تسعى بعض الدول العربية والرأسمالية والإسلامية في حالة الركود الإقتصادي إلى تخفيض حجم النفقات وتقلل من الحوافز الوظيفية للموظفين وهذا يعمل على زيادة نسبة البطالة وبالتالي تأكل الطغمة المالية نفسها بعد أن أكلت الأخضر واليابس كالنار التي تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.
فالإقتصاد الإسلامي القديم مبني على نظريات خاطئة في بعض الأحيان : ويفهم الناس وغالبية المسلمين أن الإدخار في حالة الركود الإقتصادي يكون أفضل عمل للإنسان وهذا الإعتقاد خاطىء جدا ففي حالة الركود الإقتصادي يجب التقليل من الإدخاروالسماح لأكبر كمية من الأموال بالمرور بين الناس بدون وضع عوائق وحواجز أمنية وجمركية .
ويفهم غالبية شيوخ الإسلام من الدين الإسلامي أن النظام الإسلامي هو حل وسط بين معظلتين هما الإسراف وعدم الإسراف غير أن غالبيتهم يجنحون إلى ترك الإسراف والتبذير ويتعلقون بعدم الإسراف في جميع حالاتهم الإقتصادية سواء أكانوا في رخاء إقتصادي أو في شح منه ونقص في المخزون .
ويضرب المسلمون على ذلك المثل بقصة النملة التي تعمل بالصيف وتدخر في الشتاء غير أن النملة أكثر فهما من بعض المسلمين لموضوع الإدخار السنوي فالنملة تعمل في الصيف وتدخر للشتاء ولكنها تصرف كل ما إدخرته في فصل الشتاء ولا تبخل على نفسها ولاعلى مجتمع النمل مع أن بعض المسلمين يدخرون لأيام الشح والكساد ويبخلون في إخراجه لأنفسهم ولمجتمعهم في أيام الركود .
ويكاد أن يكون هذا الجانب من الإقتصاد الإسلامي مبني على ركائز قد تكون خاطئة في مفهومها لموضوع الإدخار .
وكان اليهود قبل الميلاد يفهمون هذا النوع من القيود على رأس المال فكانوا في عيد اليوبيل الذهبي والفضي للدولة اليهودية يسامحون الفقراء بالديون كحركة ذكية من اليهود من أجل إطلاق رأس المال من عبء القيود الداخلية والسماح للذهب والفضة بأن تتنقل بين الناس بديمقراطية وشيوعية.
ويعمل التجار المسلمون في أيام الركود الإقتصادي إلى رفع الأسعار وإحتكار البضائع لكي يرفعونها كلما رأوا وأحسوا بركود إقتصادي جديد .
وهذه معتقدات خاطئة :
تعمل على زيادة نسبة البطالة بين الناس وتنتشر الجرائم المالية والسرقات والإحتيال على الناس والفقراء وتنتشر المشاريع المشبوهة أخلاقيا مثل بيوت الدعارة وفتح الخمارات
ليس الإسلام وحده بل كل الأديولوجيات القديمة لا تصلح لكل زمان ومكان فلكل عصر دولة ورجال وأفكار وأدباء وشعراء, وفلاسفة طبيعة وفلاسفة حكم وقادة وزعماء ومنظرون سياسيون ومنظرون إجتماعييون .
وفي سورة الإسراء من القرآن نقرأ الآية التالية :
-إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان ….إلخ.
-ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا…إلخ.
ويقال أن الإسلام دين وسط يجمع بين الأمرين ويميل ويحث المسلمين على الإعتدال وهذا أحيانا يبدو صحيحا من الناحية النظرية والتقعيدية ولكنه من ناحية إلتقاء النظرية بالتطبيق يبدو لنا هذا الإعتدال متطرفا يحمل النظرية من جانب واحد وهي : عدم الإسراف الكامل عند غالبية المسلمين وحين نسألهم لماذا لا تسرفوا؟
يقولون لنا :
التبذير حرام والإسراف حرام والمسرفون كانوا إخوان الشياطين والشيطان لربه وبربه كفورا.
والإقتصاد السياسي يقول لنا غير هذا الكلام مستندا إلى نظرية أكثر دقة من توقعات شيوخ الإسلام وهي :أن التبذير والإسراف واجب أخلاقي وإقتصادي والإسراف والتبذير في حالة الركود الإقتصادي هو الذي عليه أن يعلن ويعمم والناس المسلمون يفهمون القرآن والنظريات الإقتصادية خطئا.
ففي حالة الركود الإقتصادي يميل المجتمع الإسلامي إلى تخفيظ حجم النفقات الداخلية مما يزيدحجم الركود الإقتصادي أكثر وأكثر ويعمل على زيادة نسبة البطالة والجوع في المجتمعات العربية وتقل أيضا الصدقات بالشوارع مما يؤدي إلى إنتشار الجريمة غير المنظمة فترتكب الناس بحق بعظها البعض جرائم عفوية يقصد منها ملأ البطون بالقوت اليومي .
وتميل أيضا بعض الدول الرأسمالية إلى هذا النوع في التطرف الخاطىء وغير المنطقي مما يدفعها إلى تقليل حجم الإنفاق الداخلي وزيادة الإسعار بزيادات ملحوظة غير متوقعة وهذه جريمة أخرى يرتكبها قراصنة المواد الغذائية
والأصح من كل ذلك في حالة الركود الإقتصادي أن يزداد حجم الإنفاق وأن تتدفق السيولات المالية بأكثر مما كانت عليه قبل الركود الإقتصادي وأن تتساهل البنوك مع المتقدمين للقروض المالية بأكثر مما كانت عليه قبل الركود الإقتصادي .
حتى أن غالبية البنوك الإسلامية في حالة الركود الإقتصادي تسعى إلى التقليل من حجم تدفق القروض المالية وتضع بذلك عرقلات قانونية في طريق المتقدمين لها .
إن الإقتصاد الإسلامي مبني على أسس قديمة حين كانت وحدات التعاضد بين المجتمعات القديمة بدائية ولا تستوجب مثل الحلول الحالية من أجل الحفاظ على وحدة المجتمع المدني