العالم ينقلب صوب آسيا

الشرق الاوسط

ماذا فعل أيضا هذا الفتى الكوري الذي يتسلى بمفاتيح الصواريخ النووية؟ ذكرنا، نحن الذين اعتدنا منذ الحرب العالمية الثانية على التطلع فقط إلى أوروبا وأميركا وبلاد سيرغي لافروف، أن ثمة شيئا يدعى آسيا. وآسيا هذه تفوقت اقتصاديا للمرة الأولى هذا العام، على أوروبا، بكل أمجادها وتاريخها وإمبراطورياتها.

دعك من الصبي الضاحك كيم جونغ أون، نجل كيم جونغ إيل. نحن نتحدث هنا عن الصين التي سوف تصبح بعد أربع سنوات أكبر قوة اقتصادية في العالم. وعن اليابان، التي قد تلغي دستورها السلمي، وتنصرف إلى صناعة القوة النووية، لكي يتوقف الصبي عن تهديدها بألعابه، وتتوقف الصين عن إهانتها في الجزر المتنازع عليها.

نتحدث هنا عن أن الدول الأكثر استيرادا للسلاح في السنوات الخمس الماضية كانت من آسيا: الهند، الصين، باكستان، كوريا الجنوبية. ومن أيضا؟ حزرت: سنغافورة. هل تقصد سنغافورة التي في حجم البحرين؟ تماما، سنغافورة التي في حجم البحرين.

لاحظ أن كل الدول التي نتحدث عنها مزدهرة، منذ أربعين عاما، بدرجات متفاوتة، ومتقدمة بنسب مختلفة، إلا كوريا الشمالية، فهي جائعة ومبجلة وصاحبها الفتى الضاحك لا يكف عن التقاط الصور لنفسه مصوبا مسدسه، ومن حوله الجنرالات يصفقون.

لكن المسألة في آسيا أبعد من صورة هذا الفتى الحليق الفودين، مثل المبجل الأب. المسألة أن الضربة النووية الأولى على البشر وقعت في آسيا، فماذا يمنع أن تكون الثانية أيضا؟ طبعا هذه صورة مرعبة للعالم، ولكن هذا العالم لا يزال فيه كوريا الشمالية، وكوريا فيها الفتى كيم الحفيد، يلتقط الصور التذكارية بالمسدس والمنظار العابر للقارات.

كنت تتفاءل بنهضة آسيا الاقتصادية، والآن عليك أن تخاف، لأن على الأثرياء أن يشتروا القوة لكي يحموا أنفسهم من الفتيان المبجلين. وهو عالم متغير كما تعرف. العصر الأميركي ينطوي تحت دفاتر الديون والتعب. وأميركا التي قادها أحمد جلبي إلى العراق ونقلت حميد كرزاي من روما، منفى الملك ظاهر شاه، إلى كابل، رأت نفسها والأول يتركها إلى طهران، والثاني يوبخها مثل سجين حاول الفرار.

عينك على آسيا. عود نفسك على أن العالم لم يعد أوروبا وأميركا وسيرغي. كل النزعات القديمة في آسيا تستيقظ. وكل عداوات اليابان والصين وكوريا وبورما وفيتنام. والشاطرة المدعوة سنغافورة أكثر من يعرف تاريخ القارة ويخاف منه، لذلك تتسلح وكأنها في حجم أستراليا. دعك من الفتى المبجل. إنه يعرف أنه ليس أكبر من الطنانة التي رسمتها ريشة حبيب حداد على أذن أوباما. لكن رسامنا الكبير نسي أن أوباما مصاب بالصمم.

 

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.