قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي

طلال الخوري نشرها سنة

الدكتور طلال الخوري

2019

ما وصل إليه المسلمون الآن والدول العربية بشكل عام وسوريا بشكل خاص من تدهور وانحطاط لم يكن وليد اللحظة, وإنما كان نتيجة لتراكمات لقرارات سياسية خاطئة, وأحيانا غبية غير مبررة, اتخذها المسلمون تحديداً في القرن التاسع عشر ومنذ العهد العثماني وحتى الآن .. هذه القرارات الخاسرة دفعت ثمنها الشعوب العربية على شكل تخلف عن الركب الحضاري وعدم التعلم من دروس خساراتهم والإصرار على القرارات الخاطئة, وسنستعرض في السطور التالية بعض هذه القرارات المصيرية:
أولا: أكبر قرار سياسي خاطئ وغبي (وبمنتهى الغباءاً) اتخذه الحكم العثماني الثيوقراطي, عندما أصدر مفتي الدولة العثمانية لدى الباب العالي فتوى مفادها بأن “المسلمون لا يحتاجون شيئا من الغرب إلا أن يدخلوهم بالإسلام ” أي أنه اعتبر الشئ المفيد الوحيد الذي يمكن للغربي أن يقوم به هو أن يدخل بالاسلام دين الحق ويترك المسيحية دين الضلال؟؟ وبذلك حرم على المسلمين (طبعا سوريا والعرب كانوا جزءا من الدولة العثمانية ويخضعون للفتوى) التواصل مع الغرب, والتعرف على علومهم ونهضتهم الحديثة والتطور العلمي في مختلف المجالات الصناعية والعسكرية والطبية والعلمية والتقنية.. وقد ذكر هذه الفتوى “برنارد لويس” في كتابه ” ما الخطأ الذي حصل: الصدام بين الإسلام والحداثة في الشرق الأوسط” .. طبعا الفتوى كانت سياسية محضة, بسبب تخوف الخليفة والمفتي على سلطتهم السياسية والدينية على المسلمين من أن يتأثروا بالحرية والديمقراطية التي كانت تتكون وتشع من بلاد الغرب فتتأثر بها الشعوب المنضوية تحت حكمهم ويسببون لهم مشاكل ويطالبوهم بنفس الحريات والديمقراطية والتطور العلمي الموجود لديهم مما سيهز عروشهم, وبذلك حرمتنا السلطة السياسية والدينية من فتح نافذة للتطور واغلقت علينا كل الأبواب بفتوى الهية تدخل من يعصيها نار جهنم … يقول لويس في كتابه بأن الشيء الوحيد الذي جعل المفتي العثماني ان يلحس فتواه ويصدر فتوى معاكسة ويسمح للمسلمين بالذهاب للغرب والتعلم منهم, هو عندما تطورت كثيرا الاسلحة الأوروبية مقارنة بالعثمانية البدائية, وأصبحوا يهزمون بكل معاركهم الحربية, عندها فقط أصدر المفتي فتوى جديدة تسمح للخليفة بأن يذهب الضباط العثمانيون إلى الغرب ويتدربوا على الاسلحة الحديثة والعلوم العسكرية الحربية الحديثة ….
هنا نلاحظ بان الخليفة لم يهتم بتطوير العلوم لكي يستطيع المسلمون أن يطورا الاسلحة, وانما فقط اهتم بتعليم المسلمين على استخدام الاسلحة!! وأصبحت هذه القاعدة التي يسير عليها المسلمون في الدول العربية حتى الآن, وبعد تحررهم من العثمانيين: أي عدم تطوير العلوم لتصنيع احتياجاتهم العسكرية وغيرها من الاحتياجات, وإنما فقط التدريب على استخدامها, ورحبت بهم البلدان الأوروبية ودربتهم على استخدامها من أجل أن يشتروها وليس لسواد عيونهم. . وهذا ما ينطبق على صناعة السيارات وكل الانجازات العلمية التي حصلت بالغرب.

ثانياً: تحالف الدولة العثمانية مع ألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية والتي أصبحت الدولة النازية الهتلرية فيما بعد, ضد محور تحالف الغرب .. وقد خسروا الحربيين ودفعوا ثمن الخسارة اقتصاديا عدى عن التخلف عن الركب والتطور الذي يجري بالغرب… وبالجملة دفعت الدول العربية الجزء الأكبر من الهزيمة وكلنا يعرف أحداث سفر برلك ومآسيها .. وقد تم الكتابة عنها الكثير من الدراسات يمكن الرجوع لها.
ثالثاً: الذي قاد السياسة العربية بعد الاستقلال عن الدولة العثمانية هو مفتي القدس الحاج أمين الحسيني الذي ثقافته خلافة عثمانية وموالي لتركيا ولعودة الخلافة العثمانية وهو المؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين وقد ورث عن العثمانيين حبه لزعيم النازية الالمانية هتلر وقام بالتحالف معه باسم كل العرب, ودعمه هتلر بأن أسس له أول محطة راديو باللغة العربية واسمها “راديو برلين”, وقد اشرف المذيع العراقي “يونس بحري” على إدارتها .. وللمزيد من التفاصيل عنها انقر على هذا الرابط: “شاهد راديو برلين ودور العرب المخزي بدعم النازية الهتلرية “
هنا نريد أن نؤكد بأن المؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين هو أمين الحسيني, واسسها على نفس مبدأ وتنظيم النازية الهتلرية واستعاض عن الايديولوجية النازية بأيديولوجية سماها إسلامية, ولكنها لا تفرق باي شئ عن النازية, وسمى جماعته بجماعة الإخوان المسلمين لكي يستغل الدين الإسلامي من أجل طموحاته السياسية. أي أن أمين الحسيني هو مؤسس مبدأ استغلال الإسلام بالسياسة والذي يسير عليه الآن كل الزعماء العرب بما فيهم جماعة الإخوان والرئيس الحالي في سوريا من عائلة الأسد الاب والابن.


إذا زعيم السياسة العربية أمين الحسيني استمر على السير على منحى اسياده الاتراك وورث عنهم نفس الاخطاء والتحالفات الخاسرة والتي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن في سوريا كما سنرى لاحقا.
ثالثا: الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى, وهو يدعي أنه هاشمي من عائلة الرسول ووريثه في حكم البلاد العربية, ورث نفس تحالفات اسياده الاتراك الفاشلة مثل مفتي القدس أمين الحسيني, بالرغم من أن الغرب من ساعده على التحرر من الدولة العثمانية .. هذا الموقف ادى بالدول الغربية (بريطانيا تحديدا) بأن تدعم ثورة “ال سعود” ضدهم وتطردهم من الحجاز وبعد ذلك من العراق وسوريا.. وتم تقزيمهم على اعطائهم قطعة أرض شرقي نهر الأردن جنوب سوريا بما يسمى مملكة الأردن الحالية, .. وورثوا من العثمانيين الإشراف على الأوقاف الإسلامية والمسيحية في القدس بما فيها المسجد الاقصى وكنيسة المهد, ومن هنا تأتي شرعيتهم الوحيدة في حكم الأردن (هناك تسريبات تقول بأن اسرائيل ستنزع منهم شرعيتهم بالإشراف على الأوقاف الاسلامية والمسيحية, تمهيدا لإلغاء كل حكمهم عبر مشروع الرئيس الاميركي دونالد ترامب “صفقة العصر” وهذا يفسر وقوف الملك عبدالله ابن الحسين الحالي مع بشار الأسد والاخوان وتركيا ضد التحالف السعودي المصري الخليجي الذي يدعم ترامب و صفقة العصر .. ربما أكتب مقال مفصل لاحقا عن هذا الموضوع)
رابعا: نجح آل سعود بإقناع الغرب بدعمهم بثورتهم ضد الشريف حسين وآل هاشم .. ثم بعد ذلك وقع الملك عبدالعزيز آل سعود ورئيس الولايات المتحدة الأميركية أنذاك فرانكلين روزفلت, على معاهدة سرية على ظهر البارجة الحربية “كوينسي”, في شباط عام 1945, أي قبل نهاية الحرب العالمية الثانية .. تقف من خلالها السعودية إلى جانب محور الحلفاء اميركا – والغرب ضد محور ألمانيا – تركيا- العرب في الحرب العالمية الثانية .. وهنا نؤرخ لأول قرار عربي تاريخي صائب منذ الخلافة العثمانية, وهذا سبب قوة الحكم السعودي ومتانته حتى الآن… ولكن هذا القرار العربي الصائب ادى إلى تمزيق البلدان العربية إلى محورين, الأول محور بلدان الخليج والتحالف مع الغرب, والثاني محور البلدان العربية الاخرى المتحالفة مع تركيا وألمانيا ضد الغرب .. وهذا ما نراه الآن في الحرب السورية حيث نرى أن السعودية والإمارات يدعمون كل من يعادي الإخوان وتركيا.
خامسا: من أكبر القرارات الخاطئة التي اتخذتها الشعوب العربية وقادتهم هو الوقوف مع روسيا الشيوعية بعد خسارة ألمانيا للحربين العالميتين … فقط لانها تنافس الغرب اعدائهم الابديين حسب العقيدة الإسلامية .. أي أن العرب والمسلمين كانوا يدعمون أي محور يعادي الغرب ؟؟
يعتقد كاتب المقال بأنه ربما يكون لعداء الدين الإسلامي للروم والفرنجة الاثر الاكبر في اختيار المسلمين دائما الطرف الذي يعادي الغرب .. ودائما كان الطرف الذي يعادي الغرب هو الطرف الخاسر ولذلك خسر العرب كل حروبهم منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الآن ..
لقد عشق العرب الفكر اليساري والشيوعي وخاصة في سوريا والعراق ولبنان ومصر والمغرب العربي وانضموا إلى الأحزاب اليسارية الاشتراكية ووقفوا ايضا ضد الرأسمالية الغربية (كما قلنا سابقا ربما سببه العداء الديني للغرب) .. وهنا ايضا نجد بأن العرب والمسلمين وضعوا بيضهم بالسلة الخاسرة ..
نلاحظ بالنتيجة بأن العرب أصبحوا يعتنقون ايديولوجيتين دينيتين وهما الأيديولوجية الإخوانية النازية والأيديولوجية الدينية اليسارية الاشتراكية والشيوعية وهما ايديولوجيتان فاشلتان تم اختراعهما لمعاداة الغرب, ولذلك خسروا كل معاركهم مع الغرب, وايضا فعل العرب وخاصة السوريين الذين نلاحظ بأن معارضتهم الآن تتكون من تحالف اليسار مع الإخوان, والذين بحكم عدائهم التاريخي للغرب رفضوا التحالف مع الغرب, وتحالفوا مع تركيا وروسيا أكبر حليف لنظام الأسد .. أي أن المعارضة الرسمية السورية بحكم ايديولوجيتها تحالفت مع أكبر حليف للنظام الذي يريدون إسقاطه, وبهذا افشلوا الثورة السورية ضد نظام الأسد حتى الآن ولن يسقط الأسد إذا لم تتغيير المعارضة الحالية, بمعارضة علمانية تتحالف مع اميركا والغرب وعندها فقط سيسقط الأسد ب 24 ساعة.

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.