دائما ما أحلم بوجود مستوطنة أو مستعمرة أو قرية تكون فيها بيوت أو أبياتٌ أو بيوتاتٌ أبوابها مشرعة ومفتوحة يسكنها طالبي السماح والغفران, يسكنها كل من يطلب السلام مع الآخرين سواء أكانوا يهودا أم مسلمين أم مسيحيين , أتمنى أن أرى فيها اليهود والمسلمين والمسيحيين جيران متحابين بالسلام, يعشقون السلام والغفران ويتمنون بأن يعم السلام على العالم كله , يعيشون جنبا إلى جنب في بيوتٍ لا يوجد حولها لا أسوار ولا أسلاك شائكة, يعيش في هذه البيوت كل طالب للسلام , أين هم أولئك الذين يطلبون السلام؟ أين هم أولئك الذين يطلبون المحبة من الله ومن الناس؟ أين هم الودعاءُ والرحماءُ الذين يحبون أن يرحمهم الله؟ أين هي تلك البيوت المفتوحة أبوابها وأسقفها لأشعة الشمس؟ أين هي القلوب التي ترق لكلمة السلام؟ أين هي العيون التي تدمع جراء رؤيتها للسلام؟ أين هم الباحثون عن الغفران وعن السماح والتسامح؟ أين هم الناشطون في عملية السلام؟ لماذا لا يبنون لنا بيوتا يكون أسمها : بيوت الباحثين عن السلام؟ أين هي تلك البيوت التي تباركها أنشطة السلام؟ لماذا نبني مساجد للعبادة لا يذكر فيها أسم المحبة والسلام؟ لماذا ننفق الملايين على بناء المساجد علما أنها لا تخرج لنا مخرجاتها إلا الباحثين عن الحرب وسفك الدماء؟ نحن نحتاج لنصف ذلك المبلغ لنبني قرى صغيرة يسكنها اليهود والمسلمون جنبا إلى جنب كجيران متحابون في الله يتقون لسماع كلمة المحبة والسلام العالمي, نحن نحتاج إلى قرية صغيرة مؤلفة من ألف وحدة سكنية يسكن فيها اليهود والمسلمون والمسيحيون, لنجرب أن نعيش سوية في قرية واحدة أو حارة واحدة, نخاف على بعض وتهفوا قلوبنا إلى قلوب بعض, نحزن لحزنهم ونبكي لبكائهم ونتألم من أجلهم حتى وإن شكوا من شوكة صغيرة في أي أصبع من أصابع يديهم أو رجليهم, أين هم الباحثون عن السلام؟..
تعلموا أن تسامحوا أعداءكم, تعلموا أن تتعايشوا مع الآخرين مهما اختلفت طريقة حياتكم عن طريقة حياتهم, ومهما اختلفت ديانتكم مع ديانتهم, تعلموا أن تتعايشوا مع الآخرين في وئامٍ دائم مهما اختلفوا معكم فكريا أو عاطفيا, تعلموا أن تقبلوا الرأي والرأي الآخر, فما هي المشكلة حين ترون رجلا رأيه مختلفٌ عن رأيكم؟ ووجهه مختلف عن وجهكم! ما هي المشكلة في أن تعيشوا في بيتٍ واحد مع إنسان دينه مختلفٌ عن دينكم وصلاته مختلفة مع صلاتكم؟ وصومه وعبادته مختلفة مع طريقة صومكم وعبادتكم! ما هي المشكلة حين تقرئون كتابا فيه وجهات نظر مختلفة عن وجهات نظركم؟ لماذا لا نثري حياتنا بالآراء المختلفة والمتباعدة؟ لماذا لا نكون أثرياء فكريا وعاطفيا؟ لماذا لا نجمع من حولنا أصواتا تختلف في صداها عن صدى أصواتنا؟ لماذا لا يبني المسلمون للمسيحيين على نفقتهم الخاصة كنائس يتعبدون فيها؟ لنجرب مرة واحدة أن نتقبل الآخرين, لنتعلم كيف نفهم الآخرين..وتعلموا أن تتعاطفوا مع قضايا المعذبين في الأرض تعلموا أن تعيشوا يوما واحدا كما يعيش أصحاب الاحتياجات الخاصة, تعلموا أن تجوعوا وتشعروا مع الجائعين, تعلموا أن تتعاطفوا مع المحرومين خصوصا أولئك المحرومين من نعمة الأمن والأمان والمحبة والسلام, تعلموا أن تتعايشوا مع الآخرين وأن تحترموا أفكارهم ومبادئهم وعقائدهم, لا تقاتلوا الذين لا يقاتلونكم حتى الذين يقاتلونكم صلوا من أجلهم من أجل أن يهديهم الرب إلى سبل العيش والسلام الأبدي مع الذات ومع الآخرين, تعلموا أن تتلذذوا وأنتم تشاهدون الآخرين مستمتعين بدينهم أو فكرهم أو طريقة حياتهم لا تتهموا الآخرين بالكفر ولا بالهرطقة , تعلموا أن تعيشوا بسلام مع طالبي السلام, تعلموا أن تحترموا الحياة الخاصة عند كل فرد وعند كل جماعة, نحن في هذا الزمن الصعب نحتاج للتسامح, نحتاج إلى الرب لكي يسامحنا ويغفر لنا فلماذا لا نسامح الآخرين ونغفر لهم مهما اختلفوا معنا ومهما أساءوا لنا, إننا نطلب من الله الغفران والتسامح فلماذا لا نسامح الآخرين طالما نحن نرتجي من الله أن يسامحنا ويغفر لنا, تعلموا, جربوا أن تعشقوا الذين يعيشون من حولكم, جربوا أن تغفروا لهم وجربوا أن تعطوهم مما أعطاكم الرب, جربوا التسامح ومارسوا رياضة الغفران, اغفروا للناس طالما أنتم تتمنون أن يغفر الرب لكم زلاتكم وخطاياكم, جربوا أن تعطوا الفقراء بالمجان كما أخذتم من الرب بالمجان, نحن بشر كلنا أخطاء وكلنا شر وكلنا ذنوب وكلنا معاصي وقلوبنا لا تخلوا من لطخة دم وألسنتنا لا تخلوا من الزلات والرب يغفر لنا رغم أننا لا نستحق محبته بهذا الشكل لذلك يجب علينا أن نسامح من أساء إلينا ومن لطخ يده بدمنا, وكل هذا كرمان(كرمال) عين الرب التي ترى خطايانا وتغفر لنا.
جربوا التسامح, جربوا أن تستعملوا لغة التسامح بدل أن تستعملوا لغة الحرب والتهديد والقتل والتعذيب, جربوا أن تعشقوا وتحبوا وتنسوا, ما أجمل النسيان, ما أجمل أن ننسى كل من أساء إلينا, نتمنى من الآخرين أن ينسوا ما فعلناه معهم لذلك لماذا لا ننسى أيضا كل من أساء لنا؟ لماذا لا نعطي الناس كما نتمنى أن يعطينا الناس, جربوا لغة الحب بدل استعمال لغة الكراهية, جربوا الحب والغفران والتسامح والمحبة, جربوا أن تبنوا للسلام بيوتا يدخلها كل من يطلب السلام , جربوا أن تعيشوا في بيوت السلام.