دولة خرنكعية بامتياز

محمد الرديني

الدولة التي لاتستطيع القضاء على الفساد الذي يسرق قوت الشعب دولة خرنكعية.
الدولة التي لاتستطيع حتى مجرد السيطرة على التلاعب في مفردات البطاقة التموينية دولة خرنكعية.
الدولة التي تقر بوجود هوامير سيطروا على البطاقة التموينية وشاركوا في تقاسمها مع اولاد الملحة دولة خرنكعية.
الدولة مع مسؤوليها تعرف تماما ان الهوامير لن يتركوا هذه البطاقة تذهب الى محتاجيها ومع هذا اصدروها لتتيح لهم عن علم ومعرفة سبيل آخر للسرقة.
البطاقة التموينية، ايها السادة، تحوي كما هو معلن للفرد الواحد، الرز، والطحين، والزيت النباتي، والسكر، والشاي، ومسحوق الغسيل، والصابون، والحليب المجفف(للكبار)، والحليب المجفف (للصغار)، والبقوليات كالعدس و الفاصوليا و الحمص، وتقدر قيمة هذه المواد بالنسبة للفرد الواحد في السوق المحلية بنحو عشرة دولارات من دون احتساب حليب الأطفال، في حين يتم الحصول عليها عن طريق البطاقة التموينية بمبلغ500 دينار فقط.
وكان من الممكن ان “يمّشي” اولاد الملحة حالهم مع هذه المواد ولكن وزارة التجارة حفظها للسيد خير الله حسن بابكر مع مريديه قلصت
مفردات البطاقة في 2010 إلى خمس مواد أساسية هي مادة الطحين، الرز، السكر، الزيت، وحليب الأطفال، وأكدت أن باقي مفردات البطاقة التموينية التي يمكن شراؤها من الأسواق المحلية كالبقوليات والشاي ومسحوق الغسيل وحليب الكبار سيتم إلغاؤها.
ولأن وزير التجارة عبقري زمانه وحاصل على الرقم الاحدب في موسوعة جينيز فقد أكد على اثبات نظريته العمياء بالشكل التالي:
البرهان : عدم وجود مياه صالحة لا للشرب ولا للغسيل.
المطلوب اثباته: الغاء مسحوق الغسيل من البطاقة التموينية وحليب الكبار والبقوليات التي تنتج الغازات المعوية المقززة، وهكذا كان.
وبدلا من ان يصحو ضمير هذا الوزير الذي ابتليت به اولاد الملحة ويقوم باتلاف المواد الغذائية المخزونة في مخازن الوزارة منذ اكثر من سنيتن قرر الغاء اهم مواد من البطاقة التموينية.
لماذا؟ لاتفسير الا انه اما جاهل سياسيا او يحلو له ان يجد القوم يركضون بين الاسواق باحثين عن “بودر” يغسلون به ملابسهم، وفي كلا الحالتين لايستحق حتى خمس الراتب الذي يتقاضاه من الدولة مع رجال حمايته.
يبلغ عمر البطاقة التموينية الان اكثر من 7 سنوات كما يقول اولاد الملحة وهذا يعني ان الهوامير “شبعت” من اللغف فيها وبات من السهل البحث عن مورد آخر لنفس الاسباب يمكن من خلاله استعمال اللغف مرة اخرى ومن هنا سعت الهوامير الى الغاء البطاقة التموينية واستبدالها ببدل نقدي.
لك عيني شلون راح يصير اللغف واللهف.. راح تشوفون اشكد جماعتنا عباقرة في السرقة.
وزير الدولة والناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ قال في بيان صدر امس “أن قرار إلغاء البطاقة التموينية جاء للقضاء على حالات الفساد المرافقة لتوزيعها، مشيراً إلى إن الحكومة أضافت مبلغ 3 آلاف دينار لكل فرد على سعر المواد التموينية والمقدر بنحو 12 ألف دينار.
حلو .. ياعيني عليك ايها الدباغ، يعني المواطن العراقي سيتقاضى 15 دولارا فقط من الحكومة.
في افقر دولة تتبع قانون المنح الاجتماعية يصرف للمواطن فيها ملا يقل عن 500 دولار ليس من ضمنها العلاج الطبي المجاني مع 300 دولار سنويا لعلاج الاسنان ومثلها لفحص العيون وتركيب لنظارات الطبية.
اما سأل اعضاء مجلس الوزراء انفسهم ماذا سيشتري اولاد الملحة بهذه المبلغ.. هل يشتري بها مسحوق الغسيل ام يدفع فاتورة الكهرباء الوطنية والاهلية ام يدفع منها حصة الدروس الخصوصية ام ماذا يادباغ؟.
ارجوك يادباغ لا تحاول قشمرة الناس بقولك ان الحكومة وضعت “ضوابط ملزمة لتسعيرة الطحين بما يضمن عدم التلاعب بالأسعار ابتداءً من الأول من شهر آذار 2013”.
أي ضوابط يادباغ ، اذا الحكومة لم تستطع الحد من التلاعب في البطاقة التموينية كيف لها ان تضع الضوابط “الطحينية” وهل هي فعلا قادرة على ذلك؟.
حكومتك خوية علي لاتحل ولا تربط.. لأننا لم نسمع عن أي دولة متحضرة كانت أم سلفية وزعت البطاقة التموينية على مواطنيها لأنها تريد حفظ كرامتهم اولا ثم تترك لهم حرية الاختيار فيما يشترون.
اليس هذا هو المنطق ايها الدباغ.. حسافة على اعضاء مجلس الوزراء الذين جعلوك في فوهة المدفع لتقول ما تقول حتى تزداد كراهية الناس لك.
ثم كيف سيتم وضع الضوابط لصرف المبالغ النقدية؟.
تجيب بالقول” شددنا على تنفيذ إجراءات مالية لضمان التوزيع النقدي على المواطنين عبر آليات تضمن التوزيع السلس والميسّر لـ (6)مليون عائلة مستفيدة”.
كلامك ذهب خويه بس شنو هي الاجراءات المالية وماهي عقوبة المتلاعبين؟.
حلوة منك كلمتي السلس والميسر.. ياسلام على هذه التعابير الرائعة خصوصا وانك قلصت رقم الفقراء من 15 مليون الى 6 فقط .. ما نعتب عليك لأنك ضعيف بالارقام وهذا سر أحتفظ به منذ ايام الدراسة.
بعد ذلك ما ندري كيف ستتصرفون مع رفض كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري للقرار “في حال عدم توفير البدائل المناسبة لحصة المواطن الغذائية،لأن التطبيق الصحيح لهذا القرار سيوفر الكثير من الأموال المهدورة على شراء مواد غذائية فاسدة”.
وهذا نائب برطماني عن العراقية في كركوك اعتبرقرار إلغاء البطاقة التموينية مستعجل وغير صائب وأزمة جديدة تضاف إلى أزمات البلاد، مرجحاً وجود “لوبي ضاغط” من التجار المنتفعين وراء قرار إلغاءها، فيما اعتبرها “آخر القلاع الآمنة للمواطن”.
وجاءك الان المرجع الديني بشير النجفي الذي اعلن رفضه للقرار محذراً في الوقت نفسه من نتائج سلبية كبيرة في حالة تطبيقه.
الله يكون بعونك على هذه البلوى.

تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.