هل هناك إمكانية لتغيير الخطاب الديني وتجديده

    محمد علي العامري

بالرغم من حساسية الموضوع لابد من طرحه بوضوح وصراحة على طاولة النقاش من جديد لأهميته ، لسبب واحد وهو : أن المجتمعات الإسلامية دخلت منذ زمن طويل دوامة الكراهية والعنف والتكفير الذي أدى الى تخلفهم بشكل مخزي ومخجل قياساً مع الشعوب المتحضرة الأخرى .
وبما أن الشعب العراقي قد تعرض ومازال يتعرض لأبشع صنوف الإرهاب فتكاً وتدميراً بسبب الخطاب الديني . هذا الخطاب الذي مازال يراوح مكانه لأكثر من ألف سنة دون تغيير أو تجديد ، هذا الخطاب الذي إنتشر بفضله الإرهاب والكراهية والتكفير والتخلف تحت غطاء ودعاوى لها علاقة بالقرآن والحديث .
فهل هناك إمكانية التغيير لهذا الخطاب الديني المدمّر وتجديده ؟
بالنسبة لي أنا لم أجد بصيص من الضوء في هذا النفق المظلم الذي أنشأه الخطاب الديني للأسباب التالية :
1 – الخطاب الديني خطاب إنفرادي مذهبي فئوي ، ولا يوجد هناك خطاب إسلامي واحد موحد ، مما خلق فوضى في الإفتاء والتفسير والتأويل .
2 – تغليف الخطاب الديني بالمقدس والتقديس ، فأصبح من المستحيل المساس به أو الإقتراب منه .
3 – إحتكار الخطاب الديني بين رجال الدين ومراجعهم المختلفين أصلاً فيما بينهم حد الكراهية والإحتراب والصراعات الدموية .
4 – خدعوا وسحروا المسلم بالمقدس حتى إقتنع بأن أي تغيير بالخطاب الديني أو تجديده يؤدي الى إضعاف الديني والتآمر عليه .
5 – وضعوا الخطاب الديني في صيغ وأساليب وطرق وقوالب تتلاءم ومقاسات المناهج المذهبية والفئوية الضيقة والمتصارعة .
6 – المشكلة الكبرى في بعض آيات القرآن ، وكذلك في كثير من الأحاديث التي تحث على الكراهية والعنف والقتل .
وأكيد هناك أسباب أخرى كثيرة تعرقل تغيير الخطاب الديني وتجديده . ولكن المسلمون يريدون التخلص مما هم عليه اليوم، لأنهم وجدوا أنفسهم في الدرك الأسفل من المجتمع البشري بسبب الخطاب الديني المقدس .
فأين الحل ، وما هو الحل ، ومن يأتي بالحل ؟؟!!
نعم لابد من التغيير والتجديد ولا مناص منه ، وإذا لم يؤمن المسلمون بذلك فأمامهم خيار واحد وهو
” الجمود ، الذي يعني الإطاحة بحق الحياة وسحقها في عصر تكتنفه الحركة الثائرة من كل جهة “
وما على المسلم إلاّ أن يبدأ بالثورة ضد من يحتكر الخطاب الديني وأن يجدد منهجه وفكره ليكون وسيلة لبناء الإنسان الذي يعرف دينه وينفتح على عصره ويندمج مع محيطه ويحترم من يخالفه في المعتقد والرأي والموقف ، وحتى من يختلف معه في أسلوب الحياة ويتحاور معه ولا ينأي بنفسه عنه أو يتخذ منه عدواً له مجرد أن يختلف معه في أمور كثيره حياتية كانت أم دينية “.
وعلى المسلم أن يستفيد من تجارب الشعوب التي نجحت وسبقته في كل المجالات ولا ضير في ذلك . فالشعوب الأوروبية مرت خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر وخاضت صراعات مريرة بين الكنيسة والمفكرين العقلانيين حيث نجح المفكرون الذين ساندتهم شعوبهم ووقفت بجانبهم ضد الكنيسة التي كانت لها سطوة جبارة على المجتمع ، فتخلصوا من هذه السطوة والجبروت المقدس الكنسي البابواتي وتنفست شعوبهم الصعداء فوجدوا أمامهم مساحة واسعة من التفكير والإبداع والرقي .
هنا أريد أن أقول وأؤكد أن على المسلمين أن يأخذوا ما حدث في أوروبا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر معياراً لما نطمح اليه من التجديد وأن يعملوا ويناضلوا ويجاهدوا من أجله ، وإلا لن تقوم لك قائمة أيها المسلم .
سأدرج بعض من الآيات التي في رأيي تحث على القتل والكراهية وأخرى تحث على الوئام وحرية الرأي ، فأي من هذه الآيات يؤخذ بها ويجب على المسلم تطبيقها ، مع العلم أن القرآن لا يسمح بإنتقاء الآيات حسب الموقف أو الطلب فيجب الآخذ بها جميعاً :
{ فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ— فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ— إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (5)سورة التوبة
{ قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ— لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ— فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (39) سورة الأنفال
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ } سورة الأنفال
الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (النساء 76).
فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (النساء 74).
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأنفال 17).
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِير (التوبة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰ—ذَا ۚ— وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ— إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ— يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) سورة التوبة
ولكن هناك آيات تحث على المحبة حرية الرأي :
{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ— قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ— فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ— لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ— وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (256) سورة البقرة
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (6) سورة الكافرون
{ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ— فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ— إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ— وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ— بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } (29) سورة الكهف
{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ— وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ— وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } (107) سورة الأنعام
{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } (22) سورة الغاشية
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين } سورة البقرة
{ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (224) سورة البقرة
((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)). سورة النحل

المشكلة هنا ، كيف يوفق المسلم بين هذه الآيات ؟ آية تحرض على الكراهية والقتل وأخرى تحث على المحبة والوئام والتسامح !! .

23 آيار 2017

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.