هل تتصالح حماس مع الأسد؟

بسرعة، ومن دون تردد، شرعت حماس في إنجاز مصالحة مع إيران وحزب الله، وذلك إثر سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر، ورغم قول حماس سابقا إن علاقتها بإيران وحزب الله قد تأثرت بسبب موقف الحركة من الثورة السورية! وبالطبع لم تكن تبريرات حماس حول الموقف من الثورة السورية حقيقية بقدر ما أن حماس استشعرت حينها القوة بوصول الإخوان للحكم بمصر، وهو الأمر الذي لم يدم أكثر من عام واحد، وها هي حماس تعود من جديد لأحضان إيران وحزب الله، وبسرعة رغم أن القتل مستمر في سوريا، بل وتجاوز عدد القتلى السوريين على يد قوات الأسد المائة ألف قتيل، مما يثبت كذب حماس التي لا تتعاطف مع الثورة السورية بقدر ما أنها تبحث عن الاستمرار بحكم غزة، ولو على حساب القضية الفلسطينية نفسها، وليس الثورة السورية وحسب.

ولا شك أن عودة العلاقات بين حماس وإيران وحزب الله الآن هي أشبه بحلف المضطر، فحماس تريد الاستمرار بحكم غزة، وهي التي لم تقم بانتخابات هناك منذ انقلابها على السلطة الفلسطينية، وتريد أيضا من الارتماء بأحضان إيران ضمان الممول والعودة لنفس الوضع أيام حكم مبارك، بحيث تصبح غزة الطعنة في خاصرة مصر. وبالنسبة للعلاقة مع حزب الله فإن حماس تريد ضمان بقاء مكتبها في بيروت، والذي هددت بالطرد منه بعد إعلان تعاطفها مع الثورة السورية، ويوم ما ظنت حماس أن القاهرة أصبحت الحديقة الخلفية لغزة! أما بالنسبة لإيران وحزب الله فإن التصالح مع حماس يخدم عدة قضايا منها تبييض وجه طهران وحزب الله من التهمة الطائفية بسوريا، وقطع الطريق على المفاوضات المزمع عقدها حول السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك الاستفادة من حماس في مناكفة مصر الجديدة، ومحاولة تصوير القاهرة في قادم الأيام كحليف لإسرائيل بعد سقوط الإخوان، الذين شكلوا تحالفا صامتا مع إسرائيل طوال عام من حكم مرسي لم يستطع حتى مبارك إنجازه.

وبالطبع ستعود النغمة البالية من مقاومة وممانعة، ولا يستبعد الآن فتح جبهة من غزة مع إسرائيل للهروب إلى الأمام وخدمة عدة أهداف إيرانية بالمنطقة، ومنها تخفيف الضغط عن الأسد، وتحريك المفاوضات الإيرانية الدولية، والضغط على مصر الجديدة، وكل ذلك مقابل أن تحظى حماس بالدعم المادي من قبل إيران، كما حدث بالعشرة أعوام الماضية، مما يستوجب التساؤل: هل تشرع حماس الآن بالصلح مع الأسد برعاية كل من إيران وحزب الله، وبحجة المقاومة والممانعة؟ وهل تحظى حماس الآن بدعم مالي من العراق أيضا كونها عادت إلى حضن إيران وعملائها بالمنطقة؟

كل شيء محتمل بالطبع طالما أن هم حماس هو البقاء، ولو على حساب القضية الفلسطينية، لكن هل ينطلي هذا الأمر مجددا على المنطقة مرة أخرى؟ أتمنى لا، خصوصا أن جميع الأوراق مكشوفة الآن، وعرف من هم تجار الدم والدمار من الإخوان المسلمين وأتباعهم مثل حماس، أو إيران وعملائها كحزب الله.
نقلاً عن “الشرق الأوسط” الدولية

About طارق الحميد

كاتب صحفي ومحلل سياسي سعودي الشرق الاوسط
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.