, ولكي يساهموا بالحياة السياسية السورية.
ولكن الاحداث الاخيرة التي تجري بتركيا بساحة تقسيم, قد اظهرت بأن الطبع يغلب على التطبع وان الاسلامي بطبعه يقدس الاستبداد, فقد أخذت أردوغان الغرور والعصبية والتطرف، وشرع بالانقلاب غير المستور ضد المدنية، واستبدل رموزها برموز إسلامية, وهذه دلائل على فشل تجربته الاسلامية, وبفشله يفشل الإسلام السِّياسي ككل بعد الاشتباك الصريح مع الديمقراطية.
لقد أرسل الشعب التركي رسالة الى الاسلاميين العرب بأنه حتى اذا نجحت الاحزاب الاسلامية اقتصادياً, (هذا اذا افترضنا بامكانية نجاحهم اقتصادياً في الدول العربية) فهذا لن يكون كافياً من أجل حياة دمقراطية صحية, وأن الحرية لا تتجزأ, وان استخدام الديمقراطية كتقية للوصول للحكم ومن ثم السيطرة على مفاصل الحكم التشريعي منها والتنفيذي والقضائي والاستفراد بالسلطة وفرض ايديولوجية الاسلاميين على القضاء والجامعات والتعليم , وتقويض الحريات العامة والشخصية، وكتم صوت الإعلام واعتقال الناشطين والحقوقيين، … كل هذه الاساليب لم تعد تنطلي على احد.
في الواقع، إن طريقة تعامل اردوغان مع انتفاضة ميدان “تقسيم” لم تختلف عن أسلوب الحكام من الطغاة العرب، إذ لم يتوان عن وصف المحتجين باللصوص والزعران والمؤامرة الخارجية والكونية … الخ… من مفردات القذافي والمجرم بشار الاسد وحسني مبارك المخلوع …. كما أنه تصرف بطريقة متعجرفة مع مطالب المحتجين، وهو ما أدى عمليا إلى زيادة وتيرة المشاركين في التظاهرات .
من هنا نستنتج بأن أفضل تجارب الاسلاميين وقد كنا نعتبرها الحد الادنى للقبول بهم في الحكم وهي تجربة اردوغان التركي, ستفشل اذا لم يتراجع عن استبداده, وان الحرية لا تتجزأ, لذلك على السوريين وعلى جماعة الاخوان المسلمين ان يأخذوا العبر من تجربة اقرانهم في حزب العدالة والتنمية, لان الطبع يغلب على التطبع.
هوامش: مخاوف الاقليات ومعالجتها!
Related
About طلال عبدالله الخوري
كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات
جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا.
مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ.
دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية
ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات
باكلريوس : هندسة الكترونية