أورد الدكتور يوسف زيدان، المفكر المتخصص فى التراث العربى، مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية سابقًا، بيانًا على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”، صحح خلاله الأخطاء التاريخية التى وقع فيها الرئيس محمد مرسى فى كلمته أمس أمام مجلس الأمناء الدولي لمكتبة الإسكندرية ، مؤكدًا أنه يحز في نفسه الكذب والتخليط وعدم التمييز
وقال في رسالته التي جاءت بعنوان “أخطأتَ مُجدّدًا يا رئيس الجمهورية” يعلم الله أنني ( لا أكرهك ولا أحبّك) وأننى لا أنتظر منك خيرًا ولا شّرًا ، فما أنا إلا ناصحٌ يحزنه الكذبُ ويحزّ فى نفسه التخليطُ وعدمُ التمييزلاسيما إن جاء على لسان رئيس مصر!
أصلح اللهُ الأمير، وقال زيدان نصًا صدرت جريدةُ الأهرام اليوم مُهلّلةً لكلمة الرئيس مرسى عصرَ أمس فى اجتماع مجلس الأمناء “الدولي” لمكتبة الإسكندرية ، فجاء “المانشيت” بحبرٍ أحمر وخط سميك وهو يقول ما نصُّه( نرفض التمييز، مكتبةُ الإسكندرية مصريةُ الجذور، دولية الأبعاد، عالمية الرسالة ؟
فيا رئيس الجمهورية ، ليس كل “تمييز” مذمومًا يا رئيس الجمهورية ، فتمييزُ الحقّ من الباطل مطلوب ومكتبةُ الإسكندرية يا رئيس الجمهورية ليست مصرية الجذور، فقد أقيمت على أرض مصرية لكن أصولها كلها يونانية ، فالملوك البطالمة هم الذين أقاموها وقاموا برعايتها (وهم يونانيون) ومُدراؤها الكبار لم يكن فيهم شخص مصري من أيام نشأتها الأولى ، وعلماؤها لم يكتبوا حرفًا باللغة المصرية طيلة القرون الطوال الأولى (وكتبوا باليونانية) وهنا كان يجب “التمييز” يا رئيس الجمهورية ، ولا يجب القفز الذى جاء فى كلمتك حين قلتَ بعد ذلك بغير مواربة ولا مناسبة( النهضة شجرة أصلها ثابت فى تاريخنا وحضارتنا وعقيدتنا ) ؟
فيا رئيس الجمهورية وأردف: ليس لمكتبة الإسكندرية شأن بعقيدتنا، على علوٍ قدرها، فقد قامت المكتبةُ وازدهرت فى زمنٍ يصفه الجُهال بالزمن الوثني، ثم خرّبها المتعصبون لعقيدتهم سنة 391 ميلادية ، إحتفالاً بصدور مرسوم إمبراطوري من “ثيودوسيوس الأول” ينصُّ على أن المسيحية هي الديانة الرسمية للإمبراطورية ؟
فيا رئيس الجمهورية: العقيدةُ التى تظنُّها أصلاً لوهج المكتبة القديمة هى معول الهدم الذى أفنى المكتبة من قبل ظهور الإسلام بعشرات السنين ، وهنا كان يجب عليك “التمييز” وليس الخلط بين الحق والباطل ، بين تاريخ المكتبة ومشروعك المسمى “النهضة” وتقول يا رئيس الجمهورية أو جعلك كاتُبك تقول: إن الترجمة السبعينية للتوراة تمت فى المكتبة ، فهل أردتَ مغازلة اليهود ، حتى إذا أردت ذلك فاجعل كلامك على النحو الصحيح ، فالترجمة السبعينية تمت فى مدينة الإسكندرية أثناء إنشاء المكتبة أو فى أيام افتتاحها ولم تتم فى المكتبة ولا قام بها أهلُ الإسكندرية ولا علماؤهم وإنما أنجزها إثنان وسبعون حَبرًا يهوديًا ، إستقدمهم من فلسطين “بطليموس الثانى” الذى إفتتح المكتبة ، واستقدم من أثينا مُديرًا لها ؟
ويتابع زيدان فيقول: ليس صحيحًا يا رئيس الجمهورية ما كتبوه لك ، من أن المكتبة “كانت بمثابة أكاديمية للعلوم ومركز للأبحاث” هذا خطأ يا رئيس الجمهورية ، ففى الإسكندرية كان المعهد العلمى أو الموسيون (بيت ربّات الفنون) وهو مكان البحث العلمي والأكاديمي ، وكانت ملحقة به مكتبةٌ هى التى إشتهرت لاحقًا وسطع إسمها فى سماء الإنسانية باعتبارها مكتبة الموسيون الذى كان يديره “كاهن” والمكتبة لم تستقبل “الفتيات” كما زعمت فى كلمتك التى كتبوها لك يا رئيس الجمهورية ووضعوا على فمك العبارات ذاتها التى طالما كتبوها لسوزان مبارك وقرأتها على الملأ ، ويمكنك إذا أردت التأكد مقارنة ما قلته بالأمس بما قالته سوزان مبارك مرارًا ، فكيف يصحّ يا رئيس الجمهورية أن تقول فى كلمتك ” أن كنيسة الإسكندرية هى الكنيسة الكبرى فى العالم المسيحى لعدة قرون حتى مجمع خلقيدونية سنة 451 ميلادية”هذا خطأ يا رئيس الجمهورية ، ففى الإسكندرية كانت آنذاك كنيسة كبيرة لكنها لم تكن يومًا هى الأكبر، ولم ينعقد بقربها أى مجمع مسكونى (عالمي) لرؤساء الكنائس الكبرى، ولم تعترف بسلطتها الكنائس الكبرى، والأكبرهى كنيسة روما ، كنيسة إنطاكية ، كنيسة القسطنطينية ، فإذا أردت يا رئيس الجمهورية مغازلة المسيحيين لسببٍ أو لآخر فغازلهم بالتى هى أدقُّ وأفصح ؟
وتقول كلمتُك يا رئيس الجمهورية ، بأنك ترفض رفضًا باتًّا أىَ تعرُّض للحرية ، فما بالنا اليوم نُحاكم بالاتهامات المجانية المسماة ( إزدراءلأديان، إهانة الرئيس ) وغير ذلك من الاتهامات التى ما أنزل اللهُ بها من سلطان ، ثم تقول: “الكل سواسية أمام القانون”، فما بال نائبك العام ليس فى “السواسية” وما بال مدير المكتبة الواقف بجوارك فى الصورة، وهو الذى أنطقك بما أنطق به سوزان مبارك من قبل ليس فى “السواسية” ألا تعلم يا رئيس الجمهورية أن المدير الواقف بجوارك تجاوز السن القانونية للعمل فى المكتبة بستة أعوام وهو يدير المكتبة تحت رئاستك بينما يُحاكم فى قضايا تخصُّ المكتبة ، وجلسات المحاكمات مسترة منذ عامين وإلى الآن ،وهو من جعلك تلتقي بمجلس الأمناء فى القاهرة لأنه لا يجرؤ على عقد الاجتماعات فى المكتبة إتّقاء ثورة الموظفين الذين دخلوا عليه مكتبه العام الماضي وكان معهم المناضل المأسوف على شبابه “د. محمد يسرى سلامة” فقفز مديرك من شباك الدور الخامس محمولاً على أكتاف العسكر ؟
واختتم زيدان قائلا: ويا رئيس الجمهورية ، يعلم الله أنني لا أكرهك (ولا أحبّك) وأننى لا أنتظر منك خيرًا (ولا شّرًا) فما أنا إلا ناصحٌ، يحزنه الكذب ويحزّ فى نفسه التخليطُ وعدمُ التمييزلاسيما إن جاء على لسان رئيس مصر ، أصلح اللهُ الأمير ؟
يذكر أن زيدان أورد تصحيحًا لغالبية المعلومات التى صرح بها الرئيس مرسى فى كلمته التى ألقاها فى جامعة باكستان أثناء تكريمه ومنحه شهادة الدكتوراه الفخرية فى الفلسفة، مؤكدًا له أن كل المعلومات العلمية والتاريخية التى ذكرها كانت خاطئة لاتليق بلقب دكتور ، ولا بمنصب رئيس الجمهورية ؟
أستاذ سرسبيندار
شكرا لنقل هذا المقال الجريء من قبل الأستاذ يوسف زيدان…آمل من مرسي أن يأخذ بنصائحه
أعجبني بالمقال هذه الفقرة
فيا رئيس الجمهورية ، ليس كل “تمييز” مذمومًا يا رئيس الجمهورية ، فتمييزُ الحقّ من الباطل مطلوب ومكتبةُ الإسكندرية يا رئيس الجمهورية ليست مصرية الجذور، فقد أقيمت على أرض مصرية لكن أصولها كلها يونانية ، فالملوك البطالمة هم الذين أقاموها وقاموا برعايتها (وهم يونانيون) ومُدراؤها الكبار لم يكن فيهم شخص مصري من أيام نشأتها الأولى ، وعلماؤها لم يكتبوا حرفًا باللغة المصرية طيلة القرون الطوال الأولى (وكتبوا باليونانية) وهنا كان يجب “التمييز” يا رئيس الجمهورية
إحترامي