من يدلني على اغبى من حاتم الطائي

محمد الرديني

(راح اطك من القهر..عمي والله طكت ارواحنه هو احنه عدنه كهرباء ونوزع بيه مو على كولت ابو المثل جوعان يعلجله بعلج هو احنه عدنه لطام كهرباء من الله يسود وجه من طلع هل المقترح).
لم اجد اكثر قساوة من هذه الصرخة التي تبدو انها لولد من اولاد الملحة اطلقها وهو يقرأ الخبر ادناه في احدى الصحف العراقية اليومية امس(السومرية نيوز).
الخبر يقول : رفض مجلس محافظة نينوى تنفيذ القرار الذي أصدرته وزارة الكهرباء بتزويد سوريا بـ40 ميغاواط من الطاقة من حصة المحافظة، مؤكداً أنه سيقف ضد تطبيق الأمر رسمياً وقانونياً كونه يتعارض مع مصلحة الأهالي.
وفي خبر عاجل نشر قبل قليل ولم يستطع احد من اعضاء مجلس هذه المحافظة من متابعته يشير الى ان حسين الشهرستميغاواط نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة قد قدم التماسا الى دائرة النفوس ممثلة بمديرها العام وهو من التبعية العراقية طالبا تغيير اسمه من حسين الى حاتم.
وقال القاضي الذي نظر الطلب اياه في حيثيات الحكم ان المواطن “العراقي ” حسين التابع الى قبيلة الشهرستاني قد تغير اسمه الكامل الى حاتم الطائي بناء على طلبه ولهذا وافقت المحكمة على ذلك لعدم وجود اي اعتراضات من قبل الجماهير وافهم علنا.
وجاء على لسان احد قاطني جامع السيد حسين في (الثورة داخل ) بعد ان قرأ هذا الخبر في الجريدة الرسمية: ان هؤلاء ومن ضمنهم القاضي لايعلمون بأن حاتم الطائي من اغبى ما خلق على وجه الارض اذا صح ماذكره التاريخ عنه.
وحين سمعه احد سائقي التاكسي في شارع الدورة المقفل صاح” لاعاب حلكك يا رفيقي، ولكم انا سائق تاكسي هل اكدر استغني عن سيارتي واعطيها لضيفي الذي يزورني في البيت؟ وكيف يعيشون الاولاد؟.
ولأنه غص بالماء قبل ان يكمل كلامه اوضح ابنه البالغ من العمر9 سنوات ما ذهب اليه اباه حين قال:
– يسردون علينا في مادة التاريخ قصص كلها كذب في كذب، يعني معقولة حاتم الطائي يذبح حصانه الوحيد للضيف لأنه لم يجد شيئا يقدمه له غير الحصان؟ الناس في ذلك الزمان كانت تعرف جيدا ان الشركة العامة للسيارات تعرض للبيع ثلاث وسائل للنقل: الناقة والحمار والحصان وهي كلها لايمكن الاستغناء عنها في الحل والترحال فكيف بالله عليكم يضرب المثل بغباء المدعو حاتم الطائي ويذبح وسيلة نقله الوحيد وهو عايش في (الهيمة) الى ضيفه؟ لماذا؟ اوه ..حتى يقال ان الطائي كان كريما جدا .. ثم ماذا؟؟ لنفترض انهم قالوا ذلك فهل سيجلس حاتم في البيت بعد ذلك يشكي همه لزوجته لأنه لم يجد وسيلة نقل اخرى في هذه الصحراء يحصل بها على رزقه؟.
– يالبؤس من كتبوا تاريخنا ويالبؤس حاتم الطائي اذا كان كذلك حقا.
نرجع الى موضوعنا..
ويبدو ان الطائي بن كريم اما ان يكون شخصية وهمية مثل 99 بالمائة من الشخصيات التاريخية التي تزخر بها كتبنا المدرسية وغيرها واما ان يكون التاريخ محشوا كما هو الان بآلاف الحكايات التي كانت تشمئز جداتنا من سردها على الاطفال لأنها “عارية عن الصحة”.
نرجع لموضوعنا مرة اخرى..
لماذا اتخذ حسين الشهرستاني ووكيله وزير الكهرباء هذا القرار؟ هل فاضت دجلة بالميغاواطات حتى (سالت متجهة الى حماه ودمشق واللاذقية وبرقوق)؟.
هل تحقق ماقاله الشهرستميغاواط من انه سيصدر الكهرباء الى دول الجوار في نهاية هذا العام؟.
ولكم والله عيب.. بس مو ذنبكم ،ذنب اللي خلاكم بالسلطة.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.