برغم ادعاء البعض بأن مؤتمر القاهرة، الذي استضافه المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، هو مؤتمراً عادياً والذي جاء تحت عنوان (مصر والقضية الفلسطينية)، ويقتصر على مناقشة مستقبل القضية الفلسطينية، ولا يسعى إلى تغيير الوقائع المُقامة، باعتبار أن للمركز سوابق، تهدف إلى مناقشة القضية الفلسطينية، وهذه الدعوة لا صلة لها بأي فصائل أو أحزاب فلسطينية، ولكن بأكاديميين ومتخصصين وخبراء سياسيين فقط، بهدف مناقشة أوراق عمل وضع حركة (فتح) باعتبارها نموذجاً للحركات الفلسطينية القائمة، إلاّ أن الحركة ومنذ البداية رفضت المؤتمر، وأي نتائج تصدر عنه، باعتباره خروجاً على الشرعية، وتدخلاً في الشؤون الداخليّة الفلسطينية.
وإن كان صحيحاً، بأن المركز المذكور، قد أقام مؤتمرات مماثلة، لكن الظروف السابقة لم تكن بأي حال على هذه الشاكلة، وخاصة المتعلقة بقضايا (فتح) الداخلية، وهنا من المفترض أن يوضع سؤالاً كبيراً، خاصة وأن وسائل إعلام محليّة، أشارت إلى أن المؤتمر يهدف إلى دعم القيادي المفصول من حركة فتح “محمد دحلان” والذي تم فصله منذ يونيو/حزيران 2011، بسبب مشكلات مع الحركة والسلطة الفلسطينية.
لعلّ الحركة، لها الحق في الاعتراض على المؤتمر، ولها الحق أيضاً في رفض توصياته، لسبب أنها الأوْلى والأجدر بفحص فيما إذا كان عقد مثل ذلك المؤتمر ضرورياً أم لا، كما أنها لم تتم استشارتها في يومٍ من الأيام، إضافة إلى – وهو الأهم – هو شعورها، بأن المؤتمر ما هو إلى وسيلة لدعم “دحلان” للتمهيد لتولّيه زمام الأمور، وخاصة بعد وقتٍ قصير من فشل المساعي التصالحية بينه والرئيس الفلسطيني” أبومازن” والتي كانت بوساطة مصرية أردنية إماراتية.
وقد يكون من المنصف أيضاً، أن نفهم نفي الكثيرين من المتابعين والمتخصصين وخاصةً المشاركين فيه، وجود أي علاقة بين “دحلان” والمؤتمر، وأن لا صلة له بأي أجندة سياسية، أو علاقة بأي فصيل أو تيار، وبأنهم لا أغراض لهم، سوى القضية الفلسطينية، ومسألة تعميق الحوار حول القضايا والتطورات في منطقة الشرق الأوسط، وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي، وإمكانيّة طرح الخيارات الممكنة للتعامل معها، أو لمجرد حضور جلساته على الأقل، كما يمكننا أن نجد عذراً لمؤيدين ومتعاطفين مع “دحلان” باعتبارهم يرغبون في تغيير الواقع الفلسطيني والفتحاوي بخاصة، حسب برامجهم المعدّلة والإصلاحيّة.
وبنفس القدر والقيمة، فإنه يجدر بنا أن نشك وبناءً على السُحب المارّة من فوق رؤوسنا، في أن المؤتمر تم تصميمه على هذا نحو تغيير الواقع، ليس مركز الدراسات هو المسؤول بمفرده، باعتباره (مستقلّاً)، وبغض النظر عن قيامه بالتكفّل بكافة مصروفاته، بل من سلطات أعلى، باعتبار عقده، أداةً من الأدوات النافعة، لتدفيع الحركة و”أبومازن ” بشكلٍ خاص، الثمن المناسب، لقاء إفشالهما – عن عمدٍ وإصرار- جهود المصالحة مع “دحلان”، خاصة وأنهما لم يتورعا عن مهاجمة تلك المساعي برمّتها، والتي بلغت إلى حدّ الإعلان، بأنه محظورٌ على الكل (في الداخل والخارج)التأثير على الوضع الداخلي، وسواء التابع للحركة أو للسلطة بشكلٍ عام.
إن الدول (مصر والإمارات والمملكة الأردنية)، هي التي تعتبر نفسها صديقة للطرفين “دحلان” و”أبومازن” والتي هي بذاتها التي يعتمدان عليها دائما وأبداً وفي جملة تحركاتهما، ولكن هناك سياسة تستوجب عليها تنفيذها، وإن كانت على حساب أحدهما، لاعتقادها بأنها ستُدر فوائد مزدوجة، بالنسبة لها وللقضية الفلسطينية، وهي وإن كانت تميل في البداية إلى تفضيل نموذج المصالحة بينهما، رغبة في تسهيل الأمور لبلوغ تلك الفوائد والتي أساسها، الوصول إلى حل مناسبٍ للقضية الفلسطينية، إلاّ أن الأمور قادت إلى عكس ذلك.
الأمر الذي حدا بها – كما يبدو- بأنها لا تزال ترغب في تنفيذ سياسة مجددة، إلى جانب دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، كي تصل إلى ضع سياسي فلسطيني مقبول، يدلّ على حل سياسي دائم للقضية الفلسطينية، وذلك بعد ادخال حركة حماس إلى المعادلة، من خلال شروط تكون مقبولة لدى إسرائيل، باعتبار أن من الصعب إيجاد إي حلول دون اتخاذ هذه الخطوة، وقد أصبحت الحركة تنال جزءاً كبيراً من المشهد السياسي الفلسطيني، حتى برغم القائلين بأن لا مكان لها في هذه المرحلة على الأقل.
نعتقد بأن الحركة- فتح- في رام الله ممثلة بالسلطة الفلسطينية، ستخوض آفاقاً قاتمة، نتيجة لعقد المؤتمر المذكور، ولِما تمخض عنه من توصيات، وأهمّها: تلك التي تنص على الاتفاق على تشكيل إطار قيادي فلسطيني نخبوي مؤقّت، إلى حين الانتهاء من إصلاح الحركة الوطنية الفلسطينية، باعتبار هذه التوصية، هي البرهان على صدق مخاوفها وثبات شكوكها.
وبرغم ما تقدّم، فإن الواقع المُعاش، لا يدل على حدوث تغيير دراماتيكي سريع، وخاصة فيما يتعلّق بالنظام السياسي الفلسطيني القائم، لكن هذا الواقع سيفتح أمام رام الله أبواباً أخرى مُغلقة، ولذلك، فقد يتحتم عليها، الاستفادة من الدرس الحاصل، باعتبار أن ما هو مطلوب منها عمله، هو البحث عن مخرج يهتم بالحفاظ على وحدة (فتح) ككل، وعلى قرارها وثوابتها الوطنيّة.
خانيونس/فلسطين
20/10/2016
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
كيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية