أدب تحدي شعر الزجل في العهد السومري

بابل بوابة الآلهة
 مشاكسة طلابية من العهد السومري
القصيدة ادناه هي مناظرة طلابية بين زميلين في المدرسة بين شخص يدعى (انكيمانسي) وزميله الذي يدعى (جيرنيشاج) ، اتخذت هذه القصدة طابع المجادلة او الحرب الكلامية متضمنة عبارات قاسية ، ويبدو من سيرة المناظرة ان كل واحد منهم قد وصل مرحلة متقدمة في الدراسة ، ولربما كانا معيدين (الاخ الاكبر) ، ولعل الغيرة والحسد قد دفعتهما الى المجادلة ، وجاء في هذه القصيدة الجدالية :
يقول احدهم :
” انت أبله ، مغفل ، حشرة في المدرسة
انت أمي ، انت جاهل سومري
يدك فظيعة ، انها لا تقدر على الامساك بالقلم بصورة صحيحة
انها لا تصلح للكتابة ، ولا تقدر على كتابة الاملاء ، ومع ذلك فانك تدعي بانك ناسخ مثلي” .
ويجيبه خصمه:
“ماذا تقصد بقولك أنني لست كاتباً مثلك؟
انك حينما تكتب وثيقة لا يفهم منها شيء
وعندما تكتب رسالة لا يمكن قراءتها
وعندما تذهب لتقسيم ارض زراعية لا تستطيع تقسميها
لأنك عندما تذهب لقياس حقل ، فانك لا تستطيع الامساك بحبل القياس
انك تعجز حتى عن الامساك بمسمار في يديك


فانت لا عقل لك ، انك لا تعرف الفصل والتحكيم بين المتخاصمين
بل انك تصعد اشتعال النزاع بين الاخوة
انت واحد من اقل كتاب الالواح كفاءة
لاي شيء ، انت تصلح ، أيستطيع احد القول؟ ” .
وبسماعه تلك العبارات القاسية يرد خصمه قائلاً :
” ماذا تقول؟ … أنني كفء في كل شيء
فاذا ذهبت لتقسيم مقاطعة ، اقسم المقاطعة
واذا ذهبت لمسح الحقل ، فأنني اعرف كيف امسك بحبل القياس
واعرف كيف احكم بين المتخاصمين
واعرف كيف اطفئ نار الفتنة بين الاخوة ، وألطف مشاعرهم
ولكنك انت أكسل النساخ واكثر الرجال اهمالاً وتهور
اذا مارست عمليات الضرب ، فانها تكون مليئة بالاخطاء
وفي مجال الحساب تخلط بين الطول والعض ، وتعامل المربعات والمثلثات والدوائر والمقاطع بلا فهم .
كما لو انت مهذار ، وغد ، ساخر ، متنمر ، حامي العاهرة
انت تجرأ القول بأنك … قلب الهيئة الطلابية” .
ويجيب خصمه عليه :
“ماذا تعني بأنني لست قلب الهيئة الطلابة …
……
أنني ربيت على السومرية ، انا ابن كاتب
اما انت غير ماهر ، متجح ، اخرق ومدعِ
اذا حاولت عمل لوح طيني للكتابة فانك لا تقدر على تنعيم الطين
اذا حاولت كتابة سطر واحد ، فان يدك لا تستطيع مداراة اللوح
انت طالب في السنة الثانية ، سدت أذنك ، سدت أذنك ومع ذلك انت تدعي معرفة اللغة السومرية مثلي” .
ونتيجة لتعرض اللوح الى تلف بعد الفقرات السابقة بحيث ان حالة الفقرة الحالية سيئة ومن الصعوبة بمكان متابعة حوار المتخاصمين ، ثم بعد ذلك ينتظم النص ثانية ويلاحظ وجود شخص ثالث لعله يدعى (اوجلا) وربما هو احد المشرفين على الطلبة ، والذي استاء من احد الطالبين المتخاصمين والمدعو (انكيمانسي) ، فقام المشرف بتهديده ، ولربما اوشك على حجزه او تقييده بالسلاسل ، وذلك استنتاجاً من الفقرة الواردة في نهاية النص :
“لماذا تسلكان سلوكاً كهذا
لماذا انتما تتدافعان ويشتم احدكما الاخر ويهين بعضكما بعضاً
لماذا تعملان اضطراباً في المدرسة … الفوضى بلغته
لماذا انتما متغطرسان ومهملان
لماذا انت تلعن وتلقي بالاهانات على من هو اخوك الاكبر
ومن علمك الكتابة ، …. من أجل نفسك” .
بعد ان وصل الأمر بمدير المدرسة والذي يدعى (اوميا) الذي عرف كل شيء وما جرى من محاورة قد هز رأسه بشدة وقال للمشرف :
“افعل به ما تشاء … لو أنني حقاً فعلت بك ما اشاء … بشخص تصرف كما تصرف وكان مهملاً لاخيه
لضربتك اولاً بعصا غليظة ، يا لها من عصا خشبية (اذا ما حان وقت الضرب)
بعد ان أقيد قدميك بسلاسل نحاسية ، واحبسك في البيت ولن اسمح لك بالخروج من بناية المدرسة لمدة شهرين” .
وفي نهاية الصراع أصدر مدير المدرسة (اوميا) حكمه ، بعد ان أنهى حديثه مع المشرف بذلك التهديد المخيف ، حيث أمسك المدير بيد الشابين المتخاصمين دلالة على المصالحة ، دون اي اشارة منه تشير الى تفضيل احدهما على الاخر .

صلاح سلمان الجبوري \ فاضل عبد الواحد علي

This entry was posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.