Eiad Charbaji
أنا مبتعد عن الفيسبوك ومعاركه وسأستمر ما أستطيع، لكن هناك عدة أحداث داهمتنا خلال الساعات الأخيرة أجبرتني غصباً على الدخول .
فيما يخص العمل الارهابي في نيويورك البارحة، طبعاً غالبية المسلمين سيمرون مرور الكرام على الحادث، على اعتباره لا شيء يستحق الذكر أمام ما يحدث في منطقتنا، بل وقد يبررونه كرد فعل طبيعي ومشروع على ما يحدث في بلادهم، أو سيكررون ذات الأسطوانة (هذا الرجل لا يمثل الاسلام، لا يفهم الإسلام) أو قد يرمون في وجوهنا ذات نظريات المؤامرة التي يلوكونها منذ أحداث 11 سبتمبر والتي تقول أن هذه الأعمال الارهابية من تنفيذ الأمريكيين أنفسهم لتشويه سمعة الإسلام، ثم يغادرون ويعاودون حياتهم الطبيعية هناك، ويتركوننا نحن هنا في مواجهة الأمر أمام شعور ذاتي مرهق بالخجل والخوف والحاجة للتبرير والكذب على أنفسنا في كل مرة، وأمام السلطات التي تعرقل أوراقنا ومعاملاتنا وتخضعنا للمراقبة الحثيثة بسبب أفعال هؤلاء المتطرفين، وأمام التساؤلات والاحراجات التي نتسبب بها للمجتمع المدني الأمريكي الذي يدافع عنا ويحمي حقوقنا ويضع نفسه في مواجهة ملايين من المتطرفين العنصريين الذين تزداد قوتهم بسبب أفعالنا، وأمام نظرات الأمريكيين العاديين إلينا والتي إن لم تصرّح بشيء لفظاً إلا أنها تشي بكثير من التساؤلات حولنا نحن المسلمين، وما الذي نخطط له.
البعض سيقول أنه لا يجوز أن نحاكم البقية بجريرة البعض، وهذا كلام صحيح، فأنا مثلاً واحد ممن يدفعون ثمن هذا التعميم، لكن آن لنا أن نستفيق ونضع حداً لهذا الجنون المجبول بدماء الأبرياء، والذي يضعنا جميعاً في دائرة الاتهام والشك، وهذا الكلام أقوله للمسلمين هنا في أمريكا، وليس لمن هم خارجها ولا يملكون تصوراً لحقيقة الوضع في هذه القارة.
أنتم يا سادة تعلمون قبل غيركم، كم بيئة منغلقة ومنبراً ومسجداً ومركزاً لتعليم العربية تروّج لأفكار الارهاب، حتى لو لم تخطط لذلك قصداً، لكن:
– ماذا تتوقعون ممن تعلموهم بحجة تحفيظ القرآن والحفاظ على دين أطفالكم ماذا سيترسب في عقولهم عندما تلقنونهم وتحفظونهم آيات من قبيل ( وقاتلوا المشركين كافة….- كفر الذين قالوا عيسى ابن الله- اقتلوهم حيث ثقفتموهم- أما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أن تقطع أيديهم….) وتشعرونهم بعظيم وثواب ترديد هذه الأفكار في الدنيا والآخرة، وأنها صالحة لكل زمان ومكان وواجب على كل مسلم العمل به؟
– ماذا تتوقعون من أولادكم عندما تقنعونهم بأنهم يختلفون عن زملائهم في المدرسة من المنتمين لكل الأعراق والأجناس، وأن الله اصطفاهم دون غيرهم وسيرسلهم للجنة، بينما مصير هؤلاء المحتوم هو النار وبئس المصير؟
– ماذا تتوقعون من آلاف بن لادن المنتشرين بين الولايات تحت مسميات شتى، دعاة، جماعة الهجرة والتبليغ و..و… ؟
– ماذا تتوقعون من حملات الدعوة والهداية المنظمة، تحديداً في السجون الأمريكية التي يقبع فيها المجرمون والقتلة وتجار المخدرات، والذين تتباهون وتحتفون بإعلان هذه النوعية من البشر إسلامهم وانتماءهم لدينكم؟!
– ماذا تتوقعون من آلاف مؤلفة من المسلمين يعيشون فيزيائياً في أمريكا بين ناسها وأهلها ويتمتعون بما يتمتع به كل أمريكي من حقوق، لكن تعاطفهم وقلوبهم وعقولهم معلّقة كلياً بما يحدث للمسلمين في أفغانستان ومانيمار، في حين لا يبدون أي تأثر أو تعاطف مع ما يحصل لجيرانهم الامريكيين المنكوبين في اعصارات تكساس وفلوريدا، هذا إن لم يعتبروا مصابهم عقاباً إلهياً مستحقاً يستوجب الشماتة..!!
– ماذا تتوقعون ممن يعيش في أمريكا وعقله مقتنع ومصدّق أن كل الخراب في عالمنا سببه هؤلاء الأمريكيون البسطاء الذين يسكنون إلى جانبهم ويسيرون معهم في الشارع؟
– ماذا تتوقعون ممن يستخدمون قوانين حرية التعبير الدستورية، للتعبير عن وقاحتهم وحقدهم وكراهيتهم لامريكا والأمريكيين؟
طبعاً أن لا أشمل جميع المسلمين في أمريكا، ومن أتحدث عنهم أعلاه ليسوا سوى قلّة، أمام مجاميع من المسلمين والمنظمات المتوائمة مع مواطنتها، والتي تشارك بفعالية في الحياة المدنية الأمريكية، بل منها من ساعد وقدم للأمريكيين أكثر من منظمات مسيحية ضخمة، كما حدث في اعصار تكساس الأخير.
لكن جهود كل هؤلاء تذهب أدراج الرياح مع كل عمل ارهابي يرتكبه مسلم، وهو ما يشير إلى أن عملنا في هذه البلاد لا يجب أن يقتصر على تقديم صورة جيدة عن المسلمين وعن مشاركتهم بالحياة المدنية، بل يجب أن يغوص بعمق ويجفف منابع العنف والإرهاب داخل المجتمع المسلم الأمريكي، ويجري تغييرات حقيقية في المناهج الدينية والمدرسية الإسلامية، ويراقبها ويعيد تأهيل خطابها ويضعها تحت سلطة القانون والمحاسبة الداخلية قبل الفيدرالية، لا أن نكتفي بغض النظر عما يرتكبه المجانين، تارة بحجة (عسى الله يهديهم) وأخرى (نحنا شو دخلنا ومالنا مضطرين نبرر)…
نحن مضطرون يا سادة أكثر مما تتوقعون، فهؤلاء القلة يحددون مصير المسلمين في أمريكا يوماً بعد يوم، فإما تكونون على قدر المسؤولية وتأخذون زمام المبادرة وتفعلون شيئاً بأنفسكم من الداخل، وإلا ستفعله السلطات الأمريكية غصباً واجباراً بعد أن تطيح بكثير من حقوقنا وأماننا وراحتنا وأرزاقنا في سبيل الأمن القومي الأمريكي، وحينها سيصبح وضعنا كوضع من غضّ النظر عن النصرة وداعش في بداية ظهورهما، ورفض المساعدة الدولية في القضاء عليهما، أو اعتبر الاعتداء عليهما اعتداء عليه واستهدافاً لدينه، إلى أن اكتشف الحقيقة متأخراً وأصبح يلهث خلف من يساعده على محاربة تلك التنظيمات، ولكن بعد فوات الأوان، حيث وجد نفسه مرغماً وقد أصبح جزءاً منها، ويلقى مصيرها المحتوم.
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
فيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرمباحث في الأدب واللغة/63 الطعام والمطبخ العربي
Published by:مفكر حرأفكار شاردة من هنا وهناك/41
Published by:مفكر حر#مسيحيو_المشرق و(الخيارات المرة )!!!:
Published by:مفكر حرهادي العامري واوهام المدمنين
Published by:علي الكاشالكفاءة
Published by:عصمت شاهين دو سكيأفكار شاردة من هنا وهناك/40
Published by:مفكر حرالعهد الجديد و سفر التكوين والخليقة
Published by:صباح ابراهيمحرب #اسرائيل مع #حماس دينية ام سياسية ؟
Published by:صباح ابراهيمعن الفنان السوري #فؤاد_غازي: أخدوه ع الشام و"خيسوه"، الله "يخيّس" آخرتهم.
Published by:مفكر حرمن تلفيقات الفقهاء وأكاذيب المفسرين
Published by:صباح ابراهيمنبوءة_اشعياء وحرب #اسرائيل وحماس
Published by:صباح ابراهيمشيعة #العراق وأزمة المواطنة
Published by:علي الكاش** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هلوسات د. سمير غطاس حول أرض الموعد وهيكل سليمان … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السنديالطفل اليانع
Published by:آدم دانيال هومهالعراق ما بين الماضي الزاهي والحاضر العاثر
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- مفكر حر on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- س . السندي on سيناريوهات الحرب بين #حماس و #إسرائيل.
- س . السندي on القول ما قاله سماحة #الكاردينالساكو بشأن فاجعة #عرسالحمدانية
- الأب بولس فلوح on رواية الغريب وضياع الهويه