التحالف القذر بين الولي الفقيه السني والشيعي وهدر الدم السوري

نشر الباحث “د. عماد بوظو” مقالا في شبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن) بعنوان ” أردوغان… الحليف الدائم لإيران ” يفضح به التحالف القذر لتركيا أردوغان خليفة جماعة الاخوان المسلمين مع الولي الفقيه الإيراني ضد ثورة الشعب السوري من اجل الحرية والكرامة… نعيد نشره في موقع مفكر حر نظرا لأهميته

لا يكاد الرئيس أردوغان ينتهي من أزمة ديبلوماسيّة مع إحدى الدول حتّى يبدأ مشكلة جديدة مع بلد أو زعيم آخر. هذه السلسلة من المشاكل المتواصلة تشمل كل دول العالم من الولايات المتحدة وروسيا حتى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من السويد وإسرائيل إلى السعودية ومصر وغيرها. دولة واحدة لم تحدث معها خلال سنوات حكم أردوغان الطويلة أزمة أثّرت على متانة العلاقات الثنائية، وهي إيران.
في 4 أكتوبر 2017، قام الرئيس أردوغان بزيارة إلى إيران رافقه فيها وزراء الخارجيّة والداخلية والاقتصاد والطاقة والسياحة والثقافة، بالإضافة لنائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم. وكان قد سبقهم إلى طهران رئيس الأركان التركي. هذه الزيارة الرفيعة المستوى ليست استثنائية بل هي رابع لقاء قمّة بين الرئيسين أردوغان وروحاني منذ عام 2014، أمّا زيارات الوزراء والقادة العسكريين والأمنيين فمن الصعب حصرها. وهكذا كان الوضع أيام أحمدي نجاد، فمنذ استلام الرئيس أردوغان السلطة والعلاقة مع الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية لها خصوصيتها وتختلف عن العلاقات مع بقية دول العالم.
من البداية عارضت تركيا العقوبات الدولية على طهران من أجل برنامجها النووي. في عام 2010 صوّتت تركيا التي كانت عضوا غير دائم في مجلس الأمن ضد القرار 1929 الذي ينص على توسيع العقوبات على إيران من أجل برنامجها النووي
والصاروخي رغم أن كل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن قد أيدته بما فيهم روسيا والصين، ولذلك فقد تمّ تبنّي القرار، كما أن تركيا هي المكان الذي التفّت فيه إيران على هذه العقوبات، إذ كانت تركيا تستورد الغاز والنفط من إيران وتدفع ثمنه بالليرة التركية لعدم إمكانية دفع أموال لإيران بالدولار عبر النظام المصرفي الدولي في ظل العقوبات، وبما أن إمكانية الليرة التركية محدودة لشراء السلع من السوق العالمية فكان يتم بهذه الليرة شراء ذهب من تركيا ببلايين الدولارات ثم تصديره لإيران. فيما بعد ولرغبة تركيا في تجنّب تسليط الضوء على هذه العملية فقد استعاضت عنها بإرسال الذهب إلى إيران بطريق غير مباشر. نشرت وكالة رويتر في نهاية 2012 تقريرا قالت فيه “لرؤية أحد الشرايين المالية النشطة لإيران ما عليك سوى أن تزور مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول ثم التوجه إلى بوابة الرحلات المتجهة إلى دبي. وأفادت مصادر مطلعة بتجارة الذهب بأن مندوبين يحملون في أمتعتهم ذهبا بملايين الدولارات يطيرون إلى دبي، ثم يتم شحن المعدن إلى إيران”.
وأشارت بيانات رسمية تجارية تركية في شهر آب أغسطس 2012 إلى أنه تم إرسال ذهب بنحو ملياري دولار إلى دبي نيابة عن مشترين إيرانيين، لكنّ بائعي مجوهرات ومحللين في دبي قالوا إنهم لم يلحظوا زيادة في إمدادات لسوق الذهب في دبي وهذا يعني أن الشحنات قد تابعت طريقها مباشرة إلى إيران وغالبا عبر قوارب خشبية وسفن تعبر الخليج، رغم أنه على الورق يبدو كأن الذهب قد تصدّر من تركيا إلى دبي وليس إيران. كما فتحت تركيا حسابا للحكومة الإيرانيّة في “بنك خلق” المملوك للحكومة التركيّة وقامت إيران بتسجيل شركات في الصين تبيع و تشتري فيها بضائع وهمية ثم يتم تحويل الأموال إلى شركات في تركيا لشراء الذهب ليتم نقله إلى إيران. وعند اكتشاف هذه الطريقة للالتفاف على العقوبات، قام مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الجرائم المالية ديفيد كوهين بزيارة تركيا للتحقيق في الموضوع، ثم فرضت أميركا حظرا على تصدير الذهب لإيران فاضطرت إيران لتخزين 13 مليار دولار من الذهب في تركيا كانت قد اشترته قبل الحظر. إن تراكم كل هذه المعلومات بالإضافة للضغوط الدولية قامت الشرطة التركية بفتح تحقيقات حول هذه القضية انتهت باعتقالات شملت مدير “بنك خلق” الذي قالت الشرطة إنها وجدت في منزله 4.5 مليون دولار في علب أحذية، ورضا ضراب وهو إيراني يحمل الجنسية التركية له علاقات تجمعه بأحمدي نجاد الذي أصبح بين عشية وضحاها مسؤولا عن تصدير 46% من الذهب التركي، بالإضافة لعشرين شخصا آخرين مقرّبين من أردوغان، كما أدت التحقيقات في كانون الأول ديسمبر 2013 إلى استقالة وزيري الاقتصاد والداخلية معمر غولر وظافر تشاغلايان. وردّا على ذلك وصف حزب العدالة والتنمية فضيحة الفساد هذه بأنها مؤامرة دنيئة ضد الحكومة والحزب وتركيا، كما هدد أردوغان بقطع أيادي خصومه السياسيين في حال استخدموا هذه القضية لضرب حكمه واصفا ما يجري بأنه حملة لتشويه صورته. وسرعان ما ردّت حكومة أردوغان على ذلك بحملة تم خلالها إقالة عشرات من مسؤولي الشرطة للتغطية على فضائح الفساد وعقابا لهم على دورهم في كشف هذه القضايا وتم اتهامهم بأنهم موالون لجماعة فتح الله غولن وأن هدف قيامهم بالتحقيقات وتسريب أخبارها للصحف هو استغلالها ضد حكم حزب العدالة و التنمية، وهذه القضية تحديدا هي التي فجرت الخلاف المستمر حتى اليوم بين أردوغان وغولن، كما تم اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بأنهم خلف القضية. وفي شباط 2014 نشر موقع فورين أفيرز الأميركي مقالا بعنوان: “تركيا وأميركا الأصدقاء الذين لم يعودوا كذلك”، قال فيه إن هناك استراتيجية دائمة اتبعتها تركيا وهي إلقاء اللوم على أطراف خارجية كلما واجهت مشاكل داخلية حادة، فعندما انفجرت الأزمة مع فتح الله غولن هدد أردوغان بطرد السفير الأميركي!، وهذه الاستراتيجية مستمرة ويمكن ملاحظتها في الأزمة الحالية بين واشنطن وأنقرة.
عندما تمّ توقيع الاتفاق النووي مع إيران عارضته كل دول الشرق الأوسط باستثناء تركيا، وأصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا رحبت فيه بالاتفاق وهنأت الأطراف على جهودهم التي أدت لهذه النتيجة.
حتى في الموضوع السوري، كان لإيران وتركيا دائما علاقة استثنائية مع دمشق وتميّزت علاقة أردوغان مع الأسد بأنها كانت ذات طابع عائلي، انطلاق الثورة السورية أحرج كلا البلدين، لكن إيران حسمت أمرها سريعا ووقفت مع النظام السوري ودعمته عسكريا واقتصاديا، بينما أرسل أردوغان عشرات الوفود إلى دمشق طوال ستّة أشهر طالبا من بشار الأسد تغيير أساليب مواجهته للاحتجاجات الشعبية دون جدوى، حتى اضطر تحت ضغط قاعدته الشعبية لأخذ موقف آخر دون أن تتأثر أبدا علاقته مع طهران واستمرار مساعدتها في الالتفاف والتعايش مع 17 قرار عقوبات غربية عليها. واليوم عاد الأتراك والإيرانيون برعاية الروس للعمل سويّا حول سوريا على مسار غامض أسموه أستانة لا يشير إلى حل أو انتقال سياسي ولا يتطرق لموضوع الأسد، وحتى اليوم يبدو أن هذه الأطراف تعمل بانسجام ولا توجد مؤشرات على خلافات جوهرية بينهم حول هذه القضية.
يجمع الرئيس أردوغان مع النظام الإيراني الكثير من القضايا المشتركة، فكلاهما يقول إنه يمثل الإسلام، وللطرفين نفس الخصم وهو الغرب بثقافته ومفاهيمه وديموقراطيته وقضائه المستقل وصحافته الحرة. ولهم نفس الأصدقاء مثل روسيا والصين وما تبقى من ديكتاتوريات هنا وهناك. ويستخدم الطرفان القضية الفلسطينية ليسوّقوا أنفسهم كزعماء للعالم الإسلامي، كما يشتركان بادعاء أن العالم يتآمر عليهما وأن أي معارضة داخلية لهما هي من أدوات هذا التآمر الدولي. والأهم من ذلك أن الطرفين مازالا في الماضي، أحدهم يبحث عن خلافة ضائعة وآخر يريد الانتقام لثارات طائفية تاريخية، كلاهما يعيش في عالم آخر وعصر آخر.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.